الرأي

تأجيل إعلان الميزانية!

على خفيف



تصريح وزير مجلس الشورى والنواب غانم البوعينين الذي ذكر فيه أن الحكومة ستعلن الميزانية العامة للعامين 2015-2016 في شهر مارس القادم له أكثر من دلالة، أولها أن هذه الميزانية ستحتاج إلى 3 أشهر أخرى لمناقشتها من قبل المجلسين وبذا فإنها ستدخل حيز التنفيذ في منتصف العام القادم وليس في بدايته، وأن الحكومة بدلاً من أن تنتهي من إعداد الميزانية قبل شهرين من انتهاء العام 2014 كما ينص الدستور فإنها ستتأخر هذه المرة خمسة شهور عن هذا الموعد.
هذا التأخير غير الطبيعي قد يرجع إلى تأخر إعلان الوزارة الجديدة، ومعرفة وزير المالية المطلوب منه إعداد الميزانية أو الإشراف على إعدادها، وهذا سبب ضعيف بالنظر إلى أن التوقعات لم تكن تشير إلى تغييرات رئيسة في الحكومة تعطل أو تؤخر إعداد الميزانية أو تبدل من السياسة المالية والاقتصادية للحكومة.
أما السبب الأكثر واقعية لتأخير إعلان الميزانية حتى شهر مارس القادم فيعود إلى «التطورات الاقتصادية» التي شهدها العالم في الفترة الأخيرة وبالتحديد انخفاض أسعار النفط فهذا الحدث الذي أعلن عدد من المسؤولين البحرينيين أن البحرين لن تتأثر بهذا الانخفاض وأن مشروعاتها الحيوية سواء المتعلقة بالقطاع النفطي أو البنية التحتية أو تأمين ورفع المستوى المعيشي للمواطن ستظل كما هي، وأن الدولة لديها ما يعوضها عن تراجع الإيرادات النفطية مشيرين إلى الدعم الخليجي الذي يبلغ في العامين القادمين ملياراً و500 مليون دولار (567 مليون دينار).
وبالطبع، فإن المال المتأتي من الدعم الخليجي معروف مقدماً وسبق أن تم الاستفادة منه في الأربع سنوات الأخيرة ضمن الإيرادات العامة أو الإعانات، وأن تأجيل الميزانية لا علاقة له بحساب هذا الدعم، وبالتالي فالسبب الأكثر أهمية جاء في تسريبات صحفية أشارت إلى أن الميزانية القادمة ستعتمد سعر برميل النفط بين 40 و45 دولاراً وهو ما يوازي 50% من السعر المعتمد في الميزانية السابقة.
هذا الخبر بالإضافة إلى واقعيته فإنه يعني اعترافاً من الحكومة بأن انخفاض أسعار النفط أدى إلى خسارة البحرين 50% من إيراداتها النفطية، وأن معالجة هذه الخسارة الكبيرة تحتاج إلى إجراءات صارمة أقلها تقليل الإنفاق وإلغاء دعم المحروقات وإيقاف هدر الميزانية أيضاً، وهو ما يتطلب العمل المتأني وتأجيل الميزانية إلى شهر مارس القادم.