الرأي

هل أظهر الإقبال الجماهيري أنكم أقلية؟

أبيض وأسود


لا يمكن وصف ما حدث أمس من قوة الإقبال الجماهيري على التصويت بالانتخابات إلا أن نقول إنه كان إقبالاً مبهراً، وإقبالاً مذهلاً ومنقطع النظير. لا أقول ذلك من أجل أن أعظم شيء غير موجود، لكني أقول ذلك لأني شخصياً ذهبت إلى أكثر من مركز للاقتراع، في أكثر من منطقة، فوجدت الإقبال كبيراً جداً، ووجدت الطوابير كثيرة وطويلة، وهذا يجعلنا نؤكد أن الإقبال سيفوق التوقعات بكثير.
لا نعرف الكذب كما تفعل الجمعية الانقلابية، لكني والله أصف ما رأيت بعيني من إقبال كبير وفزعة كبيرة للذهاب للانتخاب والاقتراع يوم أمس.
من فرط زيادة الإقبال كنت أتنقل بين أكثر من مركز للاقتراع بالدوائر الانتخابية، أو من خلال المراكز العامة، ثم ذهبت إلى أكثر المراكز بعداً في جنوب البحرين فذهبت لمركز عوالي، فوجدت السيارات تملأ المكان، ومواقف السيارات ممتلئة، وحجم الناس كبير، وقبل ذلك كنت في مركز وادي السيل الانتخابي، وكانت الطوابير إلى خارج الخيمة الكبيرة.
بعد ذلك قلت سأذهب إلى مركز حلبة البحرين لكونه بعيداً ولا توجد مناطق سكنية تجاوره، فإذا بي أفاجأ بحضور الناس بشكل كبير هناك، فلم يكن من مفر أمامي سوى أن أقف في الطابور الطويل.
أنا لا أتحدث عن شيء لم أره، ولكنني أتكلم عما رأيت بنفسي، في أثناء وقوفنا للتصويت قام المنظمون بتوزيع المواطنين على المسارات على حسب المحافظات، فوجدت أن مسار المحافظة الشمالية ممتلئ وبه طابور طويل، وكانت الطوابير متجاورة عند الباب، وكنت أسمع لهجة طابور المحافظة الشمالية، فوجدت أنهم من أهل القرى.
كلامي هذا موثق وليس كلاماً مرسلاً، فقد وثقت ذلك بكاميرا هاتفي ونشرت الصور بحسابي على الإنستغرام.
يبدو أنهم أتوا من أقاصي البحرين، بحثاً عن الأمان، وهروباً من إرهاب الظلاميين، وهذا يكذب دعوات المقاطعة التي كانت تريد اختطاف إرادة الناس، ولكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً.
أحد الإخوة تحدث معي في مركز انتخابي وقال إنه منذ مدة طويلة لم يأت إلى البحرين وهو يعيش بالخارج، لكنه جاء قبل يومين من أجل الانتخابات والتصويت، ويبدو أنه في بلد ليس به سفارة بحرينية.
أخ آخر تحدث معي حول الانتخابات، فقال أنا كنت سأقاطع الانتخابات لقناعة شخصية لدي ولأن المجالس السابقة كانت ضعيفة، لكن حين عرفت أن دعوة المقاطعة انطلقت من الوفاق، فقررت المشاركة عناداً لهم، وإفشالاً لموقفهم، فلا يمكن أن أقاطع وأصبح في حكمهم.
فشل الوفاق في دعوة المقاطعة، واستجابة الناس للانتخابات حتى من القرى كان قاصماً للظهر، هذه الهزيمة ستلقي بظلالها على حالة الوفاق الهستيرية من هذا النجاح بدأت تظهر من تصريحاتهم، فهم سيروجون إلى أن الانتخابات زورت، فليس أمامهم سوى هذه الكذبة.
حالة الهيستيريا التي أصابت الوفاق وعلي سلمان تحديداً جاءت بسبب الإقبال الكثيف على الانتخابات، وأن مشروع المقاطعة بدا فاشلاً تماماً، جزء من هذه الهستيريا جاء بسبب بيان السفارة البريطانية الذي وصف الإقبال على الانتخابات بأنها «جيدة جداً».
لم تكتف الوفاق بذلك بل صبت جام غضبها على السفير البريطاني، فما ذنب السفير إذا كان يرى الإقبال كبيراً ومنقطع النظير، وأن مقاطعتكم فاشلة؟
هذا البيان أصاب الوفاق وآلتهم الإعلامية بالغضب والهيستيريا التي لا يمكن أن توصف.
في ذات اليوم خرجت تصريحات من علي سلمان يبدو أنها تهديد مبطن، حين قال لوكالة أنباء أجنبية إن «جميع الخيارات مفتوحة..!».
وهذا التصريح يظهر حالة أخرى من الهزيمة، فحين يقول الخيارات مفتوحة، والوفاق خارج اللعبة السياسية، وخارج البرلمان فهذا يعني أنها خيارات تصب في الخانة الإرهابية، وإلا ما هي الخيارات التي يتحدث عنها.
فلا يوجد تفسير آخر لحديثه، ومن هنا فإننا كمواطنين نقول إن تهديداتك ما تحرك شعرة في رأس أصغر طفل بحريني، وأن المهزوم يهدد ويزمجر وهو لا يملك أن يهدد وسط هزائمه الداخلية والخارجية.
لا يعي علي سلمان أن الأمور تغيرت، وأن دعوته للإنجاب تظهر أنه مقتنع من أنه أصبح ضمن الأقلية، وهذه الأقلية تجلت في الإقبال على الانتخابات، وأن المقاطعة كانت تشكل نسبة ضئيلة، لذلك أنت الآن أقلية، ولا يحق لك أن تتكلم باسم الشعب، وكلما مر الوقت ستشعر أنك أقلية أكثر من أي وقت مضى.
هذا الموقف الكبير من أهل البحرين يشبه موقفكم الرائع في تجمع الوحدة الوطنية الأول في 2011، هذه الفزعة تشبه تلك الفزعة، وهذا الضمير والشعور الوطني الرائع لا يمكن وصفه اليوم، سوى أننا نملك شعباً عظيماً، يلتف ويقول كلمته كلما احتاج الوطن لذلك.
الشكر كل الشكر لأهل البحرين الذين خرجوا عن بكرة أبيهم من أجل التصويت، الشكر لأهل المدن وأهل القرى الذين لم يستمعوا لدعوة المقاطع.
هذا الموقف من شعب البحرين، يجب ألا ينسى، ويجب أن يقدر، ويجب أن تبنى عليه مواقف، وتبنى عليه ترتيبات، وتبنى عليه أمور كثيرة في الميزانية العامة للدولة.
** رذاذ
كل الشكر والتقدير للجنة العليا المنظمة للانتخابات على هذا التنظيم الممتاز والذي لمسناه في أغلب المراكز الانتخابية.
كل من ساهم في هذا العمل من شباب وشابات يستحقون الشكر والثناء على جهودهم طوال اليوم، ونتمنى تكريمهم التكريم اللائق.
كل رجال الأمن يجب أن نقول لهم شكراً، كل رجال المرور يجب أن نقول لهم شكراً على جهودكم.
** الناس ذهبت للتصويت في يوم وطني جميل، والبعض جلس يتنفس دخان الإطارات المحترق في مناطقه، هذا قدركم..!