الرأي

«الدعش الأمريكي» أشد مرارة

نبضات


وتعود أمريكا لتمارس دورها البطولي.. تمد يد العون للخليج والوطن العربي المستغيث من لهب الإرهاب، تنتصب على عرشها المعجون بخيبتنا شرطياً للسلام في العالم، ولا ضير أيتها الأمة العربية، فكل حماتها «حراميها».
المواقف المشككة في أهداف الإدارة الأمريكية من حربها على داعش والريبة منها أكبر بكثير من حسن الظن، وقد أشبع كثير من المحللين السياسيين والكتاب الصحافيين موضوع الريبة في حرب أمريكا على الإرهاب الداعشي خلال الأسبوع الماضي، ولعل واحدة من وجهات النظر المهمة والمطروحة في الساحة ما تقدم به الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى في ضرورة التنبه لجذور داعش وعوامل ظهورها وحل المشكلة جذرياً، فالحرب على داعش وحدها دون الوقوف على أسبابها ومصادرها سيخلق دواعش جديدة.
الأسئلة التي يفرضها المشهد السياسي كثيرة.. والسؤال لا يتعلق بأمريكا، فقد كشف الغطاء وأصبح معلوماً للجميع كونها عدواً بحلة صديق، وأنها نظرياً لا تؤتمن البتة، ومما لا شك فيه كذلك أنها متورطة حتى النخاع في أكبر مصائب الشرق الأوسط وأصغرها، كما إنه لا تخلو الحلل الداعشية من رائحة التبغ الأمريكي النتن.
ولكن ما هو حري بنا السؤال عنه هو الخليج العربي، أو بعض منه.. لماذا يدخل الخليج العربي في معركة يعلم منذ البداية أنها في حقيقة الأمر ليست معركته؟ لماذا يكرس أدواته وينازل بما أوتي من قوة في قضية أراد عنوة أن تكون قضيته، وفي الحقيقة هي نزف خليجي جديد بعد تعافيه من أزماته المتلاحقة منذ حربي الخليج الأولى والثانية ومن ثم الربيع العربي، وربما قبل ذلك أيضاً.. قبله بكثير، نزف جديد بعد عمليات تسليح وتنامي القوى العسكرية والمكانة السياسية الجديدة لاسيما تلك التي فرضتها العربية السعودية ولحقتها الإمارات العربية المتحدة.
عندما نقف على سؤال من اختلق داعش، ومن أي رحم دفعت، ونكتشف أن الأمة العربية حملت بداعش بالأنابيب، وولدت قيصرياً في موعد تم تحديده، وعندما نراقب المشهد ونستعيد الذكريات ونرى كيف ترعرعت داعش في كنف سياسة إغماض العين الواحدة وفي كثير من الأحيان سياسة التعامي، ندرك تماماً أن للصناعة أوجه متعددة، وليس ثمة شك من الشراكة الأمريكية في تلك المسألة. وندرك أيضاً أننا نواجه خطر «الدعش الأمريكي» وهو الأشد مرارة من داعش وأخواتها.
إن كنا قد فهمنا المشهد على هذا النحو، هل يمكننا التراجع عن الولوج في الحرب على داعش، وألا نكون طرفاً في قضية نصبت لنا شباكها منذ البداية.. هل مازال ثمة مجال لنرى الطعم وندرك أهدافه قبل التهامه، أم أننا لم نعد نملك الخيار، وأصبحنا في مأزق المثل القائل «إن طفحت أكلك الطير.. وإن غطست التهمك السمك»؟!