الرأي

«لن تحول البحرين إلى عراق ثانٍ»..!

أبيض وأسود



في هذا التوقيت الصعب جداً من الأوضاع الإقليمية والأحداث التي تجري في دول بعيدة وقريبة؛ ينتابنا شعور كمواطنين أننا ننتظر شيئاً ما مجهولاً قادماً، أو أن هناك شيئاً ما يدنو من المنطقه، وقد يبدأ بدول الأطراف ومن ثم ينتقل إلى البقية.
في كل هذا الذي يجري، خرجت أيضاً تصريحات غير متزنة وغير مسؤولة وتستحق أن يحاكم من أطلقها، فقد هدد المدعو علي سلمان بتحويل البحرين إلى عراق ثانٍ إذا لم يحصل على ما يريد، أو إذا ما صدر حكم قضائي بحل جمعية رعاية الإرهاب.
كل هذه الصورة تجعلنا نقول إن على الدولة أن تتخذ قرارات حازمة ومؤلمة وقوية تجعل كل من يمشي على هذه الأرض يخضع للقانون، وإن تجاوزه فهو يخضع للعقاب دون تردد أو تلكؤ.
من الواضح تماماً أن تهديدات بتحويل البحرين إلى «عراق ثانٍ» إذا لم يحصل المتكلم على ما يريد مرت على أجهزة الدولة مروراً عادياً دون أن يتحرك أحد لاتخاذ أي موقف أو ردة فعل قانونية حيالها، ولا أدري هل أجهزة الدولة أصيبت بالتبلد واللامبالاة؟
بالمقابل أيضاً مرت هذه التصريحات على الصحافة وعلى مؤسسات المجتمع المدني بشكل عادي جداً، فلم نعرف موقفاً ولم نسمع أو نقرأ تصريحات أو بيانات من هذه الجمعيات أو المؤسسات، وهذا يعطي مؤشراً أن هناك من أصبح خاملاً لا يحرك ساكناً إلا أن يأتيه أمر.
بينما المؤسسات منبثقة من الناس لا ينبغي أن تعمل بالتوجيه، وتعمل بالحس الوطني وما يمليه عليها الظرف الزمني والموقف السياسي.
بالأمس وخلال مجلس صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء، عرج سموه كعادته على أحداث داخلية وخارجية، وتوقف سموه رداً على أحد الحضور وقال: «بإذن الله وبقوته لن تتحول البحرين إلى عراق ثانٍ وأنا موجود».
وقال الأمير خليفة بن سلمان «لن نتخلى عن مسؤوليتنا تجاه شعبنا وأهلنا، وسنتصدى لكل من يسعى لتهديد الأمن والسيادة لوطننا، وقد وقفنا من قبل مراراً وتكراراً، وسنقف مجدداً في وجه أي تهديد يواجه شعبنا».
أيضاً تحدث سمو الأمير عن الأحداث الإقليمية وقال: «من يتغدى بجارك.. بيتعشى فيك، علينا أن نتعظ وأن نتماسك، وأن نعمل لمصلحة وطننا».
لن أستطيع أن استعرض كل ما تفضل به صاحب السمو الملكي، غير أن كل ما جاء على لسانه من حديث جميل ويخرج من القلب، هو فعلاً ما يجول في صدور أهل البحرين، وتحدث سموه بما يتحدث به الناس من مشاعر ومواقف وطنية.
كلام سمو دائماً يثير فينا شغف الكتابة، اليوم أقول إن ما يجري حولنا يحتاج إلى موقف متكاتف من أهل البحرين جميعاً، ومن الدولة التي تملك سلطاتها التي تحتاج إلى أن تفرض فرضاً.
لن ينفع البكاء على اللبن المسكوب حين تأتي الموجة وتدفعنا دفعاً، لا نعرف ما هي الموجة ومن خلفها، لكن إن أتت فلن ينفع التحرك في لحظتها، فتلك ساعة فوضى وساعة غبار كثيف، لن ترى فيه ربما أقرب الناس مسافة إليك.
لا نتمنى أن يحدث ذلك، وندعو الله أن يحفظ البحرين وأهلها وأهل الخليج، لكن الأمر ليس بالتمني وإنما بالعمل، وهذا أيضاً شدد عليه الأمير خليفه بن سلمان أمس، وطالب الحضور بالعمل، والعمل من أجل هذا الوطن.
موجات الفوضى التي تضرب العراق، وليبيا، وربما اليمن، والحرب في سوريا، والحرب في غزة إنما يتم دفعها دفعاً تجاه هذه الدول عبر مخططات أمريكية قديمة، أسلوب تفتيت المفتت نراه اليوم أمام أعيننا، وأسلوب إشعال الحرب والاقتتال بين أبناء الشعب الواحد وضرب هذا بذاك نراه في العراق وليبيا واليمن.
إنهاك الدول من الداخل وإشعالها وجعل الفوضى هي التي تحكم حتى تنهار الدول الكبيرة؛ هذا هو مخطط اليهودي لويس برنارد.
نحن نتفرج على كل الذي يحدث في دول عزيزة وشقيقة، وكان هذا المخطط يراد له ان يحدث في مصر، ويراد له أن يحدث في السعودية، وكرة الثلج أو النار تتدحرج ولا نعرف أين تقف، ولكن الله سلم مصر، وأعتقد أن مصر اليوم تحتاج إلى لملمة جراحها ونزع ما تبقى من توتر داخلي، حتى تعود مصر كما نريد ونتمنى محوراً عربياً قوياً.
الوضع الإقليمي معقد، وما يجب أن ننشغل به ونحن دولة صغير هو وضعنا الداخلي، فحتى حين أردنا تطبيق القوانين في بعض الأمور طبقناها بطريقة «القانون الأعور»..!
نملك كل شيء وكل القوة والإثباتات على من نراه بأم أعيننا يتجاوز القانون، ولكننا نترك رأس الفتنة ونمسك «بالعجاوي»..!
رص بنيان وضعنا الداخلي هو المطلوب، إغلاق الثغرات هو المطلوب، قطع أيادي وألسنة الفتنة هو المطلوب، تطبيق القانون على الجميع بعينين مفتوحتين وليس بعيون «عورة» هو المطلوب.
أعود لأقول حمانا الله من الفتن والأزمات، لكن حين تأتي الموجة، لن يكون هناك وقت لتصحيح الاعوجاج أو تدارك الأمر، الوقت متاح اليوم، وغداً لا نعرف ماذا يجري..!