الرأي

جامعاتنا المحترمة.. جاري البحث عن «حرية البحث العلمي»

نبضات

تتمتع الجامعات المحترمة في شتى بقاع العالم بممارسة تقاليدها العلمية بمستوى عالٍ من الاحترام، تقديراً لمكانة العلم وتقديساً لحرمه، وتتضمن التقاليد العلمية في الجامعات العالمية العريقة نحو جامعة هارفرد واستانفورد وبرمنجهام، أن توكل مهمات البحث العلمي للمجالس العلمية المختصة والتي تحدد بدورها بالشراكة مع الباحث، موضوع الدراسة وإطارها المنهجي، كما تقوم بدورها بمتابعة نشاط الباحث العلمي وتقييمه وإصدار قرار قبول أطروحته من عدمه. وهو الأمر الذي تنفرد به المجالس العلمية فقط، إذ لا دخل للمسؤولين الآخرين بالجامعات بهذا الأمر، فضلاً عن صغار الموظفين.
وقد نصت كل القوانين والدساتير العالمية على حرية البحث العلمي، وهو ما أسهم في نهضة علمية لافتة في التاريخ البشري، ومملكة البحرين.. واحدة من الدول التي أولت البحث العلمي أهمية في دستورها إذ نصت المادة (23) منه على ذلك بما نصه؛ «حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون، مع عدم المساس بأسس العقيدة الإسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة أو الطائفية».
ويأتي ذلك الاهتمام والإجماع العالمي على حرية البحث العلمي، لما له من أهمية بالغة في الوصول إلى الحقائق وتطور البشرية جمعاء في مختلف الأصعدة، ويقيناً بأن تقييد البحث العلمي يقتل الإبداع، ويهدر الجهود في دراسات لا تحقق فوائدها المرجوة، غير أن بعض الجامعات في مملكة البحرين تجاوزت على التقاليد العلمية لاعتبارات حزبية، أو مذهبية، أو مزاجية، أو شخصية، في تجاوز لافت كذلك لدستور مملكة البحرين وتعدٍ على الحريات الممنوحة من خلاله.
قيل في الأثر «حمار الوزير أكبر من الوزير»، ويبدو أن بعض المسؤولين في جامعاتنا فتحوا الآفاق واسعة لصغار موظفيهم ليتقمصوا شخصياتهم ومراكزهم بجهالة، في محاولة لفرض وجودهم الأيديولوجي بعيداً عن السياق العلمي، ما أدى لتقديم قرارات غير صائبة تلقي بآثارها العكسية على حرية البحث العلمي وما يمكن أن يتحقق من فائدة من خلاله، وفي هذا تدخل في شؤون اللجان العلمية، وهو ما لا يجوز في الجامعات المحترمة.
وبالمناسبة.. فإن التقييم المادي والمعنوي للأساتذة المشرفين في بعض الجامعات هو دون المستوى المطلوب وهو ما يلقي بآثاره على البحث العلمي كذلك.. وإنما إن دل على شيء فإنما يدل على القيمة التي توليها الجامعات لأهم ركيزة ومحرك لنشاطها وممارساتها العلمية، وهو البحث. فإن كان ما يتحصل عليه هؤلاء الأساتذة من تقييم وتقدير بهذا المستوى من الضعف المخجل، فإنما نقول على جامعاتنا وجدية دراساتنا العلمية السلام، وبملء الأفواه يمكننا القول؛ جامعات تجارية كهذه لا حاجة لنا بها.
- انفجار النبض..
تحياتي لمجلس التعليم العالي..