الرأي

عليكم ببناء 30 مسجداً آخر يا دولة..!!

ابيض و اسود



جبلنا هنا في هذا الوطن على محبة الجميع، وعلى أن نحترم الآخرين مهما بلغت درجة الاختلاف بيننا وبينهم، بل إن أهل البحرين الحقيقيين في فرجانها العتيقة في كل مكان من هذا الوطن قد تربوا على احترام الأديان والمذاهب حتى أصبحت البحرين -ولله الحمد- وطناً للأجانب الذين يفضلون العيش بها.
من هنا فإنني أحترم كل الأديان وكل المذاهب، ونترك الاختلاف لأصحاب الاختلاف، أما نحن البسطاء فنحترم الجميع ونقدر الجميع، أملاً أن يكون الآخر يحمل نفس النهج والفكر في احترامه لديننا ومذهبنا.
وجدت أن أوضح ذلك قبل أن أذهب إلى ما أنا بصدده اليوم؛ وهو قيام الدولة مؤخراً بتخصيص ميزانية كبيرة للأوقاف الجعفرية دون أن تخصص ذات الميزانية للأوقاف السنية، بل لم تلبث الدولة عبر كل وسائل الإعلام التابعة لها اليوم إلا أن تتفاخر بأنها أنجزت ما أملاه عليها وعلينا البرفسور بسيوني المحترم، وهو إعادة بناء مساجد قيل إنه تم إزالتها لأنها لم تبن بترخيص من الدولة، كما أن بعضها أقيم على أرض مغتصبة ولا تتبع الأوقاف الجعفرية.
هل تعلم الدولة ماذا فعلت اليوم..؟
حين استجبتم إلى تنفيذ توصيات بسيوني (وكأن الدولة أقرت أن يتم بناء مساجد أو أماكن دينية دون ترخيص أو بطريقة فرض الأمر الواقع، وهذا ما حدث وما زال يحدث حتى اليوم) شعرنا أن الدولة تقول للناس هكذا؛ أنا أرضخ وأستجيب، وليس هذا وحسب بل تقوم الدولة بتخصيص 3 ملايين دينار ونص من أجل إعادة بناء أماكن دينية مخالفة في الأصل.
ماذا تريدون أن تقولوا للناس؟ تريدون أن تقولوا إن عليكم انتهاج ذات الطريقة، بناء الأمر الواقع، خاصة على الطرقات العامة كما يفعل البعض، وكل ذلك بسياسة ممنهجة لتغير هوية المناطق من خلال المساجد أولاً؟
خلال البرلمان الماضي تقدم النائب السابق محمد بوقيس بسؤال إلى وزير العدل والشؤون الإسلامية حول بناء سبعة مساجد في مدينة حمد، بينما جاءت إجابة الوزير في 2014 إن الوزارة ستبني هذه المساجد التابعة للأوقاف السنية، لكن يبدو حتى الساعة أن إجابة الوزير لم تتم، وإلا لتم افتتاح المساجد مع التي افتتحت.
الدولة تتفاخر ببناء 30 مسجداً لأن بسيوني أمر بذلك، بينما يقبع أهالي مدينة حمد في ردهات النسيان، ومساجدهم في الشتاء والصيف لا تعدو كبائن متهالكة، فيا وزير العدل والشؤون الإسلامية، أين العدل في هذا الأمر؟
نسأل وزارة العدل ونسأل الأوقاف السنية؛ كم من المساجد في مناطق البحرين تحتاج إلى إعادة بناء أو تحتاج إلى استبدال الكبائن بمساجد حقيقية؟
هل لديكم إحصائية بذلك؟
3 ملايين دينار ونصف خصصت للأوقاف الجعفرية؛ فأين الدولة من تخصيص مثلها للأوقاف السنية..؟
أم أن الدولة تستجيب فقط لمن يقوم بالبناء خارج القانون أو بفرض الأمر الواقع؟
ذهبت ذات يوم لأصلي في مسجد ليس ببعيد عن قصر القضيبية العامر، وكان المسجد صغيراً، لكنه جميل جداً، ويمثل البناء التراثي القديم لمساجد البحرين، لكنه يحتاج إلى اهتمام ورعاية من الدولة.
إذا كانت «الثقافة» كوزارة أو هيئة أو إدارة تهتم بالتراث، فلماذا لا ترممون هذا المسجد وتجعلونه مسجداً جميلاً أو تتم توسعته (اعتبروه تراثاً يا أهل الثقافة ولا تعتبروه مسجداً)..! «عاد مادري وين راحت الثقافة الحين، تبع الإعلام أو هيئة، والله ما ندري وشصاير بهالبلد، كل يوم فك وتركيب للوزارات.. ضعنا في الطوشة»..!
في ذات سلسلة المفاخرة التي تقوم بها الدولة بين الحين والآخر، هو ما تقوم بنشره من أن الأماكن الدينية للأوقاف الجعفرية تشكل ثلاثة أضعاف مساجد أهل السنة والجماعة، ونحن نحترم كل المذاهب والأديان، لكن الدولة اليوم أضافت رقماً آخر على الأرقام السابقة وأعلنت عن بناء 30 مسجداً جديداً للأوقاف الجعفرية، فكم أصبح الفارق الآن؟ ولماذا هذا التباين في الأرقام ولمصلحة من؟
قليلاً من العدل يا وزارة العدل ويا دولة، تخصيصكم لـ 3 ملايين دينار ونصف للأوقاف الجعفرية تتطلب منكم العدل وأن تخصصوا ذات المبلغ للأوقاف السنية من أجل بناء وإعادة بناء المساجد التي يرثى لحالها في مناطق كثيرة من البحرين.
اليوم أنتم تعدون برنامج عمل الحكومة، ونتمنى أن يتضمن هذا البرنامج وضع خطة لتعديل كفة الميزان بين إدارتي الأوقاف، فلا ينبغي أن نستمع إلى بسيوني، ولا نستمع إلى أهل البحرين.
ولا ينبغي أن نضع ميزانية هنا ولا نضع ميزانية لمن يلتزمون بالقانون، ولا يقومون ببناء مساجد خارج إطار القانون، إن في هذا لظلم كبير، ولا نتمنى أن تكيل الدولة بمكيالين بين الوقفين، لذلك عليكم ببناء 30 مسجداً آخر حتى تستوي الكفة.