الرأي

تعذيب النساء وتصويرهن في حمامات السجن.. و«حمائم السلام» صامتة!

اتجاهات



الجمعية الانقلابية في البحرين الولائية لإيران لم يتبق لها سوى المساحة الإعلامية التي تتحصل عليها من إعلامها داخل البحرين، والذي ها هو اليوم يصل بمستواه إلى أدنى خطابات التوسل ويتباكى على المصالحة والتسامح ونبذ الطائفية، متناسياً أنه كان أحد أبرز محركات إثارة الفرقة والفبركة وتضخيم الأحداث وزيادة «البهارات» ودعم مخطط الانقلاب في عام 2011، وأنه مازال يمارس هذا الدور لكن بأسلوب الانحناء أمام الرياح القوية تارة حتى لا تقتلعه، وبأسلوب الضرب الخفيف المتواصل من تحت الحزام.
ما يعول عليه علي سلمان الذي هدد الدولة مراراً وتجاوز حدوده في المرة الأخيرة ولوح بكلام عن سلاح ومعركة وغيرها، ما يعول عليه هم رفقاء الدرب السابقون، هناك من سيحاول أن يتوسط ويشور، وهناك من سيجاهد إعلامياً من أجله، رغم أن إخوته الأعداء في لندن كثير منهم شامت به، ورغم أن فرقاءه من مطلقي التحالف من أجل الجمهورية فرحون بأخذه جزءاً مما أخذوه من نتيجة التمادي في التحريض وبث الكراهية ضد الدولة.
الوفاق تستصرخ أقلاماً وأصواتاً وصحفاً وكل من يمكنه أن يكتب اسمها ويرسله في الفضاء الإلكتروني، وطبعاً أكثر المطلوبين من هؤلاء أصحاب الخبرة في الفبركة والتزوير، ومن لديهم القدرة على التلون في الكلام والموقف، مثلما فعلت الوفاق وقالت «إسقاط النظام» عادت لتقول «إصلاح النظام» وتنفي كلامها الأول وصورت نفسها أنها «حمامة سلام»، مثلها من تحدث بكل عنصرية وطائفية وازدراء للآخرين في مساحته أو حساباته وبعدها يعود ليتغنى باللحمة الوطنية ويدعو للتلاحم ونبذ كراهية الآخرين، محولاً نفسه لـ»حمامة سلام» أخرى، وغيرهم من نفس الشاكلة، والذين يرد عليهم بأنه وجهوا خطاباتكم لأنفسكم أولاً، فأنتم أكثر من يستحقه.
لكن من يحاول ممارسة الفلسفة والتنظير على البحرين وشعبها، ويفعل ذلك تحت مسميات حقوق الإنسان وحرية الرأي والحديث بشفافية وصراحة، لماذا لا يمتلك جرأة التعامل مع القضايا المختلفة «أقلها العربية وتلك التي تمس البحرين» باستخدام المبادئ التي يدعي الدفاع عنها واستخدامها في عمله؟!
أمثلة صريحة «ينشل» إزاءها لسان كل شخص يحمل حقداً وضغينة للبحرين وأهلها المخلصين، ويحمل عقله مخططات ودسائس ومكائد لزعزعة استقرار البلد والإسهام في اختطافه.
لماذا سكوتهم عن التطاول الإيراني على البحرين، وعن تهديدات حزب الله الإيراني وأمينه العام، وعن تهديدات الصدر، وتصريحات كل أتباع نظام المرشد الإيراني الطامع في البحرين؟! أليست هذه أموراً تستهدف البحرين بلدهم، أم أن القلم يرفع عنها لأنها تأتي من جهات لا يمكن للوفاق ولا أي شخص يقف معها ولا أي تابع لها ولا أي متبن لنفس الهدف الذي تحلم به.. من المحاذير التي يستحيل الكلام عنها؟!
من تبلى على البحرين بأوصاف واختلاق أوضاع «فنتازية» من «خياله» ليخبرنا عن موقفه من الوضع الإنساني في إيران. لسنا نريد وصفاً على غرار الأوصاف التي توازي جرائم الفاشية والنازية وحتى الصهيونية، بل نريد تعليقاً «صريحاً وحيادياً» من منطلق مبادئ حقوق الإنسان والعدالة والمساواة ونبذ الطائفية التي يدعونها. ولسنا نتحدث هنا عن عشرات آلاف قتلوا وأعدموا بدون محاكمات في زمن الثورة بعد سقوط الشاه، ولا عن أهل المذاهب الأخرى المستهدفين في مذهبهم وممارسة عبادتهم بشكل يعرفه الجميع، بل أقلها تعليق على حوادث وقعت مؤخراً هناك، ونجزم بأن من تعاطى بحرقة قلب مع العمل الإرهابي في باريس وصور نفسه أنه «حمامة سلام» لن يغض طرفه أبداً عن أعمال تزيد بشاعة وهولاً تحصل في إيران، أليس كذلك؟!
قوات الأمن الإيرانية اعتقلت مؤخراً الرسامة الناشطة في مجال حقوق الطفل، أتينا فرقداني، وقاموا بضربها أمام عائلتها، وذلك بسبب نشرها «فيديو» تتحدث فيه عن تعرضها للتعذيب النفسي والجسدي. اعتقلت ووجهت لها محكمة الثورة اتهامات عديدة فقط لأنها قالت بأنه تم إجبارها على خلع ملابسها بالكامل أثناء اعتقالها وكشفها لوجود كاميرات تصور النساء في حمامات قسم النساء في سجن «إيفين»، وعن حالات تعذيب للنساء في السجن الذي تشرف عليه استخبارات الحرس الثوري الإيراني.
أليست هذه حادثة إنسانية تتناقض مع أبسط حقوق الإنسان، وفيها تعدٍّ على النساء بشكل مريع؟! طبعاً هذه واقعة لو نشرتها كل وكالات الأنباء العالمية، فلن تجدوا لها أثراً أو صدى لدى الوفاق وأتباعها ولا إعلامها، فهي تمس «العزيزة جداً» إيران، تمس «الجمهورية الكاملة» التي هي قطعة من الجنة، ولا يجرؤ أحد منهم على التلفظ بحرف عنها.
حتى المعارضة الإيرانية لا يوجد لها أي توصيف أو ذكر لدى الوفاق وأتباعها وإعلامها، فلا هم يعرفون مير حسين موسوي وزوجته زهراء رهنود ولا مهدي كروبي المفروضة عليهم الإقامة الجبرية منذ أربع أعوام دون توجيه أي تهم لهم. ولا هم يعرفون مريم رجوي، ولا يعرفون عشرات آلاف الإيرانيين المهاجرين من بلادهم والمنتشرين حول العالم بسبب الظلم والضيم والاعتقالات والتعذيب. وطبعاً الحديث عن «سنة» إيران من الاستحالة أن يتطرق له مدعي الدفاع عن حقوق الإنسان هؤلاء.
وعليه من يحاول التذاكي على الناس ويصور نفسه على أنه «حمامة سلام» اليوم بعد أن أدرك أن إسقاط النظام وتخطي غالبية الشعب المخلص بشيعته وسنته ما هو إلا مثل الذي يحفر جبلاً بملعقة بلاستيكية، عليه أن يدرك بأن «التلون» في الكلام، وإيراد الفضائل والدعوة للمثاليات والأخلاقيات لا يمكنها محو الصورة السابقة التي طغت في فترة ظنوا أنهم أسقطوا البلد واحتلوها، على حد وصف السنكيس وقوله لأتباعه وأتباع الوفاق «احتلوا» المباني.
من يقول بأنه يدافع عن حقوق الإنسان ويدين منتهكيها، يدافع عن جميع البشر مهما اختلفت ألوانهم ومذاهبهم وأفكارهم وانتماءاتهم، ويدين وينتقد كل نظام مهما كان دينه ومذهبه وتوجهاته. لكن من يسن قلمه على البحرين ويصدح بقمة رأسه ذاماً فيها، وهو في نفس الوقت ساكت عن إيران وربيبتها سوريا وسفاحها، ما هو إلا طائفي حتى النخاع، تابع مطيع لهؤلاء إلى درجة لا يجرؤ فيها على التفوه بحرف واحد ضدهم، هؤلاء من الأفضل لهم أن يتعالجوا من «الشيزوفرينا» التي يعانون منها قبل أن يمارسوا نصح الآخرين.