الرأي

الموقف السيادي.. وهذه أسئلتي!

أبيض وأسود









لا أعــــرف؛ ولا أريد أن أكــــون متفائلاً أكثر مما يجب، لكني شعــرت بعد القرار البحرينــي بطرد مساعد السفير الأمريكي أن الدولـــة البحرينيــة بـــدأت تتحكم وتمسك بخيوط اللعبة أكثــر من أي وقت مضى بعـــد عام الانقلاب.
للمرة الأولى وربما منذ زمن طويل لم نشعر كمواطنين بهذا الشعور الذي ينتابنا اليوم من بعد أن قامت وزارة الخارجية بإصدار بيانها المقتضب والذي أوقف مسلســل التراجعات، ومسلسل الأبواب المفتوحة للمتآمرين علينا.
البعض منا لم يصدق الخبر للوهلة الأولى، لكنه اتضح أنه حقيقي وواقعي، وأعتقد أن هذا الأمر كان يجب أن يحدث منذ فترة طويلة؛ لكنه جاء متأخراً، وخيراً من أن لا يأتي أبداً، وأنا هنا أريد أن أشكر كل من وقف خلف هذا الإجراء السيادي. فهذا موقف قوي وكبير ومؤثر على مستقبل البحرين، وعلى من يريد أن يتدخل في شؤوننا.
حتى وأنا أخشى حالة التراجع البحرينية.. إلا أني أشكر كل من كان خلف هذا الموقف الكبير، وأعتقد أن أهل البحرين يقولون ذات ما أقول، لكن مع كل هذا استوقفتني مجموعة أسئلة أجدها هامة لتطرح على الأقل حتى نفهم الموضوع، أو لنتعلم من الأخطاء لنتداركها في المرات القادمة.
السؤال الأول؛ ما هو موقف البحرين من التحدي الأمريكي الذي قال إن مساعد وزير الخارجية باق بالبحرين؟ وهل بقاء مالينوسكي هو من أجل أن يقوم بجولاته ولقاءاته مع ذات الأطراف التي قصدها بشكل طائفي وفئوي؟
السؤال الثاني؛ جاء في بيان وزارة الخارجية البحرينية أن أحد أسباب طرد مساعد وزير الخارجية الأمريكي هو الالتقاء بطرف دون آخر؛ فلو كان مساعد وزير الخارجية قام بلقاءات مع الطرفين المعنيين (مثلاً) هل سيعتبر ذلك عدم تدخل في الشؤون الداخلية؟ بمعنى هل يصبح عمله تدخلاً حين يجتمع مع طرف واحد فقط، ولو اجتمع مع طرفين فإنه ليست تدخلاً؟
السؤال الثالث؛ أليس من المفترض أن يكون جدول زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي لدى وزارة خارجيتنا قبل أن يأتي إلى البحرين بفترة كافية؟ بمعنى أن الوزارة يجب أن تكون على علم بجدول الزيارة وتاريخها وجميع اللقاءات، خاصة أنها زيارة لمساعد وزير الخارجية الأمريكي، وهو لم يأت للبحرين للسياحة في صيفنا الحار أو حباً في رطب البحرين..!
السؤال الرابع؛ هل كانت زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي زيارة رسمية للبحرين؟ حتى اليوم لم أجد أن مساعد وزير الخارجية الأمريكي اجتمع مع أي مسؤول بحريني، وهذا يعني أنه جاء خصيصاً ليجلس مع من يتهمون أمريكا أنها الشيطان الأكبر، فكيف يحدث هذا؟
السؤال الخامس؛ نشرت جريدة الشرق الأوسط خبراً يقول إن سبب الطرد هو رفض المسؤول الأمريكي مرافقة أي ممثل لوزارة الخارجية خلال لقاءاته بالبحرين، وإن كان هذا صحيحاً، فهذا أكبر خلل في سيادتنا على أرضنا وقوانينا، فتعديلات القانون البحريني تنص على مرافقة أي مسؤول خارجي يزور البحرين لعقد لقاءات ممثلاً عن وزارة الخارجية.
السؤال هنا؛ ألم تقم وزارة الخارجية بتوضيح تعديلات القوانين إلى السفارات الأجنبية، وإن كانت فعلت فإن هذا يدين عمل مساعد وزير الخارجية الأمريكي.
السؤال السادس؛ مالينوسكي جاء للبحرين ليعقد لقاءات في غالبيتها هي مع أطراف معينة وأغلبها إما يدعم العنف أو أن تلك الأطراف لا تدين العنف والإرهاب صراحة.
وإليكم جانباً من مجموعة اللقاءات التي عقدت أو التي كانت ستعقد بين مساعد وزير الخارجية وأطراف أخرى: اجتمع مع جمعية الوفاق في مقرها في أول زيارته، وكان مقرراً أن يذهب لبيت نبيل رجب على مائدة الإفطار (الجماعة صايمين الظاهر)، وكان مقرراً أن يذهب لزيارة عائلة الشيخ عبدالأمير الجمري، واجتمع مع أطراف من يطلقون على أنفسهم أنهم معارضة، وكان مقرراً أن يعقد اجتماعاً آخر مع أطراف أخرى تحت ذات العنوان، وكان مقرراً أن يجتمع مع الشيخ سلمان ميثم، كما اجتمع مع ما يسمى بممثلين عن جمعيات حقوق الإنسان المنحلة.
كل هذا الجدول من الزيارات ماذا يوحي للمراقب؟
أليست الزيارة لدعم أطراف ضد أخرى؟
السؤال أيضاً هل هذه الزيارات أقرتها وزارة الخارجية البحرينية؟
أتمنى لو أني أحصل على إجابة عن تلك الأسئلة، غير أني مازالت فرحاً بموقف الدولة البحرينية الذي أشعرنا أن لنا بيتاً، والبيت به جرس، والجرس به كاميرا، ومن أراد أن يدخل عليه أن يستأذن بأدب أولاً، والقرار لأهل البيت يدخلون من يريدون ويصرفون من يريدون.
نعلم حجم وقوة العلاقة بين البحرين وأمريكا، لكن هذه العلاقة مرت بمنعطف خطير بعد مؤامرة الانقلاب، وأمريكا ليست بعيداً عنها، والظاهر لنا من واقع مشاهدة وقراءة الأحداث أن الأمريكان كما هي عادتهم يملكون وجهين، يذهبون للدولة ويقولون إن العلاقة مع البحرين مميزة واستراتيجية وإن البحرين حليف قديم وهام بالمنطقة، إلا أنهم يذهبون أيضاً إلى الطرف الآخر ويقولون له كلاماً آخر، فيقولون مثلا نحن معكم وندعمكم وسنضغط على الحكومة البحرينية من أجل كذا وكذا وكذا، هذا هو الواضح لأي قارئ.
وفي النهاية فإن الأمريكان لا يهمهم هذا الطرف أو ذلك، تهمهم مصالحهم، وأي طرف يحقق لهم مصالحهم بالمنطقة سيضعون يدهم بيده.
الموقف البحريني القوي محل اعتزاز وتقدير من جموع المواطنين، وهو رسالة قوية ليست لأمريكا فقط وإنما لأطراف عدة؛ أوروبية أو روسية، وأن الموقف أيضاً رسالة قوية للداخل ولمن يستقوون بالخارج.
أمريكا اليوم دخلت مرحلة الضمور في دورات الكون لتعاقب الحضارات. وأعتقد أنها ليست أمريكا التي كانت في القرن الماضي من حيث قوة الاقتصاد الذي هو أساس القوة العسكرية، فلا يمكن لأي دولة أن تشن حروباً واقتصادها يعاني من الهزات والديون، وإذا دخلت حروباً فإنها تبحث عن من يسدد فواتيرها، فلا ينبغي ان نضخمها كثيرا، فقد اصبحت هناك دول كثيرا تهز امريكا وتزجرها اذا تطلب الامر، والامثلة كثيرة.
في اعتقادي ان صلابة الموقف البحريني مطلوبة، والثبات على الموقف المطلوب، وتحديد أدوار المسؤولين الذين يدخلون البحرين بمعرفة مسبقة لجدول زياراتهم مطلوبة أيضاً.
الموقف البحريني الأخير لا يمكن أن ينفصل على الإطار الخليجي، وأعتقد أن ضوءاً أخضر أعطي للبحرين من أجل أن تتخذ مثل هذا الموقف.
** رذاذ
توقفت أمس عند مقابلة تلفزيونية لقناة الـ بي بي سي البريطانية أجريت مع نبيل رجب بعد خروجه من السجن بأسبوعين، فبعيداً عن حالة الارتباك التي كان عليها رجب من بعد أسئلة صريحة وقوية من مقدمة البرنامج، إلا أنه قال كلاماً في اعتقادي يستوجب التوقف عنده.
قال إن ما تقوم به البحرين هو نفس ما تقوم به الدولة الصهيونية، وهو يشبه البحرين بتلك الدولة الصهيونية وبممارساتها، وهذا التشبيه في اعتقادي يستوجب التوقف عنده إن كان مخالفاً للقانون، وهو تشبيه خطير جداً لا ينبغي أن يمر مرور الكرام.
أيضاً، قال رجب في رده على أحد الأسئلة إنه شخصياً وبقية الجمعيات يستطيعون وقف العنف بشرطين اثنين، وهذا أيضاً يظهر أن هناك علاقة قوية بين من يمارس العنف وبين الجمعيات ونبيل رجب، فمن يوقف العنف هو الذي يطلق العنف؛ أليس كذلك..!
وإن كان رجب يرفض العنف كما يدعي في تصريحاته؛ فلماذا لم يوقف العنف وهو يملك أن يفعل كما يدعي؟