الرأي

جسر الملك حمد

نقطة نظام



خرجت القمة البحرينية السعودية أمس بأمرين مهمين على صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين، أولها هو إقرار خادم الحرمين الشريفين على خطة حماية الحدود، والآخر هو إنشاء جسر ثانٍ تحت اسم جسر الملك حمد.
بعد أعوام عديدة من إنشاء جسر الملك فهد، جاء جسر الملك حمد ليعيد لنا مسيرة تاريخية طويلة بين البلدين، فلاتزال صورة المغفور له بإذن الله تعالى صاحب العظمة الأمير عيسى بن سلمان آل خليفة مع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وهم يفتتحان الجسر، وها هو التاريخ يعيد نفسه.
ماذا يعني جسر جديد يربط شمال البحرين بالسعودية؟ يعني أن هناك تداخلاً وامتزاجاً أكبر بين البلدين، حتى يصبحان جسداً واحداً لا ينفصل، ويعني أن العلاقات ستصبح أمتن من السابق، وأن الحركة ستزداد وتيرتها من هنا إلى هناك.
إن إنشاء جسر جديد بين البحرين والسعودية له أبعاد سياسية ودبلوماسية، ويحمل في طياته رسائل قوية إلى الخارج، فمثلما كانت هناك أحقاد تحاول قطع الطريق بين البلدين وفك الارتباط في الجسر الأول، جاء الجواب ببناء جسر ثانٍ قد يكون أضخم من الجسر الأول.
إن الربط البري بين البلدين يعزز العلاقة والارتباط الثنائي، كما يعتبر محفزاً لبقية دول الخليج لتتخذ موقفاً مماثلاً يدعو إلى الارتباط الأخوي بهذا الشكل وهذي الصيغة العميقة، الأمر الذي يرسخ الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل أكبر.
لا نستبعد أن تتضخم العلاقات البحرينية السعودية أكثر من ذلك، فالقيادتين تعي جيداً أن التقارب أكثر وأكثر هو أكبر رد على من كان يتربص بأمن الخليج ويحاول قدر المستطاع تحريك أدواته من أجل زعزعة الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحساسة، بل وإن هذا الجسر يعتبر قفلاً ثانٍ في وجه من كان يظن أن البحرين ستكون بوابة سهلة للعبور إلى الخليج.
تأتي هذه القمة، لتدشين مشروع أمني كبير حيث افتتح العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز المرحلة الأولى من مشروع السياج الأمني على حدودها الشمالية مع العراق بطول 900 كيلومتر، وبلا شك أن هذا السياج الأمني جاء في توقيت تزايدت فيه التهديدات الأمنية الآتية من العراق، من أكثر من جهة.
ويعد هذا المشروع الأمني الأضخم في المنطقة، الأمر الذي يؤكد أن المملكة العربية السعودية لن تدخر جهداً في اتخاذ أي تدابير لحماية أمنها مهما كانت ضخامة هذه التدابير، وإن مثل هذا السياج من شأنه أن يكون سياجاً عازلاً للأخطار الذي يحملها التطرف بكافة صنوفه وأشكاله من الشمال.
ويضم المشروع المقام على الحدود مع العراق ستة قطاعات في كلٍ من مدن طريف وعرعر والعويقلة ورفحاء والشعبة وحفر الباطن، وتتم حماية الحدود فيها عبر ساترين ترابيين وسياجين. كما عززت الحدود بأبراج استشعار، إضافة إلى كاميرات تعمل بالأشعة فوق البنفسجية مرتبطة عبر الألياف البصرية بثمانية من مراكز القيادة والسيطرة . وبالمشروع كذلك 32 مركز استجابة مجهزاً بثلاث فرق للتدخل السريع، و38 بوابة خلفية وأمامية مزودة بكاميرات مراقبة، و78 برجاً للمراقبة والاتصالات بالمشروع و50 كاميرا نهارية وليلية و10 عربات مراقبة واستطلاع. ويبلغ عدد المتدربين في المشروع 3397 متدرباً، وعدد المدربين 60 مدرباً لاستدامة التشغيل.
ولا عجب أن تكون السعودية هي صاحبة أطول مشروع أمني في العالم، في ذات الوقت يبين لنا هذا المشروع حجم الأخطار المحدقة.