الرأي

أين الخطة الاستراتيجية للإسكان؟ «4»

على خفيف



التحدي الكبير الذي يواجه وزراء الإسكان منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم هو إيجاد وتنفيذ مشروعات إسكانيه قادرة على تلبية واستيعاب الطلبات على الخدمات الإسكانية، فمع أن الوزارات في بعض الفترات حققت نجاحاً في هذا الصدد، إلا أن المشكلة سرعان ماعادت للتفاقم من جديد واتسعت الهوة بين حجم الطلبات وحجم الإنجاز.
فعلى الرغم من تجربة أساليب مختلفة لحل المشكلة الإسكانية فالملاحظ أن إنشاء المدن هو الحل الناجع والمؤدي إلى نتائج سريعة وشبه حاسمة، ففي منتصف الستينيات جاء إنشاء مدينة عيسى وامتداداتها المتعاقبة إنجازاً كبيراً استوعب الطلبات الإسكانية في الستينيات والسبعينيات على الرغم من الانتقادات الكثيرة التي وجهت للمشروع من حيث الموقع والخدمات المصاحبة وتصميمات البناء وعدم توفر المواصلات من المدينة إلى المنامة وغيرها من المناطق.
لكن توسع مدينة عيسى على أهميته كان بطيئاً وأقل قدرة على استيعاب آلاف المواطنين المتعطشين إلى السكن مما جعل المشكلة تعود إلى التفاقم في أوائل الثمانينات وجعل وزارة الإسكان في ذلك الوقت تفكر من جديد في إنشاء مدينة جديدة في منطقة وعرة شبيهة بمنطقة مدينة عيسى وأعني بها مدينة حمد، عن اختيار هذه المنطقة روى لي الدكتور عبداللطيف كانو – وكيل وزارة الإسكان في ذلك الوقت – قائلاً: في صبيحة يوم جمعة طلب مني الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة وزير الإسكان مرافقته دون أن يفصح لي عن المكان الذي سنذهب إليه، ركبت بجانبه في سيارته الجيب وأخذ يسير حتى دخلنا في منطقة صحراوية وعرة والسيارة تصعد وتنزل بنا، وفجأة وقف وسط تلك المنطقة القاحلة وقال لي: مارأيك في هذه المنطقة لكي تكون مدينة إسكانية جديدة؟ يقول الدكتور عبداللطيف: صرخت مستغرباً ورافضاً في الوقت نفسه وقلت للوزير: هل أنت جاد، من الذي سيقبل السكن في هذه المنطقة، وأضفت ذلك بإيراد الصعوبات والتكلفة الكبيرة للتخطيط والبناء والبنية التحتية .
غير أن الشيخ خالد رد علي مبتسماً: هنا سنبني مدينة جديدة، وهذه المدينة هي التي ستقدم لنا الحل للمعضلة السكانية التي نعاني منها تماماً كما فعلت مدينة عيسى قبل ذلك، بل أننا سنبنيها بصورة أفضل وأكثر حداثة، بجهودنا جميعاً، نعم هناك صعوبات جمة، لكن ليس أمامنا من حل لاستيعاب الطلبات وحاجة الناس إلى المساكن إلا إنشاء هذه المدينة وفي هذه المنطقة الواسعة.
مدينة حمد، مدينة 22 دواراً لاقت الكثير من الانتقادات، لكنها قدمت الكثير من الحلول للمشكلة الإسكانية في الثمانينيات.