الرأي

«عمبر يطق بلال»..!!

أبيض وأسود


إن لم نرَ كل هذه الانشقاقات والاختلافات والصراعات، فلن تكونوا تنتمون من أهل السنة والجماعة، بصريح العبارة «كل واحد حط له جمن أقرع وراه وقال باصير زعيم»..!
هذا هو واقع أهل السنة والجماعة، فإذا كان تجمع الوحدة (مثلاً) سيدخل الانتخابات بقوائم من عنده، وإذا كانت القوائم تخلو من جمعيتين مؤثرتين (مهما اختلفنا معهما أو اتفقنا) فإن السؤال هنا من الذين سترشحونهم يا «ائتلاف الفاتح» ومن الذي سينتخب قوائمكم، وهل ستفوزون بأسماء أناس لا يعرفهم الناس؟
ما قلته في مقال يوم أمس، وجدته أيضاً في صحافة يوم أمس وأنا لا أعلم عن الأخبار التي ستنشر، قلت سنرى مفاجآت، وانشقاقات، وهجوماً، وقد بدأنا نراه أمامنا، وسنرى أكثر من ذلك في الأيام القادمة.
النائب السابق الشيخ عادل المعاودة شن هجوماً عنيفاً في الصحافة على عدة جبهات، وأحسب أن تصريحاته ستأتي بردة فعل من الأطراف التي وجه لها نقده، غير أني فيما يتعلق بائتلاف الفاتح وبعض المستقلين، أجد أن ما قاله المعاودة هو ذاته ما نسمعه من الناس في مجالسهم، وهذا ليس بجديد، خاصة بعد خيبات، وبعد مواقف ضعيفة صدرت من ائتلاف الفاتح، وبعد أن رأينا بعض المستقلين في المجلس الأخير وهو الأضعف بين كل المجالس السابقة.
الشيخ عادل المعاودة قال: «ائتلاف الفاتح لا يمثل شارع الفاتح.. وجمعياته متمصلحة»..!
وقال أيضاً: «الفاتح يتكئ على المتمصلح والإقصاء ويتصدره الخاسرون شعبياً»، وأضاف أيضاً: «الائتلاف تحت وطأة أصحاب المصالح والمنافع والطاردين للأفكار الحرة، وأن الفاتح يعيش صراعات شديدة لتقاسم الكعكة»..!
بعيداً عن مرامي وأهداف خروج تصريحات الشيخ عادل المعاودة في هذا الوقت، إلا أن أغلب ما جاء على لسانه هو ما يتحدث به الناس اليوم، فقد كان الأمل والرجاء بأن يكون ائتلاف الفاتح هو الحاضن لكل التيار والشارع الوطني، إلا أن هذه الأمنيات تبخرت من بعد نزول المتحدثين من على منصة التجمع الأول في 2011 في ساحة مسجد الفاتح.
في ذلك الوقت رغم كل الحماس، ومن بعد سماع الخطابات، أدركنا أن من يتحدث باسمنا، لا يقول ما يريد الشارع قوله، ولا يعبر عن لسانهم، كأننا كنا نذهب لنسمع (أمنيات) فتاة في عيد ميلادها، كل ما سمعناه أمنيات لم يتحقق منها شيء..!
الناس خرجت عن بكرة أبيها في تجمعات الفاتح ليس من أجل أشخاص، أو خطابات باهتة، أو من أجل أن يستغل البعض هذا التجمع ليصعد ويركب موجة الجماهير الكبيرة، إنما من خرج في ساعتها خرج من أجل وطنه وأرضه وسيادة بلده، وشرعية الحكم فيه.
خرج الناس في ذلك التوقيت الحرج، من أجل أن يقولوا للعالم ان من خرج باسم البحرين، هو لا يمثل إلا بضع آلاف من الناس، وليس كل أهل البحرين.
أكتب عن الفاتح بمرارة شديدة، أكتب الآن وكأني أرى صورة وقوفنا لساعات في تلك الساحات نساء ورجالاً وشباباً وفتيات، وكأني أسمع صرخاتهم، ونداءاتهم وهتافاتهم للبحرين، كلهم خرجوا من أجل وطنهم، ليتلقفهم من بعد ذلك من يتحدث باسمهم وهو لا يملك تفويضاً بذلك، ولا يعبر عن مطالبهم الحقيقية.
حالة التشظي هذه ستؤدي إلى مشهد لا أود أن أكون متشائماً فيه، لكن من الواضح أن في كل دائرة انتخابية ستحدث أربعة انقسامات للناس بين قوائم الجمعيات، الأصالة، المنبر الإسلامي، الفاتح، المستقلون (المستقلون أيضاً منقسمون)..!
فماذا يعني ذلك؟
من الواضح أن الأربع جهات ستضرب بعضها بعضاً من أجل أن يصل مرشح كل جمعية (رغم أن هناك كلاماً عن تنسيق بين الأصالة والمنبر الإسلامي ولا نعرف حقيقته بعد) وإن حدثت كل هذه التصادمات بين هذه القوائم فإن من سيخرج ويصل ربما أناس من خارج كل الجمعيات والجهات التي ذكرتها سابقاً، سيصل من لا تتمنون وصوله تماماً.
السؤال هنا، هل أنتم تعملون من أجل البحرين وأهلها، أم من أجل شخوص وجمعيات أصبحت مكشوفة للناس؟
ستتضاربون ببعضكم، وسيصل غيركم، لا يحتاج المشهد إلى تحليل، هذا ما سيحدث، وإن قررت جمعية الانقلاب وبقية الأقزام الصغار المشاركة، فإن الكارثة على دوائركم أكثر، الأصوات ستتشتت، وسيأخذ الغنيمة غيرك ويطير، ويترككم في نزاعاتكم وشتائمكم لبعض.
مصيبتنا كما قلتها في صدر المقال (كلمن يبي يصير زعيم.. وبعد ذلك يروح لقادتنا ويتحدث باسم الناس، ويجني ما يجني، ويترك مشاكل الناس معلقة..!)،
ألا يوجد من يأتي بكل هؤلاء ويجلسهم على طاولة (ويسنعهم) بدلاً من أن ندخل في فوضى الترشيحات، فالبعض ربما يدرك أنه لن يفوز، لكن أقصى طموحه أن ينشر صوره في كل مكان، لديه هوس الصور، ويريد أن يتمخطر بين الناس أنه المرشح فلان، هذا أقصى طموحه وهو يعلم أنه مثل عريس الغفلة، ما راح يفوز إلا إذا انسحب كل المترشحين.
بعض النواب المستقلين في المجلس السابق أثبتوا فشلهم وضعفهم، فأصبح لدى الناخب صور مشوشة، لا الجمعيات الإسلامية نافعة، ولا المستقلون نافعون، لكن يبدو أن أخف الضررين في مواجهة الانقلابيين هو أن تكون الجمعيات الإسلامية في المجلس، هم أقدر على مواجهة الانقلابيين من بعض المستقلين الضعاف.
الواقع اليوم يقول إن فرص المستقلين أفضل للفوز لاعتبارات كثيرة، إلا أن السؤال هنا أي المستقلين نرشح، وهل من يوهم الناس أنه مستقل، هو فعلاً مستقل؟
«الحلل بدأت تخبط في بعض» كما يقول الإخوة المصريون، ونحن لا نتعلم من الدروس كجمعيات أو كتجمع الفاتح، فبعض من هم في تجمع الفاتح يحسبون أن الجماهير الحاشدة التي جاءت إلى ساحة الفاتح ستصوت إلى قائمتهم، وهذا فيه من أحلام اليقظة ما فيه.
تيار الفاتح موجود ولن يموت، لكنه لا يختزل في جمعية ضعيفة لا تعبر عن إرادة الشارع، وقد أصابت الناس بالخذلان فيما مضى.
كما أن جمعيات مثل الأصالة والمنبر الإسلامي عليهم ان يراجعوا أخطاءهم خلال التجارب السابقة، فتناقص أعداد ممثليهم في البرلمان الأخير ليس صدفة، إنما جاء كنتيجة لضعف الأداء ولأمور أخرى كثيرة لا نود التطرق إليها هنا.
في المحصلة فإن كل هذا التشظي سيؤدي إلى نتائج عكسية، وقد يفوز من لا تتمنون جميعكم وصوله، نتيجة لأنكم لا تملكون الحكمة، ولا الاصطفاف خلف كلمة واحدة، وقد يكون من المستحيل الاصطفاف خلف كلمة واحدة، إلا أن من المضحك أن يكون كل هذا التشظي والتقاذف يحدث بين أناس كنا نحسب أن بينهم مودة والتقاء في العموميات والأهداف، لكن هذا هو واقعنا كل واحد يفكر في مصلحته الشخصية ولا يهمه الشارع حتى وصلنا إلى مرحلة (عمبر يطق بلال)..!!