الرأي

قانون المرور.. جودة النص وحزم التطبيق

ورق أبيض










أمس كان اليوم الأول لتطبيق قانون المرور الجديد، بعد أن مر بالكثير من المناقشات والمداولات، سواءً على الصعيد التشريعي داخل قبة البرلمان أو على المستوى الشعبي من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة.
ولعلنا لا نزال نذكر أول الجدالات المتعلقة بالقانون الجديد، والتي كان على رأسها نص يمنع الأجانب من قيادة المركبات، والذي سقط بقرار قضائي لمخالفته للدستور البحريني والتزامات المملكة المتعلقة بحقوق الإنسان.
ومن ثم انتقل الحوار إلى القانون ذاته ما بين مؤيد ومعارض، خصوصاً ما يتعلق بحجم العقوبات والغرامات التي فرضها على المخالفين، والتي رآى الكثيرون أنها مبالغ بها، إضافة إلى تشريع مخالفات جديدة لم تكن في القانون السابق.
وبغض النظر عن تلك الجدالات؛ فإن الحديث هنا يجب أن يدور عن قدرة القانون الجديد على الحد من المخالفات المرورية والحوادث القاتلة، والتي أسقطت خلال السنوات الماضية العشرات من أبناء البحرين إضافة إلى مئات الإصابات.
جل المخالفات في القانون الجديد موجودة نصاً في القانون السابق، وعليها غرامات وعقوبات، وإن لم تكن بحجم الغرامات والعقوبات في القانون الجديد، لكن اللافت للنظر أنها لم تستطع كبح جماح الحوادث، بل ما رأيناه أن هناك صعوداً في عدد الحوادث، خصوصاً القاتلة، في السنوات الأخيرة، وبالتالي فالحديث هنا يدور عن مدى التطبيق وليس عن وجود القانون بحد ذاته.
أرى أن حجم العقوبات والغرامات سيسهم، إلى حد ما، في التزام البعض بالقانون، لكن كثيرون لن يروا القانون الجديد إلا كسابقه، من السهل التحايل عليه والتملص منه.
وإليكم إحدى الأمثلة على ذلك؛ كم مرة رأيت أحد المخالفين وقد أوقفه شرطي المرور وأعطاه مخالفة ما، وما هي إلا دقائق ويقوم المخالف بالاتصال بـ «الربع» أو «الأقارب» لشطب المخالفة وكأنها لم تكن؟!
هذا حال واقع أمام الجميع، ويعرفه الجميع، بأن كثير من المخالفين لديهم أقارب وأصدقاء ومعارف لهم القدرة على إلغاء المخالفة، وبالتالي لا داعي للخوف من القانون ما دام «الواسطة» جاهزاً ليلغي أية مخالفة.
الفكرة هنا أن تطبيق القانون وبصرامة على المخالفين، ووقف ما يجري من تجاوزات من البعض، هو الطريق الأسرع لتفادي سقوط مزيد من الضحايا في الطرقات، والعمل وبسرعة من داخل إدارة المرور على وقف تلك التجاوزات والضرب بيد من حديد على من يقوم بها سيسهم في خلق بيئة ثقافية جديدة عنوانها القانون على الجميع، دون تحيز أو مواربة أو واسطة، وأن التطبيق وبحزم هو من سيحفظ أرواح أبنائنا ويخلق ثقافة عامة تجعل الجميع يحترم القانون، سواء قانون المرور أو غيره من القوانين، لنكون بالفعل دولة القانون.
ورق أبيض..
كانت الشوارع بالأمس أكثر هدوءاً من ذي قبل، وهذا مؤشر جيد، ونتمنى أن تستمر كذلك، وألا تتدخل «الواسطة» لإلغاء مخالفة من الممكن أن تؤدي إلى فقدان إنسان.