الرأي

ماذا بعد الخبر الجميل..؟

أبيض وأسود










إن كان هناك من خبر مفرح وسط كل الأخبار المزعجة محلياً وإقليمياً والتي تجعلنا نقول «بسنا ما نبي نجوف قنوات الأخبار، ولا نقرأ جرايد»؛ فإن ما تمخض عن لقاء جلالة الملك حمد بن عيسى مع أخيه خادم الحرمين الشريفين -حفظهما الله- من إعلان إنشاء جسر ثانٍ بين البحرين والسعودية يسمى جسر الملك حمد، فإن هذا الخبر أفرح أهل البحرين كثيراً، خاصة وأن من الواضح أن مشروع الجسر مع قطر دخل نفقاً مظلماً ولن يرى النور..!
يشكر جلالة الملك حفظه الله على كل جهوده التي يقوم بها من أجل حل المشاكل الكبيرة لأهل البحرين والتي تؤثر على معيشتهم وعلى اقتصاد بلدهم، وعلى التجارة، وعلى تنقل الأفراد، فهذا جهد كبير ومشكور، والشكر لخادم الحرمين الشريفين على كل مشاريعه الكبيرة في البحرين.
خبر الجسر أسعد التجار والاقتصاديين ورجال الأعمال بعد أن أصبح جسر الملك فهد يعيق التجارة والتنقل بشكل كبير، حتى أن هناك شركات أخذت تقفل أبوابها بسبب مشكلة الجسر.
من خلال الصور التي نشرت عن نقطة وصول الجسر إلى البحرين، وأنه سيصل إلى المدينة الشمالية أو في منطقة بجوارها، وإن كان سيصل إلى المدينة الشمالية فهل هذا يعني أن جسر الملك حمد سيتواصل ويربط مع جسر آخر دائري يطوق المنامة من الجهة الشمالية وصولاً إلى منطقة الأعمال أو منطقة السيف أو خليج البحرين؟
إذا كان كذلك فهذا أمر طيب، غير أنه من الواضح تماماً أن هذا المشروع يحتاج إلى (ثورة) في البنية التحتية للطرق، فالجسر ليس فقط أن يعبر البحر باتجاه البحرين، وإنما يحتاج إلى منظومة كبيرة ومتطورة وسلسة للطرق تجعل حركة الجسر انسيابية إلى أغلب شوارع البحرين.
سؤال آخر والدولة لا تحارب الإرهاب كما يجب؛ هل نقطة وصول الجسر إلى البحرين موفقة من الناحية الأمنية؟
المشروع حيوي وكبير وسيسهم في تعزيز اقتصاد البلدين، وسيسهم في زيادة أعداد السواح من الأخوة بالسعودية والخليج (الكويت وقطر والإمارات) وهذا أيضاً يحتاج من البحرين كدولة أن تقيم مشاريع سياحية عملاقة، وأن تقيم جزراً سياحية متطورة وأن تعد دراسة علمية حول احتياجات السائح الخليجي، سواء من ناحية المنتجعات والشاليهات المفتوحة على البحر، أو من خلال مدن ألعاب متطورة تضاهي مثيلاتها في أوروبا ودبي، أو من خلال الأسواق الشعبية والمجمعات الكبيرة المتطورة.
من هنا، فإن مشروع جسر الملك حمد الرابط بين البحرين والسعودية يحتاج إلى عمل كبير وجبار يبدأ من اليوم، حتى إذا ما جهز الجسر بعد 4 أعوام، كما يقال، تكون كل المشاريع المصاحبة جاهزة تماماً، خاصة المشاريع السياحية.
كل هذا الأمر يحتاج إلى قفزة كبيرة في مشروعات الطرق والفنادق والمنتجعات، وفي إيجاد مناطق صناعية كبيرة للاستثمار، فما يقال عن أراضي الاستثمار الصناعي إنها نفدت تماماً وهناك قوائم انتظار، رغم أن المساحات الخالية كثيرة جداً..!
أعتقد أن الجسر الثاني سيحفز التجار ورجال الأعمال من السعودية والخليج للقدوم إلى البحرين بشكل أكبر، فمن بعد ما حصل في جسر الملك فهد أخذ التجار يراجعون حساباتهم في القدوم إلى البحرين، كون شريان الربط بين البلدين مختنقاً بعض الشيء.
أيضاً هناك أسئلة أخرى؛ ماذا عن مشروع تطوير جسر الملك فهد الذي أعلن عنه سابقاً؟ هل هو قائم، أم تأجل بسبب مشروع الجسر الجديد؟
جسر الملك حمد قيل إنه سيحمل أيضاً خطوطاً للسكة الحديد، وهذا يعني أن أعداد من سيعبر الجسر ستكون كبيرة جداً، ومتضاعفة عن أعداد من يعبر جسر الملك فهد، بشرط أن تكون البحرين وجهة سياحية حقيقية تجعل السائح الخليجي يقضي إجازة قصيرة بها هو وأسرته.
من هنا نشدد على أن تقوم الدولة اليوم بالإعلان عن مشروعات سياحية ضخمة ونوعية وتلبي احتياجات السائح الخليجي، وأن يصاحب ذلك استقطاب شركات الفنادق والمنتجعات التي لها سمعة طيبة.
بإمكان السياحة العائلية الخليجية أن تكون مورد البحرين الأول كمدخول قومي، لكننا حتى الساعة لا نعرف كيف نجذب السائح الخليجي، ولا نعرف كيف نروج إلى البحرين خارجياً، بينما نجحت دبي في ذلك وفتحت أراضيها لكل من يريد أن يقيم مشروعاً كبيراً ونوعياً يدعم السياحة، حتى وصل عدد السياح من المملكة العربية السعودية إلى المرتبة الأولى بين زوار دبي رغم المسافة، ورغم أن غالبية السواح يذهبون بالطائرة وهي أكثر كلفة من السيارة، ورغم أن دبي لا تملك الخاصية التي تمتلكها البحرين في وسط الخليج العربي.
منظومة الطرق والمشاريع السياحية، هي التي يجب أن تعلن عنها البحرين خلال هذه الأيام، نتمنى كمواطنين أن تقام جزر كبيرة وصغيرة ومتنوعة ومفتوحة تحاكي جزر شرق آسيا في بعض الأفكار، وأن نطور هذه الأفكار بحيث تجلب السائح الخليجي وأسرته.
كل طرق المنامة وشارع الملك فيصل تحديداً مع امتداده إلى جهة جسر الملك فهد يحتاج إلى تطوير كبير، وإلا فإن أي زائر للبحرين سيأتي ليقضي وقته في السيارة وسط الزحام.
الواقع اليوم أن طرق المنامة مكتظة ومزدحمة بشكل كبير، كما أننا كدولة نمارس سياسة نقل الازدحام من موقع إلى آخر، ولا نضع حلولاً دائماً للخطوط الدائرية حول المنامة.
هل تحتاج محطات القطارات داخل البحرين (التي ستنشأ ضمن المشروع الخليجي للسكك الحديدية) إلى أن تربط بخطوط مترو تنقل السائح من القطار إلى المترو بسهولة تامة حتى يتسنى له الوصول إلى مناطق مثل أسواق المحرق الشعبية والمنامة أو إلى منطقة الجفير، وإلى موقع حلبة البحرين، والإستاد الوطني، وإلى مناطق بالرفاعين، أو إلى موقع جزر أمواج وديار المحرق، والمناطق الصناعية بالحد؟
أعتقد أن منظومة الطرق في البحرين بشكلها الحالي لا يمكن لها أن تستوعب الحركة الكبيرة لمشروع جسر وخطوط قطارات، الموضوع يحتاج إلى ثورة حقيقية في تطوير الطرق والخدمات والبنى التحتية، فما لدينا من طرق هي أصلاً من غير الجسر الجديد تحتاج إلى ثورة، فما بالك بحركة الجسر الجديد..؟
نحتاج إلى تغيير عقلية الدولة في تعاملها مع المشروعات السياحية التي تجذب السائح الخليجي، مشروعاتنا السياحية الحالية والقائمة مجمعان وصالة سينما، وبعض المنتجعات الصغيرة، هذا لا يجلب سائحاً أبداً.
من اليوم يجب أن نخطط لإقامة مدن سياحية كبيرة تغير وجه البحرين السياحي بشكل جذري، البحر يدفن لمشاريع تجارية أو لمدن إسكانية، فلماذا لا تقيمون جزراً لمشروعات سياحية عملاقة وكبيرة ونوعية، مما سيجعل فرص العمل للمواطنين تفتح على مصراعيها، وتجعل تدفقات الأموال الخليجية تأتي وتحرك كل عجلة الاقتصاد والتجارة.
مشروع جسر الملك حمد أفرح كل من يحب البحرين، لكن المشروع يحتاج إلى ثورة حقيقية في الطرق والمشاريع السياحية العملاقة..!
** رذاذ
هذه بعض الأسئلة التي تشغل الناس من بعد تجربة جسر الملك فهد؛ كم مساراً في كل اتجاه سيكون عليه جسر الملك حمد؟
هل سيكون خمسة أو ستة مسارات في كل اتجاه حتى نتلافى أخطاء جسر الملك فهد، وحتى نضع تصورات للمستقبل وليس للوضع الحالي في حركة التنقل.
وهل ستكون هناك مسارات خاصة للشاحنات منفصلة عن مسارات السيارات؟
هل سنخطط من أجل تلافي كل السلبيات في جسر الملك فهد؟
الجسر الجديد لن يحمل السيارات والشاحنات وخطوط القطارات فقط، وإنما سيحمل خطوط مياه، وخطوط كهرباء، وخطوطاً لأنابيب النفط والغاز، وخطوطاً هاتفية وإنترنت (هكذا يجب) فهل تم حساب كل هذه الأمور بشكل دقيق؟
هل تم إعداد دراسات بيئية حول موقع مشروع الجسر الجديد؟
هل سنتبع نهج المحطة الواحدة بين البلدين التي يتم فيها تخليص الإجراءات، وهل ستكون هذه المحطة تماثل نظيراتها في أوروبا التي اصبحت وكأنها دولة واحدة؟
أعتقد أنها اسئلة مشروعة، وربما هناك اسئلة أخرى أيضاً..!
** مشروع قانون لم يأخذ حقه..!
وسط كل الظروف الصعبة التي مررنا بها، فإن هناك القلة الذين يفكرون بشكل وطني وإيجابي، إلا أن مشروع قانون تعديل معاشات ومكافآت تقاعد ضباط وأفراد الجيش والأمن العام والحرس الوطني كان أحد المشروعات التي تستحق أن تشرع في هذا الوقت الحساس جداً من عمر الدولة البحرينية.
ونحمد الله أن جاء هذا التعديل من مجلس الشورى من خلال مشروع القانون الذي طرحته وقدمته عضو مجلس الشورى الدكتورة جهاد الفاضل جزاها الله خيراً.
هذا المشروع اُقر من السلطة التشريعية بسرعة تامه، وأصدره جلالة الملك كقانون أيضاً بسرعة، فلم يحصل قانون على ذات سرعة الإقرار كما حصل لهذا القانون.
كل الشكر للأعضاء الوطنيين في المجلسين، وإلى الأخت الفاضلة الدكتور جهاد الفاضل على طرحها مشروع القانون، فهذه المطالب كثيراً ما طالبنا بها في الصحافة، فلا يمكن أن يتساوى من يضحي بروحه من أجل الوطن مع غيره.
فما تتعرض له البلد من مخاطر وتضحيات من قبل رجال الجيش والأمن العام يحتاج إلى أن نكرمهم بتعديل أوضاعهم المعيشية.