الرأي

بين الاقتصاد والرياضة مصلحة وطنية

بين الاقتصاد والرياضة مصلحة وطنية


يعتبر الاستثمار في قطاع الرياضة من الأمور الأساسية الداعمة لعملية التنمية الاقتصادية، فهناك العديد من الدول التي تطورت بشكل لافت، وخدمت اقتصادها وعدداً من القطاعات الأساسية كالسياحة والتجارة وغيرها من خلال الاهتمام بتطوير الرياضة واستضافة المسابقات الرياضية سواء على المستوى القاري أو العالمي، فبعض الرياضات اليوم أصبحت عنصراً أساسياً لدعم الاقتصاد وعلى رأسها كرة القدم، يليها سباقات الفورمولا1، التنس، ألعاب القوى وغيرها من الرياضات.
ومن بعض الأمثلة على ذلك دولة قطر واستضافتها لبطولة الدوحة للتنس منذ العام 1993 وبشكل سنوي، وتستقطب من خلالها أبرز النجوم العالميين، ونجحت في نيل شرف استضافة مونديال كرة القدم للعام 2022، وبطولة العالم للألعاب القوى بالعام 2019، وسبق أن استضافت كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم لمرتين كان آخرها في العام 2011، إلى جانب دولة الإمارات التي نظمت مونديال الشباب لكرة القدم في العام 2003، وكأس العالم للأندية لمرتين متتاليتين في العامين 2009 و2010، واستضافت كأس آسيا لكرة القدم في العام 1996، وتنظم سنوياً بطولة دبي المفتوحة للتنس، وغيرها من الأمثلة كثيرة كالصين وأستراليا والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، تلك الدول جعلت لنفسها مكانة مرموقة على المستوى العالمي رياضياً من خلال استضافتهم للبطولات والأحداث الرياضية نظراً لوجود المنشآت الرياضية المتطورة، وبالتالي دعمت وبشكل قوي لاقتصادياتها الوطنية من جهة، وتسويق وترويج للبلد وجذب للاستثمارات الأجنبية من جهة أخرى.
وبالعودة للحديث عن مملكتنا الحبيبة التي تعاني كثيراً في مجال الاستثمار الأمثل بالرياضة، فدورينا في حد ذاته كارثة، والسبب عدم وجود خطة استراتيجية للعبة كرة القدم في المملكة، ولو تم الاهتمام والاستثمار في دوري كرة القدم فقط لكان المردود إيجابياً على تلك الشركات والبلد، وبالتالي الانتقال لمرحلة استضافة البطولات القارية التي تعتبر الهدف الأسمى للمساهمة في تقوية الاقتصاد.
ولعل انسحاب البحرين من سباق استضافة كأس الأمم الآسيوية لكرة القدم للعام 2019 بسبب دعوة اتحاد الكرة بضرورة التوافق على دول خليجية لضمان الاستضافة في المنطقة الخليجية كان قراراً غير صائب، وأرى أن السبب الرئيس وراء الانسحاب هو ضعف بل وانعدام المنشآت الرياضية في المملكة، وكان من الأجدر أن ننافس أشقاءنا لنيل شرف الاستضافة وتحقيق المنفعة للبلد بدلاً من هذه التنازلات، أو السعي لملف مشترك مع إحدى دول المنطقة المترشحة، خاصة وأن الاستضافة سترتقي كثيراً بالرياضة وبعدد من القطاعات في المملكة أهمها السياحة بسبب توافد الجماهير من دول أستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.
وبحسب خبراء ومحللين اقتصاديين حينما استضفنا خليجي 21 حققت المملكة عائداً اقتصادياً تراوح ما بين 60-100 مليون دينار على مجمل القطاعات كافة، منها الفنادق والمطاعم والنقل والمحال التجارية وغيرها، إذاً كيف سيكون العائد لو نجحنا في استضافة كأس أمم آسيا بدلاً من الانسحاب «الخجول»؟
الحكومة الموقرة ومجلس النواب والشركات الكبرى مطالبون بالتعاون الجاد للارتقاء ودعم الرياضة في مملكتنا العزيزة، خصوصاً لعبة كرة القدم التي تعتبر اللعبة الداعمة للاقتصاد لدى الكثير من الدول، فهل يعقل بأن البحرين الذي استضافت أول كأس خليج في العام 1970، وتأسس منتخبها بالعام 1951، وانضم للفيفا 1966، ولديه أحد أعرق الأندية خليجياً متمثلاً بنادي المحرق الذي تأسس بالعام 1928، ونال منتخبها الوطني المركز الرابع في كأس آسيا بالعام 2004، واقترب في مناسبتين متتاليتين من المشاركة في مونديالين 2006 بألمانيا و2010 بجنوب أفريقيا لولا السقوط المدوي أمام ترينداد وتوباغو ونيوزيلندا، ليس بمقدورها استضافة البطولات القارية على أقل تقدير «باستثناء كأس الخليج لأنها بالتناوب» لعدم توافر المنشآت الرياضية، والاعتماد على ملعب رئيس واحد لأهم لعبة شعبية في العالم والمتمثل بإستاد البحرين الوطني «العجوز».
- مسج إعلامي..
مردود المملكة من استضافة سباق الفورمولا1 منذ العام 2004 إلى 2014 بلغ 1.5 مليار دولار بحسب إحصاءات رسمية، إلى جانب أن سباق الترايثلون الأخير شاهده 20 مليون حول العالم، وهذا في حد ذاته حدث رياضي وتسويقي مهم رغم بعض الأمور التنظيمية التي من الممكن تداركها في السباقات القادمة، إذاً ماذا لو تمكنا من استضافة المزيد من الأحداث الرياضية، خاصة في ما يتعلق بلعبة كرة القدم وبعض الألعاب كألعاب القوى والتنس، أترك لكم التعليق؟
قطر استضافت قبل أيام كأس السوبر الإيطالي بين يوفنتوس ونابولي، وهذا في حد ذاته تسويق وترويج ومنفعة اقتصادية وتجارية للبلد، وأعتقد أولاً أنه يجب أن نستوعب حجم المنفعة الاقتصادية على البلد من خلال الارتقاء بالرياضة لنكون عند حسن الظن وإلا فإن الوضع سيزداد سوءاً.