الرأي

القلب المحب

بنادر


في العلاقات الإنسانية، خاصة بين الأزواج، من الممكن أن تخلق الكثير من المشاحنات بسبب اختلاف رؤية الزوجين لكيفية تأمين مصاريف ومستلزمات الحياة لهما ولأولادهما.
فحياة الإنسان لا تختلف عن حياة وسائر المخلوقات الأخرى، إن لم تخرج يومياً للحصول على لقمة يومها فإنها تموت وينتهي أمرها. من هنا فإن كل حالات المشاحنات، في تصوري، لها علاقة بلقمة العيش، بعيداً عن القضايا النفسية الأخرى والتي ربما لها مكان آخر غير هذا العمود.
قبل فترة قصيرة التقيت بإحدى القصص الواقعية، والتي تعبر عن كيفية تفكير المرأة، أحببت أن نتشارك فيها تقول القصة..
بعد 60 سنة زواج كشفت له السر وهي على فراش الموت، ظلا متزوجين ستين سنة، كانا خلالها يتصارحان حول كل شيء ويسعدان بقضاء كل الوقت في الكلام أو خدمة أحدهما الآخر، ولم تكن بينهما أسرار، ولكن الزوجة العجوز كانت تحتفظ بصندوق فوق أحد الرفوف، وحذرت زوجها مراراً من فتحه أو سؤالها عن محتواه، ولأن الزوج كان يحترم رغبات زوجته فإنه لم يأبه بأمر الصندوق، إلى أن كان يوم أنهك فيه المرض الزوجة وقال الطبيب أن أيامها باتت معدودة، وبدأ الزوج الحزين يتأهب لمرحلة الترمل، ويضع حاجيات زوجته في حقائب ليحتفظ بها كتذكارات، ثم وقعت عينه على الصندوق فحمله وتوجه به إلى السرير حيث ترقد زوجته المريضة، التي ما أن رأت الصندوق حتى ابتسمت في حنو وقالت له: «لا بأس.. بإمكانك فتح الصندوق».
فتح الرجل الصندوق ووجد بداخله دميتين من القماش وإبر النسج المعروفة بالكروشيه، وتحت كل ذلك مبلغ 25 ألف دولار، فسألها عن تلك الأشياء فقالت العجوز هامسة: «عندما تزوجتك أبلغتني جدتـي أن سر الزواج الناجح يكمن في تفادي الجدل والنق (النقنقة)، ونصحتني بأنه كلما غضبت منك، أكتم غضبي وأقوم بصنع دمية من القماش مستخدمة الإبر».
هنا كاد الرجل أن يشرق بدموعه: «دُميتان فقط؟ يعني لم تغضب مني طوال ستين سنة سوى مرتين؟».
ورغم حزنه على كون زوجته في فراش الموت فقد أحس بالسعادة لأنه فهم أنه لم يغضبها سوى مرتين، ثم سألها: «حسناً، عرفنا سر الدميتين ولكن ماذا
عن الخمسة والعشرين ألف دولار؟».
أجابته زوجته: «هذا هو المبلغ الذي جمعته من بيع الدمى!».
هل عرفت المعنى؟!
لقد تصور الزوج أنه لم يغضب زوجته إلا مرتين، ولم يغضبها كثيراً، ولكنها حولت المرارة التي كانت تعانيها إلى فعل ايجابي، نفسياً ومادياً، فكل مرة يغضب فيها زوجها تقوم بعمل دمية وتبيعها، وهذا هو ما حول الدمى التي جاءت نتاج غضبها، وبالتالي كبت هذا الغضب وتحويله إلى عمل منتج جيد ورائع.
في تصوري أن ما قامت به المرأة العظيمة هو ما علينا أن نقوم به، نساءً أو رجالاً، لأن الجميع يحتاج إلى تحويل السلبي إلى إيجابي والخسارة إلى ربح والمعاناة التي نعانيها إلى فعل إنساني حقيقي يساعدنا على النمو الروحي، واكتشاف ذواتنا التي عادة ما تضيع إذا ما أصابكم أي شيء وأنتم تسيرون في طريق الحياة الوعرة، عليكم فقط تذكر هذه المرأة التي حولت غضبها إلى فعل رائع من أفعال الحياة، تذكروا قصة هذه المرأة وطبقوها في حياتكم اليومية وستكونون على أفضل ما يرام.