الرأي

المحب هو الأعظم

بنادر











من يملك المحبة يستطيع امتلاك كل ما حوله ومن يعيش معه ومن يأتي بعده، ويستطيع أيضاً امتلاك العالم بصورة رائعة، وما علينا إلا الاستماع بقلوب مفتوحة إلى حكايات الحكماء الذين عاشوا قبلنا ونقلوا لنا حكايتهم الرائعة، ومن هذه الحكايات قيل إنه ذات مرة دخل الحكيم نارادا في حضرة السيد الروحي والذي سأله: «نارادا.. في كل أسفارك في العالم هل تمكنت من اكتشاف السر الرئيس للكون؟ هل كنت قادراً على فهم اللغز وراء هذا العالم؟ أينما تنظر ترى العناصر الخمسة العظيمة؛ الأرض، الماء، النار، الهواء والأثير. باعتقادك أياً منها يحتل المرتبة الأولى؟ ومن كل ما هو موجود في الكون ما هو الأكثر أهمية من الجميع؟».
فكر نارادا لبرهة ثم أجاب: «سيدي.. من العناصر الخمسة؛ الأكبر، الأكثر كثافة والأكثر أهمية هو بالتأكيد عنصر الأرض»، أجابه السيد الروحي: «كيف يكون عنصر الأرض هو الأكبر في حين أن ثلاثة أرباع الأرض مغطاة بالماء وربع واحد فقط يابسة؟ هذه الأرض الكبيرة ابتلعها الماء، ما هو الأكبر الشيء الذي يُبتَلَع أم الذي يبتلعه؟»، أقر نارادا أن الماء يجب أن يكون الأكبر لأنه ابتلع الأرض.
تابع السيد الروحي استجوابه: «لكن يا نارادا؛ لدينا رواية قديمة تقول عندما اختبأت الشياطين في المياه، ومن أجل العثور عليها جاء حكيم عظيم وابتلع المحيط كله في جرعة واحدة، باعتقادك من هو الأعظم الحكيم أم المحيط؟»، كان على نارادا أن يوافق على أنه من دون شك كان الحكيم بالتأكيد هو الأعظم من المياه التي ابتلعها، لكن تابع السيد: «قيل بأنه عندما غادر جسده الأرضي، هذا الحكيم نفسه، أصبح نجمة في السماء، وهذا الحكيم العظيم يظهر الآن مجرد نجمة صغيرة في السماء الفسيحة الشاسعة. إذاً من تعتقده الأكبر الحكيم أم السماء؟
أجاب نارادا: «سوامي.. بالتأكيد السماء هي الأكبر من الحكيم»، ثم سأله السيد الروحي: «ونحن نعلم أنه ذات مرة عندما جاء السيد الإلهي كأفاتار (تجسد إلهي) وتجسد في جسم قزم وسّع نفسه بشكل كبير جداً حتى استطاع أن يغطي الأرض والسماء بقدم واحدة من أقدامه، هل تعتقد أن قدم السيد الإلهي أكبر أم السماء؟».
«أوه.. قدم السيد الإلهي هي الأكبر بالتأكيد» أجاب نارادا. لكن سأله السيد الروحي: «إذا كانت قدم السيد الإلهي كبيرة جداً؛ فماذا عن شكله المطلق اللامحدود؟». الآن شعر نارادا أنه وصل إلى الاستنتاج النهائي «نعم» قال مبتهجاً، «الله هو الأكبر من الجميع، إنه لا محدود، يتجاوز القياس، في كل العوالم لا يوجد أعظم منه».
لكن السيد الروحي مازال لديه سؤال آخر: «ماذا عن المحب الذي نذر نفسه لله والذي أصبح قادراً على حبس هذا السيد اللامحدود داخل قلبه؟ الآن قل لي يا نارادا؛ من هو الأعظم السيد الروحي أم المحب؟»، كان على نارادا أن يعترف أن المحب كان أعظم حتى من السيد الروحي، وبالتالي فالمحب يجب أن يأخذ المرتبة الأولى في الأهمية فوق كل شيء متجاوزاً حتى السيد الإلهي.
هذا يقودنا إلى القول إن المحبة هي الأساس في كل شيء، فالله سبحانه وتعالى المحب الأول، هو الذي يجعلنا ننطلق من حب ذاتنا التي خلقها الرحمن، لنحب خالقنا ونحب كل ما حولنا ونحب حتى من نعتبرهم الأعداء، فمن أحب حباً حقيقياً لا يستطيع أن يكره إنساناً أو حيواناً أو جماداً.