الرأي

هل هي انتفاضة «سيادة الدولة»..؟!

أبيض وأسود










من دروس التاريخ التي يجب أن نتعلم منها ونستقي منها العبر، هو ما قيل قديماً خلال أحداث مشابهة لواقعنا اليوم، فقد قيل: «حين ترى من كان في فترة ماضية يريد القضاء عليك، وهو اليوم في حالة هزيمة منكرة، فإن عليك أن تجهز عليه الآن، وليس غداً، وإلا فإن الظروف قد تتبدل ويعود لفعلته الأولى مجدداً، والفرص لا تتكرر، وقد تذهب دون عودة»..!
إن جزءاً كبيراً مما سبق، نعيشه اليوم بالبحرين، فبعد 4 أعوام من محاولة الانقلاب على الشرعية، وعلى أهل البحرين، وبعد الهزيمة المنكرة للوفاق، وأتباعها وللولي الفقيه، بعد كل ذلك، أعتقد أن الوقت حان اليوم، من أجل أن تقول الدولة كلمتها، ويقول القانون كلمته، وأن تصبح للدولة سيادة داخل أراضيها قبل سيادتها الخارجية.
تطبيق الإجراءات القانونية على المدعو علي سلمان تأخر كثيراً، وقد يكون ذلك بخطة مدروسة، أو أن الأمر كان يحتاج إلى تواصل خارجي مع أطراف دولية قبل تطبيق إجراءات بعينها، لكن المهم اليوم أن الدولة تعلن عن قوتها، وعن سيادتها، حتى وإن كان هذا يحدث بشكل تدريجي، إلا أنها خطوة كبيرة يجب أن نقدرها، ونساندها وندعمها.
لا نحمل موقف مسبق من جهة أو أحد، واليوم نحن نشكر وزارة الداخلية والوزير الرجل الفاضل الشيخ راشد بن عبد الله على ما تم من عمليات نوعية للقبض على مطلوبين وعلى مرتكبي جرائم قتل رجال الأمن، هذه الخطوة نقدرها ونشجعها، ونؤيدها، فكل ما يحفظ أمن البحرين وأمن المجتمع سنقول لكم شكراً عليه، لأنكم تطبقون القانون.
حين نطالب بحفظ الأمن، لا نطلب شيئاً لشخصنا، فهذا مطلب أهل البحرين، وعليكم تقبل صوتنا حتى وإن كان مرتفعاً، فلم يرتفع إلا حباً في البحرين وأهلها.
العمليات النوعية للداخلية التي حدثت مؤخراً محل تقدير، ونتمنى كمواطنين نعاني من الإرهاب والتفجيرات والقتل منذ 4 أعوام أن تقوم وزارة الداخلية بالمزيد، وأن تحاصر الإرهاب محاصرة حقيقية حتى تقضي عليه، وأن تمسك كل الخيوط، من تمويل، وتحريض، وتنفيذ، ودعم ومساندة.
طرحت سابقاً ذات مرة موضوع شرائح الهواتف التي تنفذ بها التفجيرات، ولا أعلم هل اتخذتم خطوات حيال ذلك، أم مازلنا نحارب الإرهاب في الشارع فقط؟
فلو أن الخدمة قطعت عن هذه الشرائح فلن يستطيع منفذو العمليات الإرهابية القيام بالتفجيرات، إلا بشرائح هواتف تابعة لأسماء، وهذا لا يستطيعون القيام به، لكن قبل ذلك يجب محاسبة كل من يسرب هذه الشرائح للإرهابيين في شركات الاتصالات، سواء مباشرة أو عبر وسطاء.
تطبيق القانون على المدعو علي سلمان كان بمثابة إعلان سيادة للدولة، بانتظار إعلان السيادة الأكبر ـ بإذن الله ـ حين يطاح بالرأس الكبيرة الراعية للإرهاب، والمحرضة عليه، والمحرضة على استباحة الدماء للمواطن والمقيم، وقتل رجال الأمن.
على الدولة اليوم في هذا التوقيت الخطير والحساس والممتاز أيضاً من الهزيمة المنكرة للانقلابيين داخلياً وخارجياً، أن تجهز بقوة القانون على كل من تجاوز القانون، وأن تجعل الجميع يدرك أن إعلان سيادة الدولة في الداخل سيطبق بقوة، من بعد العاصفة التي مرت.
هذه أفضل فترة لأن تعلن الدولة عن ضرباتها القاضية على الانقلابيين الذين أخذوا يستنجدون بإيران المنهكة من أجل أن تنقذهم، وهذه ليست المرة الأولى التي يستنجدون بشيطان المنطقة الأكبر، إلا أن هذا الاستجداء لن ينفع اليوم، إيران تعاني ويلاتها داخلياً وخارجياً، ويبدو أنها ستفقد الكثير في الأيام القادمة سواء في اليمن أو سوريا أو لبنان، ناهيك عن البحرين.
كما إن تبعات انخفاض أسعار النفط ستجعل الساحة الداخلية الإيرانية تموج وتفرز أحداث لا يعرف إلى ماذا تنتهي؟
اختيار التوقيت لأن توجه ضرباتك هو أمر حاسم في الصراع السياسي، وأعتقد أننا اليوم في أفضل توقيت، وعلى الدولة أن تكف عن تفويت الفرص، خاصة أن هذه الفرصة إنما هي فرص تثبيت الأمن، وكسر ظهر الإرهاب.
يبدو أن توقيف أمين الوفاق، ستتبعه توقيفات أخرى لمن هم دونه، يبدو ذلك، وإن حدث فإن هذا لن يحدث عبثاً، وإنما بدلائل وإثباتات وبتطبيق لقوانين البلد، من هنا فإن ما تقوم به وزارة الداخلية من إجراءات صارمة يجب أن تستمر بقوتها، وصولاً إلى كل مخابئ الإرهاب، وأماكن تخزين الأسلحة، وأماكن تجمع الإرهابيين، سواء في الشقق، أو المزارع، أو البيوت المهجورة، أو المقابر، أو الأماكن الدينية.
على العقلاء من أهل القرى أن يدركوا اليوم أن حضن الوطن هو الذي يجب أن ينحازوا إليه، اتباع الولي الفقيه أو الجمعية الانقلابية سيضيعهم أكثر مما ضاعوا، الإنسان يتعلم من التجارب، وعليه أن يعترف بالخطأ حين يدرك أن هذا الخطأ كان كبيراً.
اتباع الجمعية الانقلابية وتأييد الإرهاب ودعمه سيجعل الأيام القادمة، مرة أكثر، لذلك على عقلاء القرى أن يصارحوا أنفسهم، فمن أوصلهم إلى هذا الوضع هو الولي الفقيه، وعلي سلمان وأعضاء الجمعية الانقلابية التي تصرفت بغير رشد، وتصرفت بمراهقة الأطفال وجعلت الويلات تحل على من اتبعها.
انتفاضة الدولة من أجل تطبيق القانون يجب أن يتبعها أمر آخر قامت الدولة بتعطيله لسنوات، وهو تطبيق شرع الله مع القاتل، فإن كان القضاء قد أصدر حكمه بالإعدام على القتلة، فلماذا نعطل شرع الله؟
ولماذا نعطل أحكام القضاء، جزء كبير من إعلان القوة والسيادة يكمن هنا، في تطبيق شرع الله مع القاتل، فالذين دعسوا رجال الأمن بالسيارة حتى الموت لم يطبق عليهم القصاص حتى اليوم، وكل الذين قتلوا رجال الأمن أيضاً لم يطبق عليهم القصاص برغم صدور الحكم القضائي.
والذين قتلوا رجل الأمن الإماراتي «الشحي» لم يطبق عليهم القصاص، كل ذلك إنما هو تأخير في إعلان هيبة الدولة، فجزء كبير من إعادة هيبة رجال الأمن في الشارع تكمن في تطبيق شرع الله مع من يقتلهم.
هذا الأمر ينقصنا، وعلينا أن نصارح الدولة ونكاشفها ونحن مع نهاية عام 2014، ودخولنا عام 2015، السنوات تمضي وشرع الله في القاتل معطل منذ أربعة أعوام..!
أحكام القضاء تتوالى بالإعدام، لكن الإعدام لدينا صار مؤبداً فقط، وفي هذا تضييع لحقوق المواطن وأهل القتيل، والمجتمع، وكما أسلفت سابقاً تضييع لشرع الله وحكمه في القاتل.
كنا بحاجة ماسة إلى مرحلة جديدة من استعادة الثقة بالقانون، وتطبيقه، واليوم هو أفضل توقيت أمام الدولة من أجل القيام بذلك.
انفضاح أمر الوفاق «والإرهابيين الذين تدعمهم» أمام السفراء، والسفير البريطاني تحديداً غير الموازين، وأنا مازلت أقول إن علينا كمجتمع أولاً، وكدولة ثانياً أن نقول لمن قال كلمة الحق من السفراء «شكراً»، وأن ندعم موقفهم، وأن نجعلهم يشعرون أن موقفهم هذا يقف خلفه شعب البحرين الحقيقي. حين عرفت الدولة كيف تدير اللعبة خارجياً، أتت النتائج محلياً، جزء كبير من نجاح اللعبة خارجياً، يحسب لما قام به جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه من جولات واتفاقات وتحالفات مدروسة، وبناء علاقات حقيقية وقوية خاصة مع بريطانيا، وفرنسا، وروسيا، وألمانيا، واليابان، والصين، والهند، وكوريا الجنوبية.
هذه نقطة تحول تحسب لسياسة البحرين الخارجية، ولجهود جلالة الملك في هذا الملف، وجهود سمو رئيس الوزراء، وسمو ولي العهد الذي قام هو أيضا بلعب دور خارجي قوي ومؤثر للغاية، سواء بالشرق أو الغرب، وما نحن فيه من نتائج على الأرض اليوم إنما هي بسبب تلك الأدوار المهمة لقادة البلد، خاصة حين أعاد قادة البلاد وضع أولويات استراتيجيات التحالفات الخارجية، وهذا هو العنصر القاصم للظهر من استقوى علينا خارجياً.
تهزمهم من حيث جاءوا بالدعم لأنفسهم، هذا هو المفصل في أحداث اليوم التي تحدث، ونتمنى ألا تتراجع الدولة بل إن تُجهز بقوة القانون على كل من كان يستقوي بالخارج، ويريد أن ينقلب على شرعية الحكم، وشرعية إرادة أهل البحرين، الفرصة اليوم مواتية، وتضييع الفرص إنما هو تضييع لمستقبل البحرين..!
** رسالة عاجلة لوزارة الداخلية
نوجه رسالة عاجلة إلى وزير الداخلية قبل موعد رأس السنة، نتمنى ألا تتكرر أحداث العام الماضي في مثل هذا اليوم، أو ألا تتكرر أحداث الفوضى في الأيام الوطنية.
نتمنى ألا تعود الفوضى وإغلاق الشوارع الهامة والحيوية من قبل الفوضويين بسبب رأس السنة الميلادية.
الفوضى وأماكنها تعرفونها أكثر منا، نرجوكم ألا تتركوا الأبواب مفتوحة لمثل هذه الفوضى.
بالتنظيم والاستعداد والصرامة مع المخالفين، تستطيعون أن تجعلوا الناس تشعر أن وزارة الداخلية هذه المرة تمكنت من وضع ضوابط حقيقية لمنع الفوضى ونجحت.. هذه رسالتنا إليكم.