الرأي

لا تقف في وجه من يساعدك

بنادر



منذ هبوط أبينا آدم وأمنا حواء من الجنة؛ والذي يعني أننا كلنا أبناء السماء أو المكان الأول، نزلت معهما المحبة الخالصة التي هي الدليل الروحي الإلهي السماوي، تقودهما معاً لإعمار الأرض وزرعها بالخير وريها بالسعادة ونشر السلام الدائم بين أبنائها، نزلت معهما المحبة الساطعة البهية لتقول لهما إن من تبعها سلم ومن تركها ندم.
نزلت المحبة من أجل أن تخبرهما أنهما سيبقيان على هذه الأرض لمدة محددة، وسيغادرانها للعودة إلى بيتهما الأول، لذلك عليهما أن يقوما بإنجاز المهمة التي أنزلا للقيام بها على أفضل ما يكون وبأتقن ما يمكن، أعني بذلك مهمة إعمار الأرض، بكل ما تعني كلمة إعمار من فعل الخير والسعادة والرفاه على الأرض.
ونحن أبناء آدم وحواء، كل واحد منا يعشق أن يحبه أحد ما، ويحب أن يعتني به الآخرون الذين يعيشون معه في نفس الزمان ونفس المكان ونفس الجيل، وهو ما يحدث لكثير منا كل يوم، فغالبيتنا يقضي وقته مع أناس يستمتع بصحبتهم ويرتاح بوجوده معهم، حيث أن طبيعة الإنسان اجتماعية من الأساس والسر في هذا دائماً، كما أرى، يكمن في ملاحظة الشعور الطيب الذي تتركه لحظات العناية والاهتمام بكل فرد بين الجماعة الواحدة وبين أصحاب الهموم والمشاغل والمطامح والأحلام والمشاريع المشتركة.
من هنا عليك أن تترك المجال للآخرين لأن يقدموا لك خدمة لوجه الله، كما تقوم أنت بخدمتهم دون مقابل، البعض يعرف أنك إنسان محترم ومحب للخير، لذلك يحاول أن يشكرك بطريقته الخاصة، صاحب المال قد يقدم لك شيئاً من ماله، صاحب العطور قد يرغب في تقديم شيئاً من عطوره، والذي لا يملك إمكانية المال سيقول شيئاً يعبر لك فيه عن امتنانه، والذي لا يعرف شيئاً قد يبتسم لك من قلبه حين تمر عليه أو يلتقيك في الطريق ويصافحك بمحبة وحرارة الصديق القريب إلى قلبك، لذلك عليك ألا تقطع على أحد رغبته في مساعدتك، لا تقطع المال، ولا تقطع الحلال، ولا تقطع الكلمة الطيبة، ولا تقطع الابتسامة الصادرة من القلب، دع الآخرين يعبرون عن حبهم لك ومشاعرهم الفياضة.
كما إنك لا تحتاج إلى الكثير للتعبير عن حبك لهم، بارك لهم في مالهم وبارك لهم في حياتهم وبارك لأولادهم وأحفادهم، أحضر أفراحهم، شاركهم في أحزانهم، الكثيرون يتكلمون عن تبادل المصلحة بين الأفراد والشعوب والمجتمعات، أنا أسمي ذلك تبادل المحبة، والتي تطرح مقولة «عش ودع الآخرين يعيشون»، امنح ما لديك من حب وسوف يأتيك الحب من جميع الجهات، ولكي تتواصل في استقبال المحبة لا تمنع أي خير يصل إليك، حتى قطعة الشوكلاته التي يقدمها لك أحد أصحابك في العمل لا ترفضها بأي عذر من الأعذار، خذها حتى لو لم تكن ترغب، قدمها لشخص آخر، لكن لا تمتنع عن أخذها، لأنك بذلك تمنع تدفق الخير إليك.
كل علاقة على الكوكب هو نوع من أنواع تبادل المحبة، أنت تساعد الآخرين بسرية تامة دون انتظار الشكر منهم، ومن الأفضل ألا يعرفوا ذلك، فأجمل المساعدات تلك التي لا يعرفها أحد سواك، كأنها تأتي من السماء أو كأنها إحدى المعجزات، أجمل المساعدات تلك التي تقدمها لوجه الله تعالى.
لا تتوقف عن تقديم المساعدة للآخرين.. لا تتوقف أمام من يريد مساعدتك.