الرأي

عذراً للجميع.. أنا سأختار هذا المرشح!

أبيض وأسود



أكثر ما يزعجني في فترة الانتخابات ويزعج المخلصين الطيبين من أهل البحرين؛ هو ما يخرج من البعض من أعمال وأفعال وأقوال ورسائل في التواصل الاجتماعي يتم من خلالها النيل من مترشحين وتشويه سمعتهم، وسمعة أسرهم لصاح مترشح آخر، أكان المترشح رجلاً أم امرأة.
بل إن البعض وصل به الحال إلى النيل من سمعة وأعراض المترشحين، وهذه طامة كبرى، وهذه إن مرت دون عقاب بالدنيا فإن عقابها بالآخرة عظيم.
إلى كل الإخوة والأخوات أقول؛ إن وصلت إليكم رسائل تنال من مترشحين وتنال من سمعتهم الشخصية أو سمعة أسرهم، فعليكم ألا تمرروها، فمن يمررها وينشرها يأخذ ذات الإثم.
الفوز على الخصوم لا يأتي بتشويه سمعتهم أو النيل من أسرهم (أمهاتهم، وآبائهم، وأولادهم، وبناتهم، وزوجاتهم)، هذا عمل دنيء وقذر ومنحط لا يتسق مع ديننا الإسلامي ولا أخلاقنا ولا أعرافنا.
هذه الظاهرة تخرج مع كل انتخابات؛ ففي مرات سابقة أذكر أنني كتبت عن ذات الموضوع في انتخابات 2006 حين تم النيل من والدة أحد المترشحين، وكان ذلك الفعل قمة الانحطاط الأخلاقي والديني.
مجال المنافسة مفتوح بالإقناع وبالمشروع الذي يطرحه المترشح في الانتخابات، وبخدمة المترشح لأبناء الدائرة قبل أن يترشح المترشح، هذه أمور مؤثرة لدى الناس، لكن أن يقوم البعض باستغلال الانتخابات لتصفية حسابات شخصية، وأن يتحول الأمر لتجريح في الأسرة والأعراض فهذه طامة كبرى، وأتمنى على خطباء المساجد أن يقوموا بتوعية الناس من منظور الشرع في هذه النقطة تحديداً.
لم يتوقف الأمر عند التشهير بالأسر؛ بل إن البعض يقول لك أن المترشح فلان حرامي، وأن المترشحة فلانة كذا وكذا، ولو افترضنا جدلاً أن هناك مترشحين عليهم علامة استفهام يضعها بعض الناس من الأفضل ألا نشهر بأحد، لنترك الخلق للخالق، فإذا لم يعجبك المترشح فلا ترشحه أنت وأسرتك، وانتهى الأمر، هذا الذي بيدنا فنحن لا نملك عصا موسى عليه السلام.
لكن أن نقوم بالتشهير بالناس ونخوض في أعراض المترشحين ونقول فلان كذا وكذا، فهذا لا يجوز شرعاً ولا أخلاقاً ولا عرفاً.
على صعيد آخر وفي ذات شأن الانتخابات؛ فقد تلقيت قبل أيام اتصالاً من أحد الإخوة الكرام وكان يتحدث عن الانتخابات القادمة، وكان يقول أنا وأسرتي سنذهب للتصويت وأن هذا واجب وطني، ولن نترك المجال لأحد ليقول إن الإقبال ضعيف على الانتخابات، سنحشد للتصويت حتى وإن لم يعجبني البرلمان السابق.
ثم أخذ الأخ يقول لي: «أنا سأصوت وحسمت أمري وأمر أسرتي، لكن المترشحين في دائرتي سيئون كلهم «.
قلت للأخ المتصل: «حتى وإن كان المترشحون على حد وصفك سيئين، نفترض ذلك، لكن من الواجب الوطني والديني أيضاً أن تختار أفضل السيئين على أقل تقدير، نعم قد لا تكون مقتنعاً بأحد منهم، لكن هذا الموجود أمامك، فعليك أن تختار أفضل السيئين هذه مسؤولية أمام الله، ومسؤولية وطنية، ولو كنت مكانك سأختار هذا المرشح، الأفضل بين السيئين، أو أفضل السيئين». (انتهى حديثي مع المتصل)
وأقول إني سمعت ذات مرة ذات الحديث من أكثر من شخص، وهو أن بعض الدوائر بها مترشحون سيئون، وكنت أقول إن هذا الأمر مرده إلى عاملين اثنين؛ الأول هو أن المسؤولية تقع علينا جميعاً كمجتمع، فحين يترك أصحاب الخبرات والعقول، والقلوب والأيادي النظيفة المجال لغيرهم، ولا يترشحون للانتخابات فإن الآخرين يجدونها فرصة لهم للظهور، الأمر الآخر هو أننا قد نحكم مسبقاً على مترشحين جيدين، وهذا خطأ، فقد ثبت بالتجارب البرلمانية السابقة أن من كنا نظنه نائباً ممتازاً صدمنا بأدائه المحبط، ومن كان نظن أنه سيئاً صدمنا وأصبح جيداً، بمعنى أن الأحكام السابقة أحياناً تكون خاطئة، والمحك والتجربة هي التي تكشف كل شيء.
خلال التجربة السابقة كان مجلس الشورى كأداء أفضل من مجلس النواب رغم أن فارق الصلاحيات يصب في صالح النواب، إلا أن بعض الكفاءات في مجلس الشورى محترمة جداً.
في مجلس الشورى مثلاً هناك كفاءات تجعلك تصفق لها أحياناً، وكنت أتمنى لو أن هذه الكفاءات في مجلس النواب.
كفاءات الشورى في (بعض) الرجال والنساء، وأنا معجب بأداء عضوات بعينهن مثل الأستاذة الأخت دلال الزايد والدكتورة الأخت جهاد الفاضل، وأخريات أيضاً لا أريد أن أبخس حقهن.
المسألة هي مسألة عقول وإحساس وطني وفكر ورؤية وطنية للأمور، والعقل ليس حكراً على الرجل، فهناك طاقات نسائية محترمة في الشورى تمنيت لو أن هذه الطاقات في مجلس النواب، خاصة حين أرى تعديلات مجلس الشورى على القوانين المقترحة، والتي تعاد للنواب ثانية، وعندها يعترف النواب أن تعديلات الشورى أصوب وأفضل.
أعود لما بدأت به العمود؛ فقد نكون ممتعضين من أمور كثيرة، وقد نكون منزعجين من مجلس النواب السابق، لكن كل ذلك ليس سبباً في أن نحجم عن الانتخابات والذهاب للتصويت.
إرادتنا الوطنية، وحسنا الوطني، وحملنا لمسؤولية دفع الضرر عن وطننا من أناس كانوا ومازالوا يغدرون بالوطن، كل ذلك يجعلنا نذهب للتصويت، ونذهب لنختار الأفضل، ومسؤولية اختيار الأفضل هي مسؤولية كبيرة.
ألمس أحياناً أن البعض لديه مقاييس عنصرية للتصويت، وهذا مقياس مزعج ويجعل أحياناً من يصل للمجلس النيابي ليس هو الأفضل، بل إن مقاييس أخرى أوصلته للمجلس، هذه أيضاً ظاهرة موجودة ومسكوت عنها.
ابحثوا عن «القوي الأمين» واعرف أن البحث عن القوي الأمين في آخر الزمان يشبه البحث عن إبرة في قاع المحيط، لكني أقول كما قلت للآخر المتصل «لنختار أفضل السيئين» إبراءً للذمة ودفعاً للضرر الذي قد يصيب الوطن جراء امتناع أناس عن التصويت بسبب مترشحين سيئين.
اختاروا أفضل السيئين، ذلك أنجع من أن نصبح ظاهرة صوتية لا تعرف إلا النقد والنقد من أجل النقد، فذهابنا لصناديق الاقتراع هي مسؤولية وطنية اليوم، أتمنى من الجميع أن يدرك ذلك، ويترك الإحباط، ويترك تحبيط الناس، ويحزم أمره نحو التصويت هو وأسرته حتى نرفع هامة الوطن، حتى وإن كانت لدينا خيبات سابقة من مجلس سابق، فبيدنا اليوم التغيير..!