الرأي

وقف منابر التحريض.. والعودة شوقاً للبحرين!

أبيض وأسود



نشر سابقاً في الصحف جملة من الاعترافات لمتهمين بالقيام بأعمال إرهابية، وقد تكررت هذه الاعترافات التي تقول على لسان الفاعل «هناك من كان يقدم لنا المال، حتى نقوم بعمليات الإرهاب» وهذه العمليات إما حرق الإطارات والحاويات، أو إلقاء الزجاجات الحارقة على رجال الأمن، أو القيام بعمليات كبيرة كتفخيخ القنابل، ولكل عمل سعره وقيمته التي تدفع للفاعل.
أمس الأول عقد اجتماع عمل برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه، تنفيذاً لتوجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه التي جاءت قبل أيام وشددت على وقف التحريض ومعاقبة كل من يتجاوز القانون، وتنفيذ توصيات المجلس الوطني.
اليوم أسأل: هل نحتاج إلى أن نقرأ من جديد جميع التوصيات التي صدرت من المجلس الوطني، وبالتالي نحصي ما الذي تنفذ، والذي لم ينفذ؟
اجتماع العمل الذي عقد أمس الأول للحكومة الموقرة كان ممتازاً، إلا أن هناك تساؤلاً هاماً في تقديري: ماذا عن تمويل الإرهاب؟
هل أحصينا ممولي الإرهاب؟
هل أحصينا من أين تأتي الأموال لتنفيذ العمليات الإرهابية التي اعترف بها المتهمون بأنهم يتقاضون المال نظير تنفيذ العمليات؟
هل جلبت الأجهزة المختصة والنيابة العامة من تم الاعتراف عليهم بأنهم يمولون الإرهاب؟
من المفترض أن حلقة إجرامية، تجر حلقة إجرامية أخرى، حتى لو اتبع الإرهابيون أسلوب الخلايا العنقودية في تشكيل الجماعات الإرهاب، إلا أنه تبقى هناك خيوط تقود إلى من يدفع، ومن يمول، والذي يدفع أيضاً أخذ الأموال من آخرين، بالطبع هو لا يدفع من جيبه الخاص.
أسعدتنا كل التصريحات التي خرجت مؤخراً من أجل تطبيق القانون، فهناك شعور لدى المواطن البسيط بأن وتيرة الأعمال الإرهابية ستشتعل مع بداية الحملات الانتخابية من أجل تخريب الانتخابات على اعتبار أن الوفاق لن تشارك، فمن الضروري أن تخرب العملية الانتخابية وإرهاب الناس حتى لا تذهب لصناديق الاقتراع، هذا إذا افترضنا أنها لن تشارك، ومازال هناك من يقول بأنهم سيشاركون رغم كل (الدجل والمسرحيات) المعروفة التي يمارسونها، والتي يكشفها حتى الأطفال.
كمواطن بسيط أسأل: إذا كانت هذه اعترافات الذين ينفذون العمليات الإرهابية، فهل تتوقف الدولة عند الإمساك بالفاعل فقط؟ أم أنها تأتي بكل الأشخاص الذين اعترفوا عليهم كشركاء في الإرهاب، كان ممولاً أو محرضاً..؟
إخراس المنابر المحرضة، والتي نعرفها وتعرفونها، وأولها المحرض الأكبر والأول على الإرهاب وعلى تدمير الأمن والسلم الأهلي البحريني، هؤلاء يجب أن يطبق عليهم القانون، وأحسب أنني لم أنس قائمة التهم التي آلت عرضت من قبل وهي لدى وزارة العدل حول المحرض الأول، وهذا يعني أن جميع خروقات القانون مرصودة، وبالتالي بقي أمر واحد فقط وهو تطبيق القانون..!
نحتاج اليوم أن تعيد الدولة الثقة لدى المواطن بأنها تمارس سلطاتها وتطبق القوانين، وتمارس سيادتها على أرضها، وعلى جميع من يضع رجله فوق هذه الأرض.
العناوين والتصريحات قرأها الناس في اغلب المناسبات التي ظننا أن الدولة ستطبق فيها القانون فعلاً، بينما مازال الانتظار قائماً، ولا أعرف يبدو أننا ننتظر عملية إرهابية بحجم كبير، حتى نتحرك بعض الشيء.
حين طبقت الدولة القانون على المدعو النجاتي بعد سلسلة خروقاته، وبعد أن مول شراء البيوت من أهالي المحرق من أجل الاستحواذ على الدوائر الانتخابية ومن أجل اختراق المحرق أكثر، فرح أهل البحرين بأن الدولة أحكمت قبضتها على من يخرج على القانون، وارتفعت الروح المعنوية لدى الناس، لكن بعد فترة رجعنا للجمود من جديد.
إخراس المنابر الطائفية والمحرضة على الإرهاب يجب أن تقوم به الدولة اليوم وليس غداً، كما إن تجفيف تمويل الإرهاب والوصول إلى الممول الأول كان في البحرين أو خارجها يحتاج إلى أن نقوم به اليوم وليس غداً، الإرهاب بدون تمويل يموت ويحتضر، فالمال يتساوى مع التحريض، فهل قامت الجهات المعنية بدورها كان في المصرف المركزي، أو في وزارة الداخلية، أو وزارة العدل، أو وزارة الشؤون الاجتماعية؟
في أكثر من مرة حين يأتينا زائر من دولة خليجية يزور البحرين، ويشاهد عمليات حرق الإطارات وتعطيل مصالح الناس يقول لنا: «انتوا من صجكم للحين ومن أربع سنوات في دولة صغيرة مثل البحرين مو قادرين تمسكون اللي يحرقون..؟».
فنصاب بالحرج، ولا نعرف أن نجيب عليه، الرجل على حق، لكن هذا واقعنا، فماذا نقول؟
هل نقول له الدولة لا تذهب لتمسكهم في أماكنهم قبل الخروج للشارع العام، بل تنتظرهم يحرقون ومن ثم تبدأ بإطفاء حريق الشارع، ومن بعد ذلك يفكرون في الفاعل..!
حالة غريبة عجيبة، ونتعرض لإحراج شديد من أهلنا من الخليج حين يتحدثون عن التهاون في البحرين، فنلزم الصمت «يقولك الحيطان لها ودان.. مايندره نقول جملة من غير قصد ويزعل أحد..!».
أعتقد أننا نحتاج أن نعيد قراءة توصيات المجلس الوطني، ونحصي نتائج تطبيقها.. أين تقدمنا، وأين فشلنا، أو تأخرنا، وأنا على يقين بأن من يعيد قراءة التوصيات سيقول، صحيح هذه توصيات هامة وضرورية لكننا نسيناها أو لم نطبقها، أو بعض الوزارات تهاونت في التطبيق، خاصة الوزارات الكبيرة المعنية بمحاربة الإرهاب.
** الرجوع للبحرين من بعد السفر..!
كتبت عن ذلك ذات مرة حين أعود من الإجازة من الخارج، أننا حين نسافر ولو لمدة بسيطة، نعود للبحرين وكأننا ابتعدنا دهراً من الزمن.
بالأمس قابلت أحد الإخوة الذين قضوا إجازة في ربوع أوروبا، يقول الأخ «استمتعنا بالإجازة والجو هناك، أغلب الأمور كانت طيبة وأسرتي كانت سعيدة، لكن حين عدنا إلى البحرين واقتربت الطائرة من المطار، أخذت أطل من نافذة الطائرة وكأني للمرة الأولى أسافر، شعور العودة غريب، يصبح الإنسان منا مثل الطفل يريد أن يرى البحر، ويريد أن يرى المحرق من أعلى، ويريد أن يرى ماذا تغير في خارطة البحرين».
نحسب أن كل أهل البحرين الحقيقيين يحبون البحرين بهذه الصورة وأكثر، لا أحد منا يزايد على الآخر في حب البحرين، فحبها ليس حكراً على أحد، أو جماعة أو فئة أو طائفة، من يحب البحرين تصدقه أفعاله قبل أقواله، وللجميع الاحترام والتقدير.
لهذا الوطن في قلوب أهله حب غير طبيعي، لا يمكن وصفه (ربي لا يحرمنا من هذه الأرض وأهلها الطيبين).
حتى الذين تآمروا على البحرين أفراداً أو جماعات أو دولاً (صابتهم حوبة البحرين)، كما يقول الأولون للبحرين (حوبة)..!
ربي يحفظ هذا الوطن وأهلها الطيبين الذين يحبون وطنهم كلٌ بطريقته، وربي يحفظ قيادته التي تسمع وتستجيب وتتجاوب مع أهل البحرين بطريقة متناغمة جميلة، وهذه نعمة من عند الواحد الأحد، ونأمل أن تتواصل هذه الاستجابات بشكل أكبر من أجل مصلحة البحرين أولاً وأخيراً.
حفظ الله البحرين وأهلها جميعاً، وأدام علينا الأمن والاستقرار، فالأمن إنما هو هبة من عند الله وحده، ويجب علينا أن نشكر رب العباد على حفظه لوطننا، ونوقف كل شيء يغضب ربنا في بلدنا، من يحيك المؤامرات علينا، بإذن الله لن ينجح، فهو على باطل، ويوهم الناس أنه على حق، فلا نامت أعين المتآمرين..!