الرأي

الحروب الدينية قرار «مغربي» تاريخي

كلمة أخيرة


ألوم الدولة على تأخرها في الإقرار بأن «العبار» مات بسبب استخدام سلاح الشوزن، لأنها باختصار تجد حرجاً من الإقرار بأن رجالها يستخدمون هذا السلاح، وهم الذين يواجهون التفخيخ والقنابل والقاذفات والمولوتوف، وهذا الحق هوحق شرعي مسموح في كل دول العالم ورجل الأمن البحريني يقاتل مليشيات مسلحة ولا يواجه مسيرات سلمية.
ألوم الدولة على «الحرج» من الدفاع عن حق رجال أمنها في الدفاع عن أنفسهم، كان على الدولة أن تقر مبكراً بنتيجة تقرير الطب الشرعي، وتؤكد بأنه مادام رجل الأمن يواجه أسلحة قاتلة في الشارع، فمن حقه استخدام السلاح القاتل للدفاع عن نفسه، ومن المتوقع أن يموت في المصادمات من لا يحمل السلاح بحد ذاته لكنه خرج لمواجهة رجال الأمن ضمن مجموعة تطلق النار.
ومثلما تاجرت الوفاق بالعبار ستتاجر بغيره
وبياناتها في رفض العنف وشجبه تبلها وتشرب ماءها، فحفلة الزار التي تقوم بها مع سقوط قتلى المواجهات مع الأمن تمسح كل بياناتها الرافضة للعنف، ولا يمكن أن تصرف إلا في بنك تمجيد الإرهاب وتشجيعه والتحريض عليه.
ومع استمرار بقاء ماكينة التفريخ سيموت رجل أمن آخر بعد محمد فريد، وسيموت شاب آخر بعد العبار، وستستمر حرب الاستنزاف مادامت الحرب الدينية مستمرة وماكينة تفريخ الإرهاب مستمرة في الإنتاج والتبرير وتمجيد الأعمال الإرهابية والاحتفاء بهم والمتاجرة بجثثهم، وقودها الناس والحجارة والمولوتوف والقنابل والمفخخات.
و لن تستقرالبحرين مادامت غرفة العمليات مرخصة قانونياً وقادتها الدينيون هم ذاتهم قادة سياسيون والدولة قابلة وتتركهم يتنقلون داخل وخارج البحرين ويخطبون ويلقون المحاضرات والندوات والمؤتمرات الصحافية ويستقبلون السفراء، وتعترف الدولة بزعامتهم ويتواصلون مع قيادات الحكم بوسطاء أو دون، ومادمت الدولة تعتقد أن الحل يمكن في انتظار أن يهديهم الله، وستستمر الحرب
ما خجلت البحرين من حقها في الدفاع عن نفسها، وما عجزت البحرين عن اتخاذ قرار بشجاعة، وحكمة، وبعد نظر قرار ملك المغرب.
إذ استشعر جلالة الملك محمد السادس هذا الخطر قبل أن تمتد إلى المغرب النيران وأخذ قراراً تاريخياً شجاعاً. و هو الذي يملك مكانة دينية رفيعة لا مكانة سياسية فحسب بحظر السياسة على رجال الدين منجاة لوطنه ولشعبه
فأصدر محمد السادس ملك المغرب مرسوماً ملكياً يحظر فيه على رجال الدين الخوض في السياسة، في استشعار رغم أنه جاء متأخراً جداً بعد مصر التي حظرت الأحزاب الدينية وبعد أن امتدت حرائق رجال الدين إلى 80% من الأوطان العربية لكنه على الأقل ملك الشجاعة في إصداره واتخاذه.
ورغم أن المغرب مجتمع متوحد المذهب «فالمالكية» هي الساطية على انتماءات معظم الشعب المغربي، إلا أن الاحتراز كان واجباً ملكياً لحماية مكتسبات الوطن، خاصة وأن الجماعات المتشددة عبرت كل الحدود السياسية ووصلت إلى عقر دار الاعتدال.
اليوم الشعوب العربية هي التي ترفع هذا المطلب لقياداتها وتضعه على رأس أولوياتها وتطالب به حماية لمكتسباتها وحماية لأمنها ولاستقرارها، بل أن أكثر ما يلفت النظر والملاحظ أن الاحتفاء بقرار ملك المغرب جاء من أتباع جميع المذاهب السنية بكل أفرعها، ليس هذا فحسب، بل أن دولاً وجماعات وقادة رأي ورجال دين «سنة» لم يجدوا غضاضة ولا حرجاً ولا تردداً في الإعلان بدل المرة ألف، وببيانات، وبمقالات وبكل وسائل التعبير، وأكثر من مرة، رفض وشجب بل والسخرية مما يسمى «داعش» رغم أن هذه الحركة محسوبة عليهم مذهبياً لكن الحمد لله فلا طائفية متعصبة تحول بينهم و بين رفض الخطأ واستنكاره، وإخراجه من ذمتهم، ولا «وحدة لصف مذهبي» مقدمة على وحدة أوطانهم، ولا «وحدة لصف مذهبي» تجعلهم يحيدون عن قاعدة عدلية أرساها الرسول الأعظم «لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»، والحمدلله أنهم تخلصوا من تبعية «معكم» معكم» يا علماء، ويملكون القدرة والشجاعة على انتقاد، ورفض ما يتنافى مع عقولهم حتى و إن صدر من «فقيه» وإعلان رأيهم بصراحة ودون مواربة، بأنه لا عصمة لبشر بينهم.
كنا نتمنى أن نجد ذات الشجاعة والأريحية عند الذين لايرون في كل ما يصدر من مرجعياتهم إلا الملائكية والنزاهة والصدق والطهرانية فهم يرونهم لايخطئون، ولا يسيئون ولا يزلون، لأنهم يظنون أنهم حقاً معصومون!! ومستعدون لأن يعموا أبصارهم وبصيرتهم من أجل الدفاع عن أخطاء رجال دينهم وجرائمهم، وعدم تصديق حتى الأدلة والبراهين التي تدينهم، والظن أنها (مؤامرة) ضدهم، الحمدلله الذي شافانا، وعافانا مما ابتلاهم به من حالة انقياد عجيبة حتى لو إلى التهلكة.
إنما في النهاية لايمكن رهن أمن الدولة بانتظار أن يهدي الله حراق و ساحقي رجال أمنها «إنك لا تهدي من أحببت لكن الله يهدي من يشاء»، بل على الدولة مسؤولية ومهام حماية مكتسبات مواطنيها والاقتداء بالمغرب واتخاذ قرار شجاع ينهي هذه الحقبة السوداء من تاريخ شعوبها، والاقتداء بمصر والمملكة العربية السعودية بجعل الجماعات الدينية السياسية جماعات محظورة حظراً تاماً مطلباً شعبياً، عل و عسى نحمي البحرين من حرائق الربيع العربي!