الرأي

حوار المنامة.. رؤية بحرينية وانطلاقة عالمية

ورق أبيض




تتواصل اليوم فعاليات حوار المنامة العاشر، والذي شهد هذا العام، كسابقيه، مناقشة عدد من القضايا الإقليمية الأمنية والسياسية ذات الاهتمام العالمي، خصوصاً وأن دول المنطقة تعيش في وضع أمني وسياسي مضطرب للغاية، ساهم في رسم صور غير حقيقية عن طبيعتها وتوجهاتها.
حوار هذا العالم، والذي أقيم بمشاركة المئات من الشخصيات الرسمية والأكاديمية والخبراء والإعلاميين، ناقش أكثر ملفات المنطقة حساسية، وعلى رأسها قضية الإرهاب، خصوصاً بعد التطور الكبير الذي حدث في العراق منتصف العام القادم، مرسخاً فكرة وجود قواعد إرهابية ذات إمكانيات عالية يمكنها أن تكون، إن تم تجاهلها، رقماً صعباً في معادلة الأمن والاستقرار في المنطقة مستقبلاً.
سمو ولي العهد، والذي كان حاضراً بشكل دائم في أروقة المؤتمر، أكد في كلمته الافتتاحية على فكرة أساسية مفادها «ضرورة تمييز حقيقة أن الإرهاب ما هو إلا أداة تتوارى وراءها الأيديولوجيات الثيوقراطية بطابعها المتطرف، ومن الواجب التصدي بشجاعة ونزاهة فكرية للّب هذا الفكر وكافة أشكال استغلاله للأديان والمعتقدات».
طرح سمو ولي العهد يشير بوضوح إلى الفهم والرؤية البحرينية لحقيقة الإرهاب الذي يجتاح المنطقة، والذي هو بالأساس الأيديولوجيات الثيوقراطية المتطرفة، والتي يجب أن تكون الهدف الحقيقي في الحرب العالمية ضد الإرهاب، فما تلك الجماعات المقاتلة سوى أدوات يتم استغلالها لتحقيق أهداف أصحاب الأفكار المتطرفة.
وفي ذات الخطاب أوضح سموه أن «الأحداث التي مر بها العالم العربي منذ 2011 التي لا يمكن تسميتها بالربيع بسبب أثرها العاصف أتاحت بما تسببت به من الإخلال بصيغة الدولة في بعض البلدان العربية من خلق فراغ استغلته مثل هذه الجماعات المتطرفة وفق أجندتها»، وقد كان سموه واضحاً وصريحاً في تصحيح المفهوم الذي شاع لوصف الأحداث في المنطقة، حيث ما خلقته هذه «العاصفة» لم يكن إلا انهياراً للدول وللقيم الوطنية والمواطنة فيها بعد أن تسربت أيدي خارجية مستغلة حالة الفوضى والدمار لبناء قواعد فكرية وبشرية تقوم على استغلال حالة الانهيار، ومحاولة النهوض بأفكار وأيدلوجيات دخيلة على مجتمعاتنا العربية، وعلى رأسها حالة التطرف غير المسبوق الذي تعيشه بعض دول المنطقة.
التطرف والإرهاب؛ كانت الرسالة البحرينية الأكثر وضوحاً في حوار المنامة 10، والتي ركز عليها سمو ولي العهد في لقاءاته مع المسؤولين المشاركين، فالبحرين عانت ولفترة ليست بالقصيرة من حالات استقطاب طائفي ساهمت في وقف عجلة التنمية وإحداث شرخ مجتمعي، ساهم بشكل مباشر في تنفيذ عمليات إرهابية من بعض القوى الراديكالية، والتي لا تؤمن إلا بالعنف سبيلاً لتحقيق أهدافها.
حوار المنامة هذا العام لم يكن فقط اجتماعاً سنوياً عادياً لمناقشة قضايا وملفات المنطقة والعالم، وإنما رسالة واضحة إلى العالم بأن مملكة البحرين قد اتخذت قرارها منذ زمن بعيد على محاربة الإرهاب والتطرف بكل أشكاله ومسمياته ومحركيه، وأنها آمنت ولا تزال تؤمن بأن الحوار والطرق السلمية من خلال المؤسسات الوطنية والدستورية هما السبيل الوحيد للدفع بعجلة التنمية إلى الأمام، ما يكفل مستقبل أكثر إشراقاً للأجيال القادمة.
رسالة البحرين الثانية في «حوار المنامة» 10 هذا العام كانت القدرة الفائقة للدولة على تجاوز أزمتها، وإعلان انتهائها بشكل نهائي، بعد ما حققته البحرين من نجاح كبير في الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة بمشاركة كل أبناء الوطن، والتي كانت بمثابة الإعلان الرسمي عن انطلاق البحرين، دولة وشعباً، نحو مرحة جديدة من البناء هدفها الإنسان البحريني.
- ورق أبيض..
أبدى كثير من الحضور، سياسيين وخبراء وإعلاميين، خلال لقاءات جانبية معهم، إعجابهم الكبير بقيادة وشعب البحرين على تجاوز الأزمة التي عصفت بالبلاد منذ 2011، والقدرة على إعادتها إلى المسار الصحيح بأقل الخسائر، والحفاظ على إبقاء باب الحوار الوطني مفتوحاً أمام جميع المكونات.. شهادة حق كان لا بد من قولها..