الرأي

اختراق الدولة من هذه الشركات..!

أبيض وأسود

أكثر ما أفكر فيه من بعد كل ما حدث لنا منذ ثلاث سنوات وحتى اليوم، هو ذلك السؤال؛ ألا توجد جهة ترصد ما حدث ويحدث من أحداث وأسباب وأساليب أدت إلى الانقلاب، وتحلله، وتضعه أمام أصحاب القرار؟
هل يعقل أن دولة ما، حدث لها ما حدث وكادت أن تكون أثراً بعد عين، أن تعود إلى ما كانت تعمل به من «سياسات وفكر وخطط واستراتيجيات» كان يعمل بها قبل الانقلاب؟
كنت أحسب أن هناك جهة كبيرة بالبلد تمتلك القرار؛ تقوم برصد وتحليل وربط الخيوط ببعضها للتوصل إلى كيفية قراءة ما حدث من مؤامرة، وتقوم هذه الجهة بوضع الخطط لمواجهة «تواصل استمرار المؤامرة الخطة B» أو العودة إلى استراتيجية الاستيلاء من الداخل على أجهزة الدولة، وصولاً إلى مرحلة الشلل من الداخل، بعدها بالإمكان تحقيق الانقلاب، عندها ستعجز الأجهزة الأمنية عن وقفه للاستحالة.
لن أكون متشائماً؛ لكن يبدو ألا جهة تقوم بذلك، ولا يوجد من يرصد ويحلل ويضع الاستراتيجيات، ويرسم الخطط لتفكيك الخلايا التي تمكنت من الدولة، فقد عدنا كما كنا، بل وعاد مسؤولون لتمكين من تمكنوا من مفاصل الوزارات والهيئات والمؤسسات، انتظاراً لمرحلة انقلاب قادمة، حتى صار المواطن الشريف يقول: «معقولة الجماعة نسوا بهالسرعة»..؟!
لهذه المقدمة صلة كبيرة بما هو آتٍ، فقد يكون ما نشر أمس خبراً صغيراً في الصحف المحلية، إلا أن ما جاء في ثنايا الخبر كان أمراً خطيراً واعترافاً لا يجب أن يمر مرور الكرام من قبل الجهات المختصة وأولها هيئة الاتصالات، ووزارة الداخلية وشركات الاتصالات، وهيئة تنظيم سوق العمل، ووزارة الصناعة والتجارة.
نشرت أمس اعترافات متهم يعمل في شركة اتصالات، لكن ماذا جاء بالاعتراف؟
هذا ما قاله الموظف: «قام موظف يعمل بشركة اتصالات «26 عاماً» بالتعاون مع إرهابيين لاستخراج بطاقات هاتفية لاستعمالها في العمليات الإرهابية»!
لكن السؤال هنا أيضاً؛ أين درس الموظف الذي يعمل بشركة اتصالات وأصدر 70 بطاقة هاتف للاستخدام في العمليات الإرهابية؟
الموظف كان قد درس بالهند، ولهذا دلالات أيضاً، فيبدو أنه أحد المبتعثين من قبل الولي الفقيه الذي يرسل الطلبة إلى جامعة في بونا لأخذ شهادات «أي كلام» على وجه السرعة والعودة إلى البحرين حاملين شهادات جامعية وينضمون إلى قافلة العاطلين إن لم يوظفوا، وإن تم توظيفه فقد وجد مكاناً لإحدى الأدوات التي تعمل ضد الدولة..!
السؤال هنا؛ ألا يقوم ديوان الخدمة المدنية بالتدقيق على من يحملون شهادات من الهند ودول معروفة أخرى قبل التوظيف؟
سلمنا بالأمر أن وزارة التربية في سبات كما هي، وأنها تصدق على الشهادات مع التعليم العالي، لكن ألا يدقق أحد في ديوان الخدمة على مصدر الشهادات، ومكان التوظيف؟
أعود إلى الخبر واعترافات المتهم، فقد قال: «إنه تعرف على شيخ دين في مسجد وكان يتردد على دروسه، وكان يتخلل هذه الدروس الحديث عن أعمال الشغب والتخريب، وقال المتهم إن الشيخ عرض أمامه في أحد الدروس طريقة صناعة المقذوفات الحديدية، لكن المتهم لم يهتم بالأمر، وعندما علم الشيخ أن المتهم يعمل بشركة اتصالات، طلب من المتهم إصدار شرائح هاتفية بأسماء آسيويين واستجاب لطب الشيخ، فقام المتهم بالاتصال بصاحب شركة لديه عمالة آسيوية، وطلب منه بطاقات عمال غادروا البحرين، وتمكن المتهم بعدها من إصدار 70 بطاقة هاتف وسلمها للشيخ!».
انتهى الخبر. الآن بعد هذه المعلومات، ماذا ستفعل هيئة الاتصالات؟
ماذا ستفعل شركات الاتصالات التي هي إحدى بوابات الانقلاب؟ فما حدث بها خلال الأزمة كان مكشوفاً لنا، ناهيك عن أن أغلب المهندسين يبدو أنهم ممن درسوا في بونا، وبالتالي لديهم أسرار المهنة، وقد يقومون بالتجسس على المعلومات والمكالمات لجهات ووزارات وأشخاص.
أين الرقابة على هذه الشركات؟ هذا موضوع خطير، إن يتم اختراق الدولة به من خلال شركات الاتصالات، فكم بطاقة تم إصدارها بأسماء آسيويين رحلوا عن البحرين بذات الطريقة؟
السؤال الآخر؛ هل ضبطت الدولة استخدام الإرهابيين موجات اتصال خارج نطاق شركات الاتصالات «موجات الراديو» باستخدام أجهزة تجلب من دول شقيقة، ويتم استخدام هذه الشبكة في العمليات الإرهابية حتى لا يمكن أن تتعقبهم الأجهزة الأمنية؟
ما هو دور الوزارات الأخرى في هذه القضية، هل قبضت الدولة على شيخ الدين الذي يعطي دروساً في مساجد في كيفية استخدام القواذف الحديدية؟
أم أن القضية حصرت في موظف شركة الاتصالات؟
ألا يجب أن يتم اتخاذ إجراءات ضد صاحب شركة يزود موظف الاتصالات ببطاقات عمال غادروا البحرين من قبل هيئة تنظيم سوق العمل، ومن قبل وزارة الصناعة والتجارة؟
وأن يحال هذا الشخص إلى الإجراءات القانونية؟
هذا أمن بلد، وليس موضوعاً تافهاً، من يريد أن يحافظ على الأمن يجب أن يمسك كل خيوط القضايا، وليس المتهم الرئيس فقط.
السؤال أيضاً؛ إن كان هناك مسجداً وشيخاً يعطي دروساً في الإرهاب وطريقة تنفيذ العمليات الإرهابية، أليس من الواجب محاكمة هذا الشيخ وإغلاق المسجد؟
والله لا أعرف ماذا أقول؟ لكن يبدو أن الأمور تسير كما هي بالبركة، ولا يوجد من يعمل بشكل شامل ودقيق لوقف العمليات الإرهابية، فكل ما ذكر يصب في عمليات الإرهاب بالبحرين، وكل ما ذكر إنما هو للاحتيال على أجهزة الأمن حتى لا تتوصل إلى الإرهابيين المنفذين.
هذا الخبر الذي نشر أمس ليس خبراً عادياً، وليس اعترافاً عادياً، يجب أن تحكم هيئة الاتصالات إجراءاتها ضد شركات الاتصالات وبعض موظفيها، ويجب أن تتخذ إجراءات ضد هذه الشركة التي وظفت هذا الموظف، ويجب أيضاً أن تقوم وزارة الداخلية بدورها، وكل الأطراف الأخرى المعنية في القضية؛ وزارة العدل، وهيئة تنظيم سوق العمل، ووزارة الصناعة، كل هذه الجهات يجب أن تطبق الإجراءات القانونية حيال الشركاء في هذه القضية والقضايا المشابهة، فهل أنتم فاعلون..؟
تصريح وزير الصحة
وزير الصحة قال أمس: «إن مجمع السلمانية الطبي تجاوز أحداث 2011 مؤكداً عدم وجود أية آثار سلبية»..!!
كان بودي أن أصدقك يا سعادة الوزير، وهذا أكبر مستشفى في البحرين يقصده المواطنون، لكنها قوية جداً هذه التصريحات.
هذا المستشفى يحتاج إلى تسونامي قوي يقضي على كل أشكال الطائفية والتمييز في التوظيف وفي الممارسة العملية، وفي كل أركان المستشفى..!