الرأي

رفعت الرأس يا عمر المختار

بنادر


منذ أن كنا أطفالاً على أدراج المدرسة الابتدائية ونحن نرى في شخصية المناضل عمر المختار واحدة من الشخصيات العربية التي نضعها مع كبار المناضلين والقادة الكبار في تاريخ الإنسانية، سواء كانوا عرباً كخالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي، أو العالميين كغاندي وجيفار أو غيرهم.
الميزة الخاصة والدائمة التي يتميز بها القادة العظماء هي الإيمان المطلق بالقضية التي يناضلون من أجلها، لا يهمهم أبداً كيف تنتهي هذه القضية وكيف يمكن أن تنتهي حياتهم دون أن يستطيعوا رؤية شيء من تفاصليها، ولكن أرى أنهم يرون ما لا نستطيع نحن رؤيته، يرون انتصار ما ناضلوا من أجل أن يكون على الأرض في يوم من أيام هذا العالم، ومن وهؤلاء العظماء عمر المختار.
هو السيد عمر بن مختار بن عمر المنفي الهلالي (20 أغسطس 1858 - 16 سبتمبر 1931)، كما تقول عنه كل الكتابات، وهو الشهير باسم عمر المختار، الملقب بشيخ الشهداء، وشيخ المجاهدين، وأسد الصحراء، هو قائد أدوار السنوسية في ليبيا، وأحد أشهر المقاومين العرب والمسلمين، ينتمي إلى بيت فرحات من قبيلة منفة الهلالية التي تنتقل في بادية برقة.
تقول عنه الموسوعة الحرة؛ إنه مقاوم ليبي حارب قوات الغزو الإيطالية منذ دخولها أرض ليبيا إلى عام 1911، حارب الإيطاليين وهو يبلغ من العمر 53 عاماً لأكثر من عشرين عاماً في عدد كبير من المعارك، إلى أن قبض عليه من قبل الجنود الطليان، وأجريت له محاكمة صورية انتهت بإصدار حكم بإعدامه شنقاً، فنفذت فيه العقوبة على الرغم من أنه كان كبيراً عليلاً، فقد بلغ في حينها 73 عاماً وعانى من الحمى، وكان الهدف من إعدام عمر المختار إضعاف الروح المعنوية للمقاومين الليبيين والقضاء على الحركات المناهضة للحكم الإيطالي، لكن النتيجة جاءت عكسية، فقد ارتفعت حدة الثورات، وانتهى الأمر بأن طرد الطليان من البلاد.
حصد عمر المختار إعجاب وتعاطف الكثير من الناس أثناء حياته، وأشخاص أكثر بعد إعدامه، فأخبار الشيخ الطاعن في السن الذي يقاتل في سبيل بلاده ودينه استقطبت انتباه الكثير من المسلمين والعرب الذين كانوا يعانون من نير الاستعمار الأوروبي في حينها، وحثت المقاومين على التحرك، وبعد وفاته حصدت صورته وهو معلق على حبل المشنقة تعاطف أشخاص أكثر من العالمين الشرقي والغربي على حد سواء، فكبر المختار في أذهان الناس وأصبح بطلاً شهيداً رثاه عدد من الشعراء بعد إعدامه.
قبل عدة أيام، وللمرة الأكثر من عشرين، التقيت بالحوار الذي دار بين عمر المختار في محاكمته مع ضابط الدولة الايطالية، فلنقرأ هذا الحوار، ربما نتعرف على ما يحمله المناضل الحق، المدافع عن قضية يؤمن إيماناً مطلقاً بها.
سأله الضابط: هل حاربت الدولة الإيطالية؟
عمر: نعم.
- وهل شجعت الناس على حربها؟
- نعم.
- وهل أنت مدرك عقوبة ما فعلت؟
- نعم.
- وهل تقر بما تقول؟
- نعم.
- منذ كم سنة وأنت تحارب السلطات الإيطالية؟
- منذ 20 سنة.
- هل أنت نادم على ما فعلت؟
- ?..
- هل تدرك أنك ستعدم؟
- نعم.
فيقول له القاضي بالمحكمة: أنا حزين بأن تكون هذه نهايتك.
فيرد عمر المختار: بل هذه أفضل طريقة أختم بها حياتي.
فيحاول القاضي أن يغريه فيحكم عليه بالعفو العام مقابل أن يكتب للمجاهدين أن يتوقفوا عن جهاد الإيطاليين، فينظر له عمر ويقول كلمته المشهورة: «إن السبابة التي تشهد في كل ص?ة أن ? إله إ? الله وأن محمداً رسول الله ? يمكن أن تكتب كلمة باطل».
رحم الله أسد الصحراء حين قال «نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت».