الرأي

«المشهد الداعشي»..!

أبيض وأسود


ربما هناك سؤال هام يجب أن يقال اليوم، ما هي الضمانة ألا تتحول الحرب على داعش إلى حرب إقليمية كبيرة منتشرة يصعب احتواؤها؟
هل من ضمانة لذلك؟
من هم الذين سيحاربون نيابة عن الغرب وأمريكا على الأرض في العراق وسوريا؟
هل الحرب الجوية ستقضي على داعش بصورة كبيرة وسريعة؟
بعد كل الحرب على القاعدة في أفغانستان هل استطاعت أمريكا وحلف الناتو القضاء على القاعدة؟
حين تخرج أمريكا وبريطانيا والحلفاء من أفغانستان، أليس هذا ينبئ برجوع قوي للقاعدة التي لم تجد معها حرب 10 أعوام؟
من الذي أخرج قادة تنظيم داعش من السجون، حين كانوا في سجون الأمريكان في بغداد، أو في سجون طهران؟
من الذي أخرجهم وهو يعلم خطورتهم وجعلهم يشكلون خنجراً في ظهر الجيش الحر في سوريا وحتى يتم إصباغ الإرهاب على الثورة السورية؟
لماذا يتم إقصاء أهل السنة والجماعة من المناصب ومن تقاسم السلطة في العراق، إقصاء العشائر والقبائل السنية جعلها تتحالف مع الشيطان، فهي تتعرض لإرهاب الدولة وإرهاب الميليشيات الشيعية، فحتى الساعة يظهر أن ما يحدث إبان حكومة نوري المالكي يحدث في حكومة حيدر العبادي.
أين أصبحت حرب غزة اليوم؟
أصبحت في النسيان، لا أحد يتكلم عن غزة والقضية الفلسطينية ولا إرهاب الصهاينة كل ذلك انتهى وكأن ما حدث فيلم أمريكي في صالة سينما ووصل إلى النهاية.
ثمة أسئلة أخرى غير التي سبقت تؤرق كثيراً من يقرأ «المشهد الداعشي» الحاصل اليوم، ربما أصبحت «داعش» أكثر وضوحاً للناس من ذي قبل، ولا أحد يقف مع وحشية وإرهاب هذا التنظيم الذي شوه صورة الإسلام بنشر صوره البشعة، إلا أن بعض الأمور تحتاج إلى إدراك.
الذي ينحر رجلاً أمام الكاميرات بصورة بشعة، يسلط عليه الضوء، ومن يقتل عشرات الأشخاص حين يلقي براميل متفجرة، أو يلقي غازات كيماوية على الناس ليقتل الأطفال والنساء والشيوخ فلا أحد يقول عنه إنه إرهابي، ولا يجب أن يتصدى له العالم..؟
مفارقات كثيرة غريبة، فكل الإرهاب الذي ترعاه إيران، لا يقال عنها إنها دولة رعاية الإرهاب، كما هي الدولة الصهيونية، الجميع يتفرج على ما تفعله إيران في العراق وسوريا ولبنان، واليمن، بينما يتم تشكيل تحالف دولي عالمي «لا يعرف من سيسدد فواتيره» للحرب على داعش، إذا كان تنظيم داعش يستحق أن يحارب، ويستحق القضاء عليه، ألا يستحق إرهاب الميليشيات الشيعية والإيرانية في العراق التي تقتل باسم الجيش العراقي أن تحارب؟
هل هناك ضمانة ألا تتحول الحرب على داعش إلى حرب إقليمية؟
الأتراك مثلاً لديهم توجسات وتحفظات على تسليح الأكراد، هناك ملفات مشتعلة، خاصة أن تركيا لم تعلن بوضوح موقفها من الحرب على داعش ولا كيفية مساهمتها.
حين يأتي خطاب الرئيس الأمريكي أوباما حول التحالف ضد تنظيم داعش في يوم ذكرى 11 سبتمبر، فإن لهذا أيضاً دلالات، فهل هذه الحرب هي مواصلة للحرب الصليبية التي أعلنها جورج بوش الابن بعد أحداث 11 سبتمبر؟
لماذا دائماً تعيش منطقتنا حالة الحرب وعدم الاستقرار الذي تعيشه منذ قدوم الخميني إلى السلطة في إيران؟
ثعلب السياسة الأمريكية وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر قال إن «خطر إيران على المنطقة يفوق خطر الدولة الإسلامية، وأن طهران تسعى لتشكيل حزام شيعي يمتد من طهران إلى بيروت مروراً بالعراق وسوريا لإحياء الإمبراطورية الفارسية في إطار شيعي..!».
كلام كيسنجر خطير وواقعي، حتى وإن اختلفنا مع هنري كيسنجر في أمور أخرى، إلا أن حديثه عن تضخيم حجم ودور داعش، والسكوت وعدم رؤية الخطر الإيراني الذي يلعب في أمن المنطقة بأسرها دون أن تتحرك دول الخليج تحديداً لتفعل بإيران من داخل ما تفعله إيران في بلدانهم.
السؤال الآخر: هل ذهبت دول الخليج في تحالفها مع أمريكا وأوروبا دون أن يكون لهذا التحالف ثمن على الأرض، وهو النظر إلى ملفات المنطقة بشكل واقعي وأن ترفع تلك الدول أياديها ودعمها للقوى الإرهابية والظلامية في الخليج، والتي في أغلبها طائفية وتمول من إيران؟
هل سيستمر الغرب في تحريض منظمات عالمية من أجل الضغط على حكومات المنطقة وابتزازها وتهديدها؟
ما هي الملفات التي طرحتها دول الخليج على الأمريكان والغرب قبل الدخول في حرب ضد داعش؟
البعض يقول اليوم إن أمريكا صنعت داعش، واليوم تأتي إلينا تريد دعمنا وأموالنا لنحارب داعش، كما فعلت مع القاعدة، بينما يتم إغفال الإرهاب الشيعي في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
إذا كان الرئيس الأمريكي يقول إن الحرب قد تمتد إلى ثلاثة أعوام قادمة، فماذا سيحدث من تطورات خلال هذه الثلاثة أعوام، ومن سيدفع الفاتورة؟
وكل يوم وكل ساعة تحدث تطورات في المنطقة، وتخرج قضايا وحركات، ولا نعلم ماذا يجري، فهل ستخوض دول الخليج مع أمريكا حرب استنزاف ضد داعش وفي النهاية لن يتم القضاء عليهم على الأرض، خاصة إذا ما اتبعوا استراتيجية الذوبان في المدن التي احتلوها.
الموقف اليوم مريب جداً، هناك شعور أن الحرب على داعش لن تنتهي عند داعش، وأن الحرب قد تصبح حرباً إقليمية وتمتد دائرتها إلى دول في المنطقة، نتمنى ألا يحدث ذلك، ونتمنى ألا نضع أيادينا مع الغرب ونحن نغمض أعيننا، بينما هؤلاء «الغرب» كانوا قبل 4 أعوام يريدون زوال أنظمة المنطقة، ضمن مشروعهم الكبير..!