الرأي

حملة إنقاذ خليجية

كلمة أخيرة






يبحث أهل الخليج الآن عن صوت الاعتدال الشيعي، بعد أن استشرى واستفحل الصوت الأصولي الحركي كما سماهم «طارق حميد» في البحرين والمملكة العربية السعودية والكويت.
فطارق الحميد كتب الأمس في جريدة الشرق الأوسط «قدمت صحيفتنا، وفي أسبوع واحد، نموذجين شيعيين جديرين بالاحترام، ومطلوبين بمنطقتنا، وفي إعلامنا، خصوصاً أنهما أبرزا صوت الاعتدال الشيعي «الغائب». الشخصية الأولى فقيه ومرجع عراقي شيعي، والآخر كاتب وباحث سعودي شيعي ثقيل.
في هذه الصحيفة نشر حوار للمرجع والفقيه الشيعي العراقي آية الله حسين إسماعيل الصدر الذي تحدث عن ضرورة التمسك بالوسطية والاعتدال، ونبذ التطرف، رافضاً تقسيم المسلمين إلى مذاهب، عازياً ذلك إلى خلاف بالمدارس الإسلامية، وداعياً الجميع إلى ضرورة الوقوف ضد الإرهاب، والتفرقة ضد أكثرية وأقلية، داعياً العرب للانفتاح على العراق الذي دعاه أيضاً للانفتاح على «جميع أشقائه العرب، خصوصاً المملكة العربية السعودية كونها تشكل عمقاً استراتيجياً لنا». وهذا الحديث لا يمثل اعتدالاً دينياً وحسب، بل إنه قمة الوعي السياسي المطلوب.
كما نشرت صحيفتنا أيضاً تحقيقاً مميزاً عن «الأصولية الشيعية الحركية» سلطت فيه الضوء على أحداث العوامية، شرق السعودية، وذلك بعد صدور حكم بالإعدام على الإرهابي السعودي الشيعي نمر النمر، واشتمل التحقيق على قراءة لافتة للكاتب والباحث السعودي الشيعي كامل الخطي، أحد أبناء مدينة القطيف، حيث قدم فيه قراءة منصفة لما يحدث بالعوامية، كما قدم قراءة نقدية صارمة ومنتقدة لمن وصفه بأحد الليبراليين السعوديين المدافعين عن «حركيي» العوامية؛ حيث يقول الخطي عن تلك القراءة الخاطئة: «هذا نموذج لكيفية التعاطي مع الشأن الشيعي الذي يتضح أن الجهل به متفشٍ حتى في أوساط المشتغلين في إنتاج الوعي؛ إذ إن أي متابع متجرد من المواقف المسبقة، لن يجد صعوبة تذكر في التوصل إلى حقيقة أن الشيعة في السعودية يشكلون جزءاً أصيلاً وأساسياً في النسيج الوطني».
ما الذي يقوله لنا هذان النموذجان؟ يقولان إن صوت الاعتدال الشيعي موجود، لكن غير ظاهر، ولا مسموع، ويحتاج للإبراز، بقدر ما إن معتدلي الشيعة مطالبون أيضاً بالتحدث أكثر ضد متطرفيهم، وكما يفعل معتدلو السنة، فالإرهاب والتطرف بمنطقتنا له شقان؛ سني وشيعي، والإرهاب الشيعي إرهاب ترعاه الطائفية، وملالي إيران، ومن أجل مستقبل أفضل لمنطقتنا فإن الواجب يقتضي ظهور مزيد من هذه الأصوات الشيعية المعتدلة، وواجب الإعلام العربي إبراز ذلك، وواجب على كل قادر أيضاً «حماية» هذه الأصوات، وللحماية أشكال مختلفة. وإعلامياً لا يعقل أن يكون لحسن نصر الله والأسد الحظوة، وليس الأصوات الشيعية المعتدلة!»
أما الأمير تركي الفيصل فقد انتبه إلى وجود هذه الأصوات المعتدلة في البحرين فقال «إن الوفاق بمقاطعتها الانتخابات عزلت نفسها حتى عن أعداد متزايدة من الشيعة في البحرين».
جاء ذلك في خطاب ألقاه الأمير تركي الفيصل أمام مؤتمر مجلس العلاقات الأمريكية العربية في واشنطن، وذكر الأمير تركي أن مقاطعة الانتخابات سوف تقود إلى تهميشها وعزلها، ليس من جانب الناخبين البحرينيين فحسب، وإنما من جانب الأعداد المتزايدة من شيعة البحرين كذلك، الذين يريدون العودة إلى الحياة الطبيعية والاستقرار، وقال إن أعداداً متزايدة من الشيعة يعارضون الأقلية المتطرفة التي تريد فرض وإملاء شروطها. وتوقع أن ينتفض الشيعة ضد هؤلاء المتطرفين».
أصبحنا في الخليج نبحث بالفعل عن هذه الأصوات بحثاً لطول كتم الأصوات المعتدلة، ونشجعها ونمنحها فرصة للظهور وكأننا نمنح الفرصة لعودة الطائفة إلى حضنها الطبيعي إلى عمقها وهويتها العربية الخليجية تحديداً بعد أن اختطفتها تلك الأصولية إلى الحضن الإيراني حتى ظهر جيل نسي أن أصله من الجزيرة العربية فهو إما عراقي الهوى أو إيراني النفس شكلاً ومضموناً ولهجة ومظهراً وانتماء، لقد قلعوهم من جذورهم.
الصوت الوطني الشيعي والمعتدل يحتاج لرعاية من أهل الخليج من الحضن الأم، رعاية إعلامية ورعاية رسمية ورعاية مجتمعية حتى يتمكن من أداء مهمته بقيادة السفينة الشيعية والعودة بها إلى مينائها العربي الخليجي، وبدون هذه الرعاية نحن نتركه وحده يخوض حرباً شرسة نراها في ما يتعرض له مرشحو المحافظة الشمالية والعاصمة ورجال الدين الإخباريين وكادر الأئمة والمؤذنين وكل من حاول الخروج من حصارهم وتعرض لخطر وتهديد بالحرق وتعرض للحملات الإعلامية الشرسة، فلا نكن لهذه الحملات عوناً، إن تقديم المساعدة لهؤلاء واجب وطني ينقذ أجيالنا القادمة وأجيالهم، كما إن إسكات الأصوات السنية المتطرفة التي لا تفرق بين الشيعي المواطن المنتمي لأرضه وبين المنتمي لحراك أصولي إيراني واجب علينا جميعاً.
فإن كان أهل الخليج يبحثون عن هذه الأصوات فليكن البحث جماعياً ضمن عمل مشترك يعيد الأمور إلى نصابها وينقذ أواطننا من مخطط تفتيتي نمده بالعون حين نتجاهل أصوات الاعتدال المستغيثة بنا.