الرأي

إزعاج انتخابي

رأيي المتواضع










هاتفني وأسلوبه يغلب عليه الغضب والحدة، قال لي بأسلوب استفهامي «أهناك جهة من الممكن أن ألجأ لها للشكوى ضد مترشحنا المزعج؟!»، حاولت أن أهدئه سائلة إياه: «هل لي أن أعرف ماذا ارتكب هذا المترشح لأوجهك إلى الجهة الصحيحة للتقدم بشكوى ضده؟»، قال: «ألك أن تتخيلي أن أحد المترشحين في منطقتنا يتناوب أكثر من مرة في اليوم هو ومن يعمل ضمن فريقه بطرق باب منزلي، وفي كل مرة أستغرب من الأسئلة التي يوجهونها لي، فتارة يسألوني عن ما إذا كنت سأصوت في مركز عام أو المركز الذي يتبع المنطقة؟ وتارة أخرى يسألوني عن إذا كنت بحاجة إلى وسيلة نقل في يوم الاقتراع، وتارة يسألوني إذا ما كانت لدي أي رغبة أو طلب من مطالب الحياة ليلبيها لي المترشح بعد فوزه، والأغرب من هذا كله أنهم يتدخلون في خصوصياتي لمعرفة من هو المترشح الذي أرغب في التصويت له أنا وأفراد عائلتي، ويطلبون مني أرقام تواصلي وبعض التفاصيل الخاصة!».
واصل وهو يقول؛ امتلأ صندوق بريدي بالدعايات الانتخابية والمطويات الفارغة من المضمون، وأكمل؛ إزعاج انتخابي أعيشه يومياً أنا وأفراد عائلتي، فصورهم التي انتشرت في كل مكان ووجوههم التي رسموا عليها ابتساماتهم باتت «تزعجني»، فأحياناً يضعون لي صورهم وبطائقهم التعريفية على مقبض باب البيت، وأحياناً أخرى يضعونها تحت باب المنزل، وأحياناً يضعونها على السيارة، وأحياناً أخرى يرمونها من فوق سور المنزل، لم يكتفوا بهذا الشيء فقط بل استمرت ملاحقتهم لي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بات هذا الشيء يشكل لي مصدر إزعاج، والأدهى من ذلك أنهم ينتهكون خصوصيتي بإضافتي في «قروبات الواتس آب والبلاك بيري» دون إذن مني.
يقول؛ جاء أحد المترشحين وطرق الباب وعندما ذهبت لمقابلته طلب مني طلباً غريباً! قال لي: هل لك أن تسمي لي 10 عوائل من الممكن أن تصوت لي، فأنا جديد على المنطقة ولا أحد يعرفني فيها!، يقول: لم أحتمل هذا الشخص، فكيف لمترشح أن يترشح في منطقة هو ليس من سكانها، وكل ما يربطه بها عنوان سكني؟!
حتى أنهم لا يخجلون من إرسال زوجاتهم وأخواتهم إلى بيتي لمقابلة زوجتي، في محاولة لاستمالتها للتصويت له.. أعتقد بأن هذا المترشح لم يتعرف على أسلوب «التصويت المضاد»، حيث إنني أقسمت أنني سأصوت لأي شخص سواه «نكاية فيه»!!
إلى هنا وتنتهي شكوى هذا المتصل.
فهل بالفعل وصل الحال بالمترشحين إلى هذا الحد من أجل تجميع الأصوات؟
عزيزي المترشح.. الناخب على درجة كبيرة من الوعي، وهو لن يرشح إلا الشخص الذي يعرفه ويعرف خبراته ويقتنع بها، أما المترشحون الذين يظهرون فجأة مثل «الفقع» ويتفاجأ أهالي المنطقة بأنهم من سكنة هذه المنطقة أصلاً فإنهم بلا شك «مزعجون»، ولن يقتنع بهم الناخبون لمجرد وضعهم ملصقاً أو إعلاناً كبيراً على مدخل «الفريج»، إننا نريد أن يترشح الأفضل والذي يمثل المنطقة أفضل تمثيل، نريد شخصاً عاش في المنطقة ولمس هموم المواطنين والأجانب فيها، خالطهم وتمازج معهم ليس طمعاً في الفوز بالمقعد البرلماني؛ بل لأنه شخص محب للخير وللتواصل، شخص لا يحتاج إلى مطوية تشرح بالتفصيل من هو، حيث إنه بالنسبة لأهل المنطقة شخص «معلوم» و»معروف»، عاش فيها وترعرع، وتواصل مع أهلها في مناسباتهم المختلفة.
شخص غير مزعج يعرف عادات وتقاليد المجتمع ويكون على درجة عالية من الذوق والأخلاق، مترشح له برنامج انتخابي واضح ومحدد لا تغلب عليه الشعارات الفارغة، والأهم من ذلك أن لا يسبب لأهالي منطقته أي نوع من الإزعاج بحجة «الدعاية الانتخابية»، لا نريد أن نرى خياماً وسيارات تغلق مداخل منزلنا، ولا إعلانات في الشوارع تعيق الرؤية وتتسبب لنا بحوادث مرورية، ولا نريد مكبرات صوت في الخيام تصل إلى منازلنا وتعكر صفو حياتنا، ولا نريد أي نوع من الرشاوى الانتخابية كالطعام أو الحلوى أو أي شيء آخر «والي على راسه بطحة يتحسسها» ويتوقف عن هذه الممارسات فوراً.