الرأي

توريث المواعيد الطبية.. فصول هابطة وسبات عميق

نبضات

يبدو أن وزارة الصحة تسعى في محاولات جادة للقيام بفصول ساخرة وهو ما يمكن احتضانه في مؤسسات مختلفة ربما في المسارح أو في رسوم الكاريكاتير بالصحف، أو في ممارسات أخرى واسعة للفن الساخر قد تنتجها وزارة الإعلام، غير أن صحة الناس ومصائرهم لا تحتمل تلك الفصول الخارجة عن السخرية هبوطاً إلى الهزل.
عندما أخبرتني إحداهن بقصتها.. وخصوصاً وأننا في رمضان.. ظننتها أحد مقالب الكاميرا الخفية أو مشهداً تمثيلياً لمسلسلات «بوجليع» وفقرة جديدة في وزارة الصحة، ولكن للأسف.. لم يكن شيئاً من ظنوني وخيالاتي حقيقياً.. بل كانت الحقيقة هي ما أفصحت عنها هي، تلك البالغة من العمر «27 عاماً»، إذ تلقت قبل أيام قلائل مكالمة هاتفية من وزارة الصحة تحدد لها موعداً قريباً لتقويم أسنانها بعد معاينة حالتها والتأكيد على احتياجها للتقويم، كان ذلك في العام 2000، بعدها بأيام حدثتني إحدى قريباتنا عن ابنها البالغ من العمر «22 عاماً»، تخبرني باتصال تلقته من إحدى المراكز الصحية لتحديد موعد تقويم الأسنان لابنها وتصحيح مسار نمو الفك، والحالة لا تختلف عن الأولى كثيراً في تفصيلاتها.!!
طبعاً.. كلنا نعلم وخصوصاً أطباء الأسنان، أنه يتم اللجوء إلى التقويم لتحفيز وتوجيه نمو عظام الوجه والأسنان وتصحيح مسار نمو الأسنان وتنظيم اصطفافها، فضلاً عن إعادة تنظيم الوظائف الفموية كالنطق والمضغ والكلام، وكلنا نعلم كذلك أن مثل هذا النوع من العمليات يجب أن يتم خلال مراحل نمو العظام وهي فترة الطفولة وسنوات المراهقة، فهل مازالت يا ترى إحدى هاتين الحالتين أو كلتيهما في تلك المرحلة؟! وإلا ما جدوى التقويم الآن؟
السؤال الذي يطرح نفسه.. إذا كانت حجوزات مواعيد تقويم الأسنان تتطلب كل هذا الوقت أيمكن إضافة خاصية حجز مقاعد احتياطية عند طبيب التقويم لبعد عشر سنوات لطفل يخطط الوالدين لإنجابه قريباً؟! فقط ليكون العمر ملائماً للتقويم.
لفتة أخرى أيضاً.. مثل هذا الانتظار لا يقتصر على طب الأسنان وتقويمها وحسب، وإنما يشمل أقساماً مختلفة في المستشفيات وفي عيادات مهمة وحساسة يمس بعضها وبصفة مباشرة حياة الإنسان. فهل يا ترى يمكن توريث المواعيد لمن ورث المرض من أهل المتوفى غير الحاصل على علاج في انتظار دوره في المواعيد. أم يسقط هذا الموعد الثمين من الميراث أيضاً؟!
المستفز في الأمر أن محاولات تقويم الأسنان تعود إلى العصور اليونانية والأترورية، ونحن مازلنا نحاول في مملكة البحرين في القرن الحادي والعشرين أن نحصل على موعد للتقويم. أما المثير للدهشة أن السبات الصيفي والبيات الشتوي فترات تشهد فيها بعض المخلوقات»حيوانات ونباتات» انخفاضاً في الطاقة والنشاط وقلة التمثيل الغذائي، ولا تتجاوز تلك الفترات مواسمها السنوية المعروفة، فأي جنس من المخلوقات ذاك الذي يعمل ويدير وزارة الصحة، ليستيقظ من نومه العميق ويباشر عمله بعد مرور عقد من الزمن وفي حالة أخرى بعد مرور 14 عاماً؟!
- نبضة حق..
اسمحوا لي أن أسجل إعجابي وأصفق بحرارة لنظام حفظ طلبات المواعيد في وزارة الصحة طوال هذه السنوات، ففي ظل ضياع ملفات كثير من القضايا المهمة في وزارات شتى ومنها الصحة.. مازال لسان حال ملفات طلب المواعيد يقول: صموووووود.