الرأي

ما أروعك يا شادية

بنادر











الفن موهبة.. الفن عطاء.. الفن إيصال الخير والمحبة والسلام لمن يفتقدونه.
والفنانة الكبيرة شادية، دلوعة السينما، واحدة من الفنانات الكبيرات اللواتي أثرين الساحة الفنية السينمائية والغنائية بالكثير من المواقف والأعمال التي تعلمنا منها وصاغت حياتنا، وثقفت داخلنا المزحوم بالقديم البالي، وتركت أثراً كبيراً في حياة من شاهدها في مراحلها المختلفة.
من أعمالها المهمة التي لا زالت تسكن ذاكرتي فيلم «المرأة المجهولة»، من إخراج محمود ذو الفقار عام 1959م.
ومختصر القصة.. حيث تتزوج فاطمة (شادية) من الدكتور أحمد (عماد حمدي) ويرزقان بسمير (شكري سرحان)، تذهب لزيارة صديقتها سعاد (زهرة العلا)، يهاجم البوليس المكان لأنه مشبوه ويقبض على الجميع بما فيهم فاطمة، يفرج عنها فيطلقها أحمد. تضطر فاطمة إلى أن تعمل مغنية، يطلب البلطجي عباس (كمال الشناوي) من فاطمة إتاوة من أجل حمايتها، ترفض فيحاول قتلها، إلا أن سعاد تفتديها وتموت، يحكم على عباس بالأشغال المؤبدة.
تمر السنوات وتمتهن فاطمة بيع أوراق اليانصيب، يصبح ابنها سمير محامياً مشهوراً، يخرج عباس من السجن، يهدد فاطمة من أجل ابتزاز أسرتها، فتقتله، يفاجأ أحمد بما وصلت إليه ويندم على ما فعله معها، يتولى ابنها سمير الدفاع عنها ويكشف له أبوه عن حقيقتها على الملأ في المحكمة.
في الواقع لا يمكن أن أنسى الأغنية الرائعة، سيد الحبايب، التي غنتها شادية من كلمات الشاعر فتحي قورة وألحان الموسيقار منير مراد، وأرى أن هذه الأغنية من أروع ما غني عن الأمومة في كل تاريخ الأغنية العربية، يقول المقطع الأول في الأغنية:
سيد الحبايب يا ضانايا أنت
وكل أملي ومنايا أنت
يا أحلى غنوة بدنيه حلوة
غنت وقالت معايا أنت
سيد الحبايب يا ضناي أنت
وأخر ما قدمته من أعمال بشكل ملفت هو دورها في مسرحية «ريا وسكينة»، ثم اعتزلت عندما أكملت عامها الخمسين، ومن مقولتها الشهيرة عندما قررت الاعتزال وارتداء الحجاب وتبريرها كانت هذه الكلمات الصادقة والنابعة من تصميم وإردة منقطعة النظير: «لأنني في عز مجدي أفكر في الاعتزال لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويداً رويداً.. لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم، ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء، وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتي في خيال الناس».
كرست شادية حياتها بعد الاعتزال لرعاية الأطفال الأيتام، خاصة وأنها لم ترزق بأطفال، وكانت شغوفة لأن تكون أماً أو تسمع كلمة (ماما)، ليس لي إلا أن أنحني أمام هذه المرأة العظيمة، وأقول لها «ما أروعك يا شادية».