الرأي

الوزارات الأمنية في البحرين ومقارنتها بدول الخليج!

الوزارات الأمنية في البحرين ومقارنتها بدول الخليج!







في نقاش مع أحد الإعلاميين الخليجيين عن الوضع الأمني في مملكة البحرين استوقفتنا جملة قالها: «في بلدنا لا يوظف في وزارتي الداخلية أو الدفاع من يكون ابناً لمواطن فيما تكون أمه من جنسية أخرى، حتى لو كانت جنسيتها عربية، لذا فالوصول والعمل في الوزارات الأمنية عندنا مكرمة ما بعدها مكرمة ووجاهة اجتماعية، حيث لا يصل لها إلا أبناء العائلات الوطنية الأصيلة أباً عن جد».
زميلنا الإعلامي، والذي يعود أصل والدته إلى بلد عربي آخر فيما والده ينحدر من قبيلة عريقة جداً وقريبة من سدة الحكم في تلك الدولة، كان خلال الأزمة وأثناء النقاش معه لديه فكرة بسيطة عن البحرينيين بأنهم شعب مظلوم، وبالأخص الطائفة الشيعية، وكان يقول «والله حرام ليش الدولة ما تعطيهم حقوقهم بدل هالمعاناة؟ وليش البطالة عندكم بس لأبناء الشيعة؟».
كان الرد الذي يأتيه منا إيضاحاً ويحمل في مضمونه استفساراً «أي ظلم يحصل لهؤلاء المخربين وهم بالأصل مدلعينهم زيادة عن اللزوم؟» معظم الوزارات لدينا، فيما عدا وزارة الدفاع، في جيوبهم، فحتى وزارة الداخلية «اخترقوها بالوظائف والتمكين في عدة مواقع»، وهو ما استشفه لاحقاً من حوار طويل معنا، حيث اكتشف أن هناك منهم من يوظفون في الجهات الأمنية بالبحرين، فيما هو المواطن في تلك الدولة لا يملك لا هو ولا أي أحد من أخوته أي شخص يعمل في هذه الجهات الأمنية لكونها محصورة على عائلات معينة، وعلى أبناء الأم والأب المواطنين من نفس الدولة، بما يعني أن مسمار «المظلومية» الذي يتباكى به عملاء إيران لدينا أمام بعض دول الخليج وحملة العلاقات المسيئة التي يحاولون إظهارها أمام بعض أبناء الشعب الخليجي الذين ليس لهم باع عميق في السياسة، ولا يفطنون جيداً إلى أبعاد القضية البحرينية ويمتلكون معلومات ضحلة عن حقيقة الأزمة الأمنية لدينا لا صحة البتة لها، والدليل المزايا التي يحصلون عليها، حتى فيما يخص المقارنة مع الدول الخليجية الأخرى التي تضع شروطاً ومعايير، حتى فيما يخص أبناء الوطن من نفس الطائفة والاتجاه.
مملكة البحرين التي تحترم جميع الأديان والمعتقدات والطوائف، والتي تمنح يومين إجازة لمناسبة عاشوراء في كل عام، وتبيح لأصحاب المذهب الشيعي الخروج في مواكب حسينية في الشوارع؛ بل ويتشارك رجال الأمن في تنظيمها ومتابعتها أمنياً، فيما الدول المجاورة «ما تعبرهم» ولا تبيح لهم حتى ممارسة طقوسهم ومعتقداتهم، للعلم الدولة التي ينتمي إليها هذا الإعلامي يخجل فيها أصحاب المذهب الشيعي من الإقرار بأنهم شيعة، ولا يمارسون طقوسهم الدينية أبداً إلا في منازلهم، حيث لا مآتم ولا مواكب حسينية ولا مكان لديهم حتى لممارسة شعائرهم وإظهارها إلا بين بعضهم البعض.
إن عقدة المظلومية، وبالأخص مظلومية الوظائف والتمييز الطائفي، عقدة متجذرة في نفوس هؤلاء الخوارج عن الوطن، والذين يرون أن هناك تمييزاً تفرضه الدولة عليهم، فيما هم يدركون في دواخلهم أن هذه العقد الوطنية قد جاءت لهم من سلالة أجدادهم الذين عانوا الاضطهاد في دولهم الأصلية، فهاجروا إلى البحرين، والتي تعود أصول جذروهم إليها، ولايزال العالم كله أجمع يشهد ويستنكر مدى بشاعة ما تمارسه تلك الدول من ديكتاتورية وقمع تجاه كل من يخالفها، وكيف تسلب المواطنين فيها سواء من معها أو ضدها أبسط حقوقهم كما في العراق وإيران.
كما إنهم يدركون أن المزايا التي يتحصلون عليها من المستحيل أن يتحصلوا عليها لا في الدول التي «يطبلون» لها ليل نهار ولا حتى في دول الخليج المجاورة، فيما لو كانوا مواطنين فيها «أصلاً وفصلاً»، وهو مؤشر يعكس أن مملكة البحرين من أكثر دول الخليج تمسكاً وتساهلاً مع أبنائها من كلا الطائفتين، وتلك حقيقة كما الشمس لا يستطيع أحد أن يخفيها أو ينكرها، ففي الدول المجاورة «الباب ليس مشرعاً» لكل من هب ودب ليلتحق بالعسكرية وسلك الوزارات الأمنية، وما «المواويل الطائفية» التي كان أطلقها رئيس عصابة مصاصي الدماء البحرينية في مجلس نواب 2006 وتساؤلاته الدائمة بأسباب منع أبناء الطائفة الشيعية من التوظيف في هذه الجهات الأمنية إلا فقاعة صابون تتلاشى أمام الحقيقة، لتكشف أن القصد ليس التوظيف في هذه الجهات الأمنية إنما التوظيف في أماكن حساسة بداخلها ومواقع متقدمة هامة طمعاً في إيجاد انقلاب أمني عسكري.
أليس هذا ما تم بالضبط في تاريخ الانقلابات على الحكم في العراق منذ عهود ماضية؟ أليس هذا برهان آخر كيف أن عقليته مشغولة ومتأثرة بالكامل بسيناريو العراق الذي يحاول اقتباس تجربته ونقلها إلى البحرين؟
إحساس عابر..
أكثر الأسئلة التي تحصلنا عليها كإعلاميين خلال الأزمة من الأخوة الخليجيين بالذات كانت من شاكلة؛ كيف تتساهل دولتكم في اشتراطات التوظيف للمواطنين في الجهات الأمنية، بل وتسمح بتوظيف بعض ممن عائلاتهم تحمل اتجاهات انقلابية وطائفية، وبالذات الشرطة التي دورها الأساسي حماية المجتمع، بل وترجعهم إلى وظائفهم رغم ثبوت تورطهم بمساندة الإرهابيين وخيانتهم للقسم الأمني؟
تلك مفارقة عجيبة قد لا نجدها في أي دولة أخرى بالعالم حتى «ماما» أمريكا الديمقراطية.