الرأي

نتحالف مع من .. وضد من؟!

أبيض وأسود



هل ما يجري في المنطقة إنما هو مقدمة لحرب عالمية ثالثة، أو حرب كونية ثالثة؟
إذا كانت الحرب على الإرهاب ستشمل حزب الشيطان -كما يصرح- أليس هذا يعني أننا على موعد مع حرب عالمية ثالثة بالمنطقة؟
أخشى أننا ذهبنا لمحاربة داعش بينما تركنا من هم أولى بهذه الحرب في المنطقة، نعم داعش حركة خطيرة يجب التصدي لها، لكن هل غاب عنا فقه الأولويات؟
لست أفهم أكثر من أحد إطلاقاً؛ لكن من حقي كمواطن أن أضع أسئلة محيرة أمامي وأمام من يعنيه الأمر.
أيهما أولى؛ محاربة داعش أم محاربة النظام الدموي الذي خرجت داعش من تحت ذراعيه؟
هل الأهم أن أحشد كل هذه الدول لمحاربة جموع وليست لديهم دولة ولا نظام، بينما تركنا من يقتل أهلنا في سوريا منذ أربعة أعوام؟
تذهب طائرات التحالف لتقصف مواقع داعش، أليس الأولى أن نقصف من يقصف أهل سوريا منذ أربعة أعوام؟
يوجد اليوم 28 فصيلاً يحارب مع النظام السوري، أليست هذه حركات إرهابية يجب أن تحارب؟
نحارب داعش في العراق بينما تسرح وتمرح الميليشيات الشيعية التي كانت سبباً في انضمام مجاميع من الشباب إلى داعش؟
مشهد اليمن أمامكم، طائراتنا تقصف داعش، وفي ذات التوقيت تسقط صنعاء تحت يد الحوثيين؟
هل أضعنا البوصلة؟
قرأت تقارير تقول إن الجيش اليميني سلم صنعاء للحوثيين ولم يقاوم، وإن هناك تفاهمات أو «لعبة سياسية»، سواء اتفقنا مع ذلك أو اختلفنا، فإن صنعاء اليوم بيد الحوثيين، جزيرة العرب محاصرة، الطريق إلى مكة والمدينة اليوم أصبح أقصر من الطريق من طهران إلى مكة والمدينة.
كل هذه الطائرات وهذه الدول لمحاربة داعش؟
قرأت تصريحات وزير خارجيتنا الرجل الفاضل الشيخ خالد بن أحمد حول موضوع الحرب على داعش، كان قد صرح بها لشبكة «سكاي نيوز»، وقال الوزير: «إنه بحسب ما أفهم إن الحرب على الإرهاب تشمل حزب الله»!
وحين قرأت التصريحات قلت إما أن الوزير يموه بكلامه وإما أنه لا يوجد اتفاق حقيقي حول شن حرب على كل الحركات الإرهابية بما فيها حزب الشيطان.
لكن عبارة -بحسب ما أفهم على لسان الوزير- عبارة تظهر أن مجموعة دول الخليج لم تفرض أجندتها في الحرب على الإرهاب، وإذا كانت فرضت أجندتها على التحالف الدولي؛ فهل ستشمل الحرب على الإرهاب فروع حزب الشيطان في المنطقة، ومتى يحدث ذلك؟
صنعوا لنا داعش، وأخرجوها كما اخرجوا سابقاتها، وقالوا لنا تعالوا سددوا تكلفة الحرب على الإرهاب، وشاركوا فيها حتى لا يصلكم تنظيم داعش.
فزاعة داعش جعلتنا نلهث خلف الغرب (وأغلب المقاتلين جاؤوا من الغرب) بينما نحن جميعاً نعرف أن الخطر الحقيقي هو إيران، وفي العراق، وفي سوريا، وفي لبنان وفي اليمن وفي البحرين، وفي الكويت.
كل الإرهاب الذي تقوده إيران في المنطقة ووكلاؤها لم يشاهده أحد من الغرب، ولم يروا أن ما يحدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن إرهاباً، لكنهم ذهبوا إلى جماعة تقطع الرؤوس، وتركوا من يلقي البراميل المتفجرة على الآمنين، مالنا كيف نحكم؟
داعش حركة خوارج كما قال أئمة المملكة العربية السعودية وينبغي التصدي لهم ولفكرهم، لكن ماذا عمن يستهدف أمن دولنا من الداخل؟ لماذا سكت الغرب وسكتت دول الخليج عما يحدث في اليمن؟
هل ما يجري في اليمن مخطط؟
هل هو كارثة حقيقية؟
هل يظن أهل الخليج أن موضوع الحوثيين سيقف عند حدود اليمن الشمالية؟
ما يجري حولنا من أحداث في هذا الزمن يجعل الحليم حيران، لم نعد نفهم ما يجري، إما أننا لا نفهم وإما أننا نفهم أكثر مما يجب..!!
حربنا على الإرهاب من دون محاربة أصل الإرهاب في المنطقة فإن هذه الحرب عبثية، الحرب الحقيقة يجب أن تتم أولاً لإسقاط نظام الأسد الدموي، ومن ثم يتم التحرك نحو اليمن والعراق ولبنان.
إذا لم نكن ندرك خارطة الإرهاب الحقيقية فتلك مصيبة، وإذا كنا نسير خلف الغرب وأمريكا التي كان تتآمر علينا وتريد زوالنا في 2011 وما زالت، فإننا لم نفهم بعد أن يدنا لا يجب أن نضعها مع من يتآمر علينا صبح مساء ويدرب الإرهابيين للحظة الانقلاب على أنظمتنا.
هل ذهبنا إلى حرب عبثية؟ هل سنحارب الإرهاب الحقيقي بالمنطقة؟
هل نسكت عما يجري في اليمن؟
نتحالف اليوم مع من؟ مع من أراد أن يحرك الإرهابيين للانقلاب علينا في 2011؟
نضع يدنا مع من؟
مع من يحارب الإرهاب (الذي يسمى الإرهاب السني، فجاؤوا بدول سنية تضرب أهل السنة) ونترك الإرهاب الحقيقي؟
أخشى أننا فعلاً أضعنا البوصلة، وأضعنا أولوياتنا وصرنا ننفذ ما يملى علينا، حتى تنقلب علينا الأمور، وحتى تأتينا السكين التي ظننا أنها في يدنا..!