الرأي

نواب الاقتصاد «4»

على خفيف


عندما تجد الناس يتقدمون للترشح للانتخابات النيابية والبلدية بالعشرات ثم المئات، وعندما تجد أن 95% من هؤلاء المترشحين مستقلين ولا يمتلكون غير أماني ورغبات بتحقيق أهداف محدودة لا تتعدى حدود دائرتهم الانتخابية، وعندما تجد أن أغلبية هؤلاء لا يمتلكون معرفة ولا خبرات بما تتطلبه عضوية المجلس النيابي أو البلدي، فما عليك إلا استنتاج أن سبب الترشح هو المصلحة الشخصية وليست المصلحة العامة.
فالإمكانات والقدرات المعرفية والخبراتية التي يجب أن تتوفر لدى أعضاء المجالس النيابية والبلدية لا يمكن أن تكون إلا لدى عدد محدد من الناس، وهم استفادوا مادياً مما لديهم من معرفة وخبرة، ولم تعد المكافأة والامتيازات المادية التي حددها مرسوم مجلس الشورى والنواب دافعاً لهؤلاء نحو الترشح ودخول هذه المجالس، وإنما يكون الدافع هو الخدمة الوطنية في مجلس يكون بالإمكان فيه خدمة الوطن وتحقيق مكاسب ملموسة للمواطنين.
وفي هذا الصدد فإننا بحاجة إلى الاستفادة من تجاربنا السابقة عندما كان النائب أو عضو المجلس يعتبر مهمته تكليفاً لا تشريفاً وهي أقرب إلى التطوع في سبيل الخدمة والمصلحة العامة أكثر منها وسيلة للكسب المادي وتحقيق مآرب شخصية.
لنعود إلى تجربة المجلس الوطني عام 1973 والتي كانت مكافأة النائب الشهرية هي 300 دينار وقد تم تحديدها من قبل المجلس الوطني نفسه وليس من قبل الحكومة كما هو الحال اليوم، وبالطبع ليس هناك تقاعد ولا امتيازات أخرى، وقبل ذلك وفي بداية معرفتنا بالانتخابات والمجالس كانت تجربة المجالس البلدية التي بدأت عام 1920 واستمرت إلى أواخر الخمسينات من القرن الماضي.
المجلس البلدي في ذلك الوقت كان مكوناً بين 20 و 24 عضواً ينتخب نصفهم وتعين الحكومة النصف الآخر، لكن قانون البلدية كان يشترط أن يكون المنتخب والمعين من أصحاب الخبرة والكفاءة وأن يكون من رجال الأعمال أو أصحاب المهن الحرة وليس موظفاً حتى لا يكون الهدف المادي هو دافعه للدخول للمجلس ومن ثم الخضوع لإغراءات الفساد، علماً بأن العضو المنتخب والمعين كلاهما يعتبران متطوعين ولا يتقاضيان مكافأة مادية، ومع ذلك يتم تقييم أدائهما في نهاية كل دورة انتخابية ويؤثر هذا التقييم على إعادة انتخابهما أو تعيينهما في الدورة التالية.