الرأي

«سيادة وطن»..!

أبيض وأسود










خلال فترة توقفي عن الكتابة من بعد وفاة الوالد -رحمه الله- برز حدثان مهمان لأهل البحرين؛ الأول خبر طيب أسعد من يحب البحرين كثيراً، وهو ظهور نتائج الفحوصات الطيبة للوالد الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله، فهذا الخبر شغل الناس، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تنشر صوراً جميلة للأمير الوالد خليفه بن سلمان حتى تفنن أصحاب الحسابات في تهنئتهم وحبهم وفرحهم بالخبر المفرح الطيب.
أما الخبر الثاني وهو ما حدث من ابتزاز بريطاني واستهداف للبحرين من خلال استهداف سمو الشيخ ناصر بن حمد حفظه الله، وهذا ما سأطرحه غداً بإذن الله.
أعود لأقول أدام الله الصحة والعافية على سمو الأمير الوالد خليفة بن سلمان وأبقاه حامياً للواء الوطن، ورافعاً هامة البحرين فلن ننسى مواقف خليفة بن سلمان خلال أقسى وأشد أزمة مرت بها البلاد، رغم أن مواقفه قبل ذلك كثيرة، كانت وقفته وكانت مواقفه من بعد توفيق الله سبحانه وسداده مصدر القوة والثبات لأهل البحرين جميعاً لم يهتز.. لم يختفِ عن الأنظار، رغم استهداف الرعاع، إلا أنه بقي كما هو يمارس حياته وأعماله بشكل اعتيادي وطبيعي، كان يعرف ويدرك أن الثبات على المواقف الوطنية الجامعة هي مصدر القوة بعد التوكل على الله سبحانه.
أفرح ويفرح الزملاء والزميلات الكتاب كثيراً بمتابعة حثيثة قوية راصدة مع بداية كل صباح من قبل رئيس الوزراء الموقر، يتابع كل شيء، يطلع على التفاصيل، في الغالب لا ينتظر ملخصات، بل أنه لا يذهب إلى مكتبه صباحاً إلا وقد اطلع بنفسه على الصحافة، ماذا كتب بها، وأين أضاءت الصحافة، وأي الهموم يكتب عنها وتشكل هاجساً للمواطنين، ليس في صحيفة بعينها وإنما في كل الصحف.
وأعتقد أن ما يفعله الوالد الأمير خليفة بن سلمان لا يفعله بعض الوزراء رغم أن وزاراتهم خدمية، ويجب أن يطلعوا صباحاً على المشكلات لحلها، وليس لتكذيبها ومهاجمة الكتاب والصحافيين، ومن ثم يتضح أن ما نشر كان صحيحاً وأن تكذيب الوزارة كان (كاذباً)..!
بعيداً عن العاطفة الجياشة التي تقودنا إلى حب خليفة بن سلمان في شخصه، فإن مواقفه وأفعاله وقوته وثباته هي مصدر حبنا له، وسرعة استجابته لأهل البحرين في أغلب المشكلات، ونزوله للمواطنين في مناطقهم، وتواضعه وطيبة قلبه، هي مصدر حب أهل البحرين لسمو الرئيس.
خصال ومبادئ خليفة بن سلمان نتعلم منها الكثير، فحين تُسلم عليه في مجلسه العامر يسألك عن أمور في حياتك الخاصة، كمرض والدي رحمة الله عليه، وعن أمور أخرى كثيرة، فتقول في نفسك ما شاء الله على طويل العمر يسأل عن التفاصيل ويعرف ويتابع أخبار الناس وحياتهم، هذه الخصال في التعامل مع الناس تجعلنا نتعلم منه كيف نشعر الآخر باهتمامنا وحبنا.
بتوفيق من الله، من ثم بحكمة هذا الرجل، فقد مرت عواصف كثيرة على البحرين (ونحن جزيرة في عرض البحر، كما السفينة في عرض البحر) إلا أن أفكاره وحكمته وبعد نظره، وتعلمه من التجارب، وما حباه الله من فراسة العرب، قادته إلى أن يتخذ مواقف وقرارات داخلية وخارجية ساهمت كثيراً في حفظ البحرين من بعد مشاوراته مع جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله، ومن قبل ذلك مع الأمير الراحل عيسى بن سلمان، ونحمد الله على هذه اللحمة والإرادة الواحدة بين قادة البلاد، جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد، حفظهم الله جميعاً.
أذكر أنه خلال مجلس سموه الأخير الذي حضرته قد ضرب لنا مثلاً مهماً (للمسؤول، وللمواطن البسيط) فقد قال: «حتى الطير لي جاف جدامه طعام، يحط جنب الطعام، ويتلفت، ويرفع راسه، ولي منه تأكد من الأمان، رجع رفع راسه مرة ثانية، ويمكن يكون جوعان، لكن ما يخلي راسه تحت ويتم ياكل، وشوي إلا صادوه.. لا هذا طائر لا عقل له، لكنه حذر، ويستكشف المكان، وعقب ياكل شوي ويرجع يرفع راسه يطمئن مرة ثانية».
هذا المثل الذي ساقه سمو الرئيس، ليس مثلاً عادياً، يحمل تفسيراً وتفسيراً، يفهمه من يفهمه، ويجهله من يجهله، لكن فيه من الحكمة ما فيه، ربما جميعنا شاهدنا مثل هذا الموقف لطيور أمامنا، وكان ما قاله سموه حقيقة، فالطير لا يأكل ورأسه للأسفل وإنما كما نقول بالعامية (ينقد) ويرفع راسه يستكشف، هذا مثل خطير جداً وله دلالات ومعانٍ كثيرة.
تشفى جروح البحرين بالأخبار الطيبة التي نسمعها عن سموه، حفظ الله الوالد الأمير خليفة بن سلمان، وأنار الله دربه بالحق والحقيقة، وجعله سيف حق، وشعلة نور، في طريق البحرين الطويل.
الأزمات تتوالى في هذا الزمان، وما أحوجنا إلى حكمة هذا الرجل، فلديه بعد نظر للأحداث والمواقف ما يجعلك تقول بعد مرور الوقت، موقف خليفة بن سلمان كان صحيحاً في ذلك الوقت، مرت الأيام وطلع موقفه أهو الصح.
فالحكمة وبعد النظر لا يشتريان بالمال ولا يعوضهما شيء ولا ينعم الله بهما على كل إنسان، من السهل أن تتخذ قرارات سريعة وتشعر معها بنشوة وقتية، لكن بعد فترة من الزمن فإن هذه القرارات إن لم يكن بها حكمة فإنها قد تكلفك «سيادة وطن».