الرأي

تبصمون على هزيمتكم

أبيض وأسود










أُشبه ما يحدث اليوم، بلعبة العدو في ألعاب القوى، دخلنا الأمتار الأخيرة، وهذه الأمتار تحدد في الغالب أو بنسبة 90% الفائز بالذهبية، والفائزين المتبقيين، أحسب أن شيئاً من هذا يحدث اليوم مع اقتراب توقع صدور مرسوم الانتخابات وتعديل الدوائر اليوم، ومع اقتراب إعلان الجمعيات الانقلابية مشاركتهم رغم كل المسرحيات المشاهدة، ورغم غباء خطاب المقاطعة.
لدي الكثير من النقاط التي أود طرحها هنا، قبل الذهاب إلى ذلك، أتوقف عند مواقف حدثت مؤخراً أثرت كثيراً على موقف الوفاق، حتى أصيب علي سلمان بحالة من «الهسترة» في خطابه الأخير، ولهذه «الهسترة» دلالات كثيرة يعرفها من يقرأ حالة خطاب المسيرة، وأوضاع الوفاق الداخلية.
المسيرة التي عُمل لها تحشيد كانت فاشلة بشهادة أتباعكم، هذا الفشل كان في التحشيد وفي جعل الناس تصدق وهم أنكم خرجتم عن بكرة أبيكم، وفي المحصلة لم يتجاوز العدد 20 أو 30 ألفاً، وأنتم تمارسون الكذب بأنكم أخرجتم 200 ألف، ولو كانوا 200 ألف لوصلوا إلى جسر المحرق، أنتم تضحكون الناس عليكم من طريقة الكذب والدجل.
الناس أدركوا أن الوفاق تستخدمهم لمصالحها، والناس تعبت أيضاً من إخراجهم وإعادتهم دون نتائج وفي كل مرة الحال أسوأ من قبل، بل في كل مرحلة الهزيمة تكون أكبر.
أخرجتم القلة وعدتم أدراجكم، ماذا تغير؟
لا شيء، حتى إن الدولة أعطت تصريحاً للمسيرة وهذا دليل قوة، ودليل على أنكم لا تمارسون شيئاً من الضغط، وأن مسيراتكم مثل الصراخ داخل غرفة مغلقة، لذلك رخصت المسيرة رغم أن التوقيت حساس، وهذا الأمر يحسب للدولة، فلو منعت لخرجت المسرحيات.
طرح البعض تساؤلات حول لماذا كانت هناك ورقة توقيعات من بعد لقاء سمو ولي العهد مع مجموعة من أطياف المجتمع، غير أن هذه الورقة أيضاً سببت حالة من التقاذف والتراشق بين الوفاق ومن كانوا محسوبين عليها الذين وقعوا على وثيقة اللقاء.
رجموا علي فخرو، ورجموا البقية الذين كانوا ومازالوا يشكلون رمانة الميزان بين الوفاق وأطراف في الدولة، وهم وفاقيون بالأصل. خرج خطاب لماذا وقعتم؟ لماذا أعطيتم شرعية على الوثيقة؟
وهذه أيضاً ربما سببت جزءاً من حالة «الهسترة» التي مر بها خطاب علي سلمان في بعض فقراته.
المواقف التي حدثت مؤخراً لا تنفصل عن بعضها، خطاب جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله وإشادته بالحكومة الموقرة كان خطاباً واضحاً، من بعد ذلك قام سمو ولي العهد حفظه الله بعرض ما توصلت إليه اللقاءات مع ممثلين عن المجتمع على رئيس الحكومة، وقد خرج اللقاء الذي تم بينهما بروح جميلة من الطرفين، وهذا الأمر كان ملحوظاً من أغلب من يفهم طبيعة هذه اللقاءات مع توقيتها الحساس ومع حساسية موضوعها.
أمس الأول أشاد صاحب السمو رئيس الوزراء الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله بحكمة جلالة الملك التي وضعت البحرين على أعتاب مرحلة جديدة من النماء.
كل هذه الصورة ربما البعض لم يقرأها بدقة، إلا أن الوفاق أحسبها قرأتها بشكل جيد جداً وفهمت أن هناك اتفاقاً ووحدة في إدارة الحكم، وأن الموقف لدى قادة البلد ثابت، وإن كان كذلك فإن هذا الموقف الثابت أكثر ما يضر، فإنه يضر بالوفاق ومشروعها ومطالبها.
نشرت معلومات في وسائل التواصل الاجتماعي، كما إنه وردتني بعض المعلومات أن الوفاق وأتباعها من بعد خطاب علي سلمان الجمعة طلبوا التقاء جهات رسمية، وبحسب ما فهمت شخصياً، فإن الوفاق تريد أن تتفاهم من أجل الحصول على صيغة ومكاسب من أجل تبرير دخولها الانتخابات.
وأخذت تفعل ذلك لمعرفتها أن التوقيت حاسم، فرغم صراخ علي سلمان وتهديداته المضحكة، إلا أنه في ذات الليلة أجرت الوفاق اتصالاتها من أجل إيجاد صيغة تبرر لها إعلان المشاركة.
ما ورد لي، أن طلبات الوفاق الكبيرة رفضت رفضاً تاماً، وقد قيل لهم تأتون دون أية شروط، وقد جاؤوا، لكن بحسب ما وصلني أن لقاءهم ليلة السبت لم يحصلوا فيه على ما يريدون، وقيل إنهم طرحوا مطلب رئاسة البرلمان، وبحسب ما وصلني هذا الطلب رفض تماماً، فلذلك آليات تحدث داخل المجلس بحسب اللائحة.
المأزق الذي تعانيه الوفاق وأتباعها الصغار المسيرين، أن هناك من مجموعة وقعت على الوثيقة، وأن هناك رأياً قوياً داخل القرى مع بعض المعتدلين وهو أن الجميع يريد أن يخرج من مأزق الأربعة أعوام التي مضت، ومأزق آخر لمدة أربعة أعوام قادمة، الغالبية من المواطنين يريدون الخروج من هذه الحالة وما طرحته الدولة وما تقدم به سمو ولي العهد من قواسم مشتركة إنما هي تمهد للدخول مجدداً إلى تجربة أخرى يمكن البناء عليها، ويمكن أن تطور مستقبلاً، كما إن ما طرح يعتبر نقلة نوعية في تطور المسيرة الديمقراطية.
هذا الرأي نسمعه من أطراف كثيرة، الجميع يريد أن ينهي حالة المراوحة وحالة لعبة السير فوق الحبال في وطن لا يحتمل أربعة أعوام أخرى من الأزمة، هذا الأمر خطر وعانى منه الجميع وأولهم أهل القرى، الذين تتاجر بهم الوفاق.
قرأت تبريرات علي فخرو للتوقيع، وقرأت أيضاً تصريحات خرجت من ندى حفاظ ترحب بالمبادرة، رأي علي فخرو وهو أحد رواد الدوار كان صادماً للوفاق وأتباعها، فصار تحت مرمى الحجارة، أما رأي ندى حفاظ فإن البعض أرجعه إلى أمور كثيرة رغم أن صوتها داخل المجلس كان نشازاً، إلا أنها رحبت كثيراً بالمبادرة وهذا ربما مع اقتراب تعيين أعضاء مجلس شورى جديد..!!
الصورة اليوم تظهر أن مأزق الوفاق كبير، وهي في حالة من الانحدار لم تصل إليه من قبل، العم سام وجههم للمشاركة، خليل مرزوق لم تكن زيارته لأمريكا فقط فاشلة، وإنما أخذ تعليمات وتوبيخاً شديداً، وقيل لهم أدخلوا وغيروا من الداخل حتى ندعمكم.
هم اليوم في أسوأ حالاتهم، وإن أعلنوا المشاركة أيضاً ستأتي الحجارة على رأس علي سلمان، كل هذا المشهد يظهر أنهم في مأزق كبير، وأنهم سيشاركون رغم كل خطابات العنتريات الفاشلة، فلا أحد يعرف حجم خسارة المقاطعة أكثر من الوفاق نفسها.
السفينة تسير، وهناك هدف تتجه إليه، فلم تكن الدولة في موقف قوي كما هي اليوم، كما إن هناك نجاحاً في فكرة سمو ولي العهد في فتح المجال لتوقيعات ممثلين عن المجتمع، هذا الأمر شق صفوف البعض أكثر من ذي قبل، وجعل القوارير تصطدم ببعض..!
الناس تريد أن تذهب إلى الأمام، وأن تطوي صفحة مريرة، غير أن الوفاق وأتباعها المسيرين الذين لا إرادة لهم ولا موقف، يقفون خارج الزمن، ويعيشون في وهم الدوار، الزمن والمعطيات والظروف تغيرت، سواء كانت المحلية أو الإقليمية، ومن يرفض اليوم هذه الحلول، سيدخل بعد أربعة أعوام قابلاً بها، لكنه سوف يفوت أربعة أعوام ستكون مريرة على المقاطعين.