الرأي

الصدقة شفاء لك ولغيرك

بنادر


منذ عرفت البعد الروحي والكوني والاجتماعي للصدقة؛ حتى وجدت الكثير من القصص المروية هنا وهناك، وفي كل الديانات السماوية والوضعية، عن قوة الصدقة، أو لأسميها طاقة الصدقة في تفتيت الكثير من الأمراض التي نعانيها ويعانيها غيرنا من أبناء آدم.
وقد بحث في موضوع الصدقة من الناحية العلمية فوجدت أنها قادرة على تفتيت الصعاب، لأنها -كما أرى- هي نية فعل محسوس ملموس، فإذا كانت النية الطيبة أو السيئة قادرة على الرحمة أو الإيذاء فإن النية الفاعلة هي الأخرى قادرة على هذا أيضاً.
إن الصدقة قوة متحركة متذبذبة موجهة لجهة ما تستطيع أن تذيب أقسى وأصعب العراقيل التي في جسد الإنسان أو في الظروف المحيطة به، وقبل عدة أشهر قرأت مقالة طويلة عن الصدقة للدكتور عائض القرني، منشورة في أحد مواقع الإنترنيت، واخترت أحدها للتدليل على قوة النية في الشفاء.
يقول الشيخ سليمان المفرج -وفقه الله-: هذه قصة يرويها صاحبها لي حيث يقول: «لي بنت صغيرة أصابها مرض في حلقها، فذهبت بها للمستشفيات وعرضتها على كثير من الأطباء، ولكن من دون فائدة، فمرضها أصبح مستعصياً، وأكاد أن أكون أنا المريض بسبب مرضها الذي أرق كل العائلة، وأصبحنا نعطيها إبراً للتخفيف فقط من آلامها حتى يئسنا من كل شيء، إلا من رحمة الله تعالى.
إلى أن جاء الأمل وفتح باب الفرج؛ فقد اتصل بي أحد الصالحين وذكر لي حديث رسول الله «داووا مرضاكم بالصدقة»، فقلت له: قد تصدقت كثيراً.
فقال: تصدق هذه المرة بنية شفاء ابنتك، وفعلاً تصدقت بصدقة متواضعة لأحد الفقراء ولم يتغير شيء، فأخبرته فقال: أنت ممن لديهم نعمة ومال كثير، فلتكن صدقتك بحجم مالك، فذهبت للمرة الثانية وملأت سيارتي من الأرز والدجاج والخيرات بمبلغ كبير ووزعتها على كثير من المحتاجين، ففرحوا بصدقتي، والله لم أكن أتوقع أبداً أن آخر إبرة أخذتها ابنتي هي التي كانت قبل صدقتي، فشفيت تماماً بحمد الله.
فأيقنت بأن الصدقة من أكبر أسباب الشفاء، والآن ابنتي بفضل الله لها ثلاث سنوات ليس بها أي مرض على الإطلاق، ومن تلك اللحظة أصبحت أُكثر من الصدقة، خصوصاً على الأوقاف الخيرية، وأنا كل يوم أشعر بالنعمة والبركة والعافية في مالي وعائلتي، وأنصح كل مريض بأن يتصدق من أعز ما يملك، ويكرر ذلك فسيشفيه الله تعالى، وأدين الله بصحة ما ذكرت، والله لا يضيع أجر المحسنين.
إن هذه القصة وغيرها من القصص التي نسمعها من الآخرين أو نراها أمامنا تحدث، تعطينا إن فعل الصدقة أو النية الفاعلة، قادرة على تخليصنا من العديد من الأمراض، سواء النفسية أو العضوية، وقادرة على منحنا المعنى الحقيقي لوجودنا في هذه الدنيا لنعمر الأرض. والأعمار هو فعل الخير لهذا أو ذاك من البشر الذين يعيشون معنا، أقول البشر، بمعنى كل الأقوام والديانات والقوميات حتى تلك التي تختلف مع ديننا اختلافاً واسعاً. تصدق.. وتصدق.. وتصدق.. حتى تتخلص من أمراضك وتخلص أهلك من أمراضهم.