الرأي

وبدأت وصلات «الردح»!

اتجاهات









الوفاق مشكلتها كبيرة، بالأخص حينما لا تستوعب بعد كل هذه السنوات أن البحرين كبلد لا يمكن «تفصيلها» حسب قياسها وحسب شروطها، مثلما لا يمكن تفصيل البلد حسب «رغبة» أي طيف مهما كان عدد مريديه ومهما كان صوته عالياً في الخارج، ومهما عقد من اجتماعات مع سفراء وعناصر خارجية بهدف استجداء الضغط على مملكة البحرين.
السفير الأمريكي حاول السؤال عن تفاصيل ما يحصل حالياً على الساحة، فجاءه جواب من شخصية قيادية في الحكم بما معناه أن هذه شؤون داخلية بحرينية بحتة. بالبحريني الصريح جداً «مالك شغل»!
منذ الثلاثاء الماضي والوفاق «وأتباعها تكملة العدد» يعيشون حالة ضياع، فرغم أنهم تعاطوا إيجاباً مع ما تم إرساله لهم من صيغة نهائية للحوار في 26 أغسطس الماضي وردوا بشكل إيجابي بعده بيومين، إلا أنهم سكتوا أكثر من أسبوعين ليبدأوا مساء الثلاثاء «فاصل الردح» المعتاد.
هناك في أمريكا طلب من مطر مطر نفي ما تضمنه حديثه مع مساعد وزير الخارجية الأمريكي، ففعل ذلك سريعاً، وكيف وهم أمرهم ليس بأيديهم بل وفق ما تقتضيه الأوامر. لكن الرسالة من «الحليف الأمريكي» كانت واضحة «ادخلوا الانتخابات»، وحتى البريطانيين المنشغلين بقضية إسكتلندا كان ردهم سريعاً وواضحاً «ادخلوا الانتخابات».
باختصار، ليس البحرينيون وحدهم من ملوا من هذا الوضع الجامد بسبب منح النظام الفرص للوفاق واحدة تلو الأخرى، بل واضح أنه حتى الغرب مل و«طقت كبده» من عناصر بكاءة نواحة تذهب لهم في زيارات لا تتوقف تطلب مساعدتهم وهم الأجانب، وتصيح عليهم بأمور لدغدغة مشاعرهم من منطلق الحريات وحقوق الإنسان والتمييز، في حين أن أفعالها في الداخل غارقة في الطائفية والتمييز وتحقير البشر واستعداء النظام ودعم الإرهاب والعنف.
ما حصل خلال الأيام الماضية كشف للكثير، وبالأخص للخارج بأن الوفاق أبداً لا تريد أي نوع من أنواع التوافق، هي أصلاً لا تعترف لا بالنظام ولا ببقية مكونات المجتمع، هي تريد دولة «تفصيل» على مزاجها وهواها، وهذا ما يجعل حتى من يريد أن يتعاطي معها يصل لمرحلة ملل من مدعين لقبول التلاقي مع الآخرين لكن الحقيقة تثبت أنهم لو تحصل لهم لأخذوا الدولة ولطردوا كل من يختلف معهم حتى لو كان طيفاً قريباً منهم.
المنطق يقول بأن البلد لا يمكنها أن تتعطل أكثر، الناس لا يمكن أن ترتهن حياتهم بهذه الصورة سواء للتحريض والإرهاب، بل الرفض كل الرفض لوجود عناصر تريد تأزيم حال البلد كل يوم وكل ساعة، هذه كانت مهزلة وآن لها أن تتوقف أمام هيبة الدولة ونظامها الشرعي وقانونها وأمام رغبة المواطنين البسطاء الذين يريدون عيش حياتهم.
يريدون المشاركة؟! هذه هي الأبواب مفتوحة، يريدون المقاطعة؟! هم أحرار فيما يفعلون. لكن يظل أن هناك قانوناً في البلد من يتجاوزه ويتحداه ويقول بأنه تحت قدميه إلزام عليه أن يحاكم وفقه وأن يحترم القوانين وألا يتجرأ بالتطاول على الآخرين.
نعرف تماماً أن الأسماء التي وقعت الورقة بعد لقائها سمو ولي العهد حفظه الله تسببت بخلخلة وإرباك للوفاق نفسها، فمن ضمن الأسماء من كانت تظن الوفاق أنهم حلفاء وقريبون منها، وهناك ممن قيل عنهم أنهم دعموا ما حصل في الدوار، لكن المشهد الحالي يقول بأن كثيراً منهم عاد أدراجه وقرر العمل مع الدولة وداخل النظام «طبعاً تظل النوايا يعرفها الله وحده»، لكن الفكرة بأن الوفاق رأت أيضاً فيمن وقعوا أناساً خذلوها فأخذت تهاجمها بالإسم حتى.
مرجعهم خلال جمعتين تقلب في مواقفه، من مغازلة صريحة للانتخابات وشبه دعوة للانخراط فيها إلى محاولة تحريض متجددة. هذا يرفع وخادمه يكبس، معارضة تعيش انفصاماً في الشخصية زاد عليه صداع نصفي أدى لشلل في التفكير.
كل هذا مؤشر طيب للبحرينيين المخلصين، فمن أزم الوضع طوال ثلاث سنوات غير الوفاق؟! من أراد أن يشكل البلد على هواه ومزاجه غير الوفاق؟! من رفض كل الحوارات وكل الحلول غير الوفاق؟! رغم أن الدولة يرى بأنها متهاونة معهم في تطبيق القانون، إلا أن ذلك لم يزدهم إلا غياً!
طيب إن صرخت الوفاق بأنه يجب أن يكون لها رأي ومشاركة وتأثير، فإننا بأي حال من الأحوال لا نختلف على ذلك، بل نقول إن هذا حق لها وأكدت عليه الدولة، لكن أن يكون رأيك وما تريد إلزاماً استبدادياً لكل مواطن في هذا البلد، فهذه هي الديكتاتورية الولائية التي يمارسها أعوان الولي الفقيه.
نطالب الدولة بالثبات على الموقف، إذ يكفي الوقت الذي استنزف، من أراد ركوب السفينة فليتفضل، ومن يريد البقاء على اليابسة ليفعل هو حر، لكن أن يسعى لإغراق الجميع، هنا على الدولة أن تطبق قانونها دون أي اعتبارات لضغوط هنا وصرخات أجانب هناك.
الخلاصة، البحرين لا يجب أن تعود للوراء، والمخلصون جميعاً يداً بيد مع جلالة الملك حفظه الله وقيادة البلد، سنبدي آراءنا ونقدم انتقاداتنا بكل وطنية وحب للوطن في أي شأن كان، لكن أن ننقلب على تراب أمنا، وننهش في لحمها وندعو الأجنبي للتدخل ونطالب بأن تفصل على قياسنا فقط، فليس المخلصون من يفعلون ذلك.
واصلوا «الردح» فالصراخ على قدر الألم، وكما تألمت البحرين وأهلها المخلصون، نطلب من الله أن يحكم بالألم على من أثخنها بالجراح.