الرأي

الحكمة اليمانية والتهديد بقطع لسان توكل كرمان

الحكمة اليمانية والتهديد بقطع لسان توكل كرمان



ما سر التفاؤل والفرح الذي أبداه علي سلمان بسقوط صنعاء في يد الحوثيين، حيث لم يستطع أن يخفي مشاعره في التعبير، وذلك حين أشاد بخطاب الحوثي بعد سقوط صنعاء قائلاً: «قديماً قيل إن الحكمة يمانية، وهذا اليوم سمعنا خطاباً مصدقاً لهذا، خطاب عبدالملك الحوثي، يكشف عن شخصية سياسية مسؤولة، فقد تضمن خطابه رسائل إيجابية للداخل والخارج من المناسب البناء عليها».
هنا نقف عند مقولة «الحكمة اليمانية» التي وجدها علي سلمان في خطاب عبدالملك الحوثي في الوقت الذي تشهد عليه الناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، والتي دعت «لعدم التفاوض مع عبدالملك الحوثي باعتباره مجرم حرب، يزاول جريمة تقويض الدولة اليمنية»، حيث توعدها عبدالملك الحوثي بقطع لسانها.
فأين تقع هذه الحكمة يا علي سلمان بعد أن يقطع لسان توكل كرمان، وأنت الذي قدمت لها التهاني والتبريكات في أحد مؤتمراتك في أكتوبر 2011، حيث قلت في بداية المؤتمر «إن فوز توكل كرمان بجائزة نوبل يعتبر تكريماً للمرأة المناضلة في دول الربيع العربي من مصر إلى تونس والبحرين وسوريا واليمن»، ثم أليست هذه المشاعر التي يكنها علي سلمان اتجاه عبدالملك الحوثي دليلاً على انفصاله عن شعب البحرين وشعوب الخليج والشعوب العربية والإسلامية التي آلمها سقوط صنعاء في يد الحوثيين، والتي على أثرها قال مندوب مدينة طهران علي زاكائي «إن ثلاث عواصم عربية أصبحت اليوم بيد إيران، وأن صنعاء العاصمة العربية الرابعة التي في طريقها للالتحاق بالثورة الإيرانية».
أليس هذا الشعور المشترك هو تفسير لانفصال علي سلمان عن الوطن العربي بأكمله، وهذا ما جاء واضحاً وجلياً في الحوار الذي أجرته معه في ديسمبر 2009 مجلة الوطن العربي، ومنها سؤال تمام البرازي الذي أجرى الحوار وسؤاله عن احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، حيث تهرب علي سلمان من الإجابة، وسأله أيضاً عن اعتداء الحوثيين على السعودية، حيث رفض علي سلمان إدانة هذا العدوان، فرد عليه الصحافي: «أنت ترضى بالاحتلال الإيراني للجزر، وترفض إدانة اعتداء الحوثيين على السعودية، هذه مواقف تصب في النهاية مع إيران».
لم يقتصر فرح وتفاؤل علي سلمان بسقوط اليمن في يد الحوثيين، بل وصل إلى حد فرحته بالتقارب الإيراني السعودي: حيث قال: «قراءتنا أن هناك تحولات عديدة في المنطقة تصب لصالح مطالب الشعب البحريني، منها التقارب الإيراني السعودي»، وهو دليل آخر يؤكد تبعيته لإيران، وذلك حين يكون ملف البحرين، وهو من ضمن الملفات التي ستقوم إيران بالمساومة عليها، وما إعلان علي سلمان في لقاء أجرته ما تسمى «قناة الميادين»، والذي قال فيه إن عدم إعلان المعارضة عن موقفها النهائي من الانتخابات هدفه الحرص على إبقاء الأبواب مفتوحة، وأنه سيعلن عن موقفه النهائي خلال 10 أيام على حد زعمه كحد أقصى، إلا دليل أنه ينتظر ماذا سيتمخض عن هذا التقارب الإيراني السعودي، الذي يعلم أن إيران ستتفاوض لمصلحته.
نقول هنا إن هذا الفرح والتفاؤل لن يدوم، وما يحدث الآن ما هو إلا فاصل قصير، ثم يجري الله فيهم ما جرى على أقوام قبلهم كانوا أشد بأساً وأكثر قوة، وها هو قول الله سبحانه وتعالى يفسر ما سيلاقونه بعد أن تفتح عليهم الدنيا (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إِذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون).
نعم إنها البغتة التي ستأتيهم كما أتتهم في دمشق، وتأتيهم الآن في العراق، وها هي قادمة إليهم من اليمن، فلن يطول هذا الفرح والتفاؤل لا لإيران ولا لعلي سلمان ولا للحوثيين، وقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هزيمته للفرس فقال «إن هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله»، وهاهي دولة الفرس وما شابهها من رضا بهلوي الذي ذهب وجاء خميني ثم بعده خامنئي، وجاء نجاد وبعده روحاني وليس لأحد منهم ولن يكون إمبراطورية مهيمنة، وحتى الدول التي يحتلونها فليس لهم فيها طيب مقام ولا أمان، بل يحمون كراسيهم بالكر والفر والنار والحديد وصفقات من المؤامرات مع أعداء الله ورسوله.