الرأي

التطرف في البحرين

نقطة نظام



يختلف مفهوم التطرف من مكان إلى آخر؛ فالصورة الذهنية للتطرف حالياً هي التطرف الديني فقط -وذلك وفق ما رسمته وسائل الإعلام في ذهن المتلقي العربي- ولكن دون تفصيل، أو أحياناً بانحياز لتطرف وغض النظر عن تطرف آخر لأنه يخدم أهدافاً معينة.
إلا أن التطرف في البحرين تجده على مستويات عدة؛ فأول تطرف نعاني منه في البحرين هو التطرف الفكري لولاية الفقيه، حينما يكون جسد المواطن في وطنه ويكون قلبه في قم، ولهذا الفكر منشآت ورموز وجمعيات عديدة، كلها تخفي هذا التطرف تحت عباءة الوطنية لأنها تعي جيداً أن هذا التطرف معيب.
من غير المستبعد أن تتحكم الفتوى المتطرفة في مصير هؤلاء الذين يرهنون أنفسهم للخارج، فيمكن استخدام فتوى مرجعية لتغيير المسار السياسي لهؤلاء في لحظة واحدة دون مناقشة علمية ولا أسس شرعية، وإنما هو الاتباع المطلق غير المبني على أسس، إنما بني على عواطف وأفكار مزروعة بشكل منهجي لذا هذا المتطرف الصغير.
كما إن أحد أشكال هذا التطرف هو عدم الحديث عن حقيقة مكنون ما في الصدور، والاستعاضة عنه بكلمات فضفاضة ومصطلحات بديلة للوصول إلى الهدف، بمعنى أن تكون هناك مطالبات بديمقراطية ودوائر ومجلس وحكومة منتخبة، من أجل «الحرية»، ومن أجل «العدالة»، ومن أجل «المساواة»، ولكن حقيقة مكنون هذه الكلمات هي تحقيق أهداف المرشد التوسعية، المرشد الذي يمثل «نائب المخلص».
إن هذا التطرف هو أشد ما تعاني منه البحرين، حيث تتعامل الدولة مع مواطنين هم ليسوا مواطنيها بالفعل، وتخاطب عقولاً ومشاعر معلقة بفكر آخر يرى أن هذه الدولة ظالمة ويجب إسقاطها، فهو يعمل ليلاً نهاراً على إسقاطك، في الوقت الذي تعمل فيه الدولة ليلاً نهاراً على احتوائه!.. وهكذا يكون الدوران في حلقة مفرغة.
على الجانب الآخر، هناك تطرف تتعامل معه الدولة بحذر، ودون إعطائه مساحة إعلامية، وهذا أمر جيد لعدم توسعة نطاقه، أو لفت الأنظار إليه، وهو التطرف الذي يخدم إقامة الخلافة الإسلامية ظاهراً، وباطناً ما هو إلا معول هدم للأمة، ومبرر لضربها في أي بقعة في زمن.
غالبية الواقعين في هذا الفخ هم من الشباب المتحمس المتدين قليل العلم، فهو يرى أن عمليات القتل وزج الرؤوس دين، حتى يصل به الأمر دون وعي وانغماساً في هذا التطرف إلى قتل المسلمين بحجة أنهم مرتدين، فتراه أشد خطراً على الإسلام من أعداء الإسلام أنفسهم، ذلك لغياب الوعي الفعلي عن موضع قدمه الذي يظن أنها في الجنة!.
للأسف الشديد أن هذه الفئة يصل بها التطرف إلى درجة كبيرة من عدم قبول النقد أو إعادة إعمال الفكر، فكل رأي من رأي العلماء حينما يعارضه، يصنف هذا العالم في عقله مباشرة على أنه عالم سلطان متخاذل!..
إن أنواع التطرف في البحرين إن علا بعض أو كان بعضها الآخر يدور في الخفاء، كلها تدعو إلى فتنة عظيمة، وهي الخروج على الحاكم، دون علم حقيقي بطبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم شرعاً -بالطبع نحن لا نتكلم هنا عن دستور عقدي ولكن نتكلم من نظرة شرعية لكل مذهب متطرف- إضافة إلى عدم وجود وسائل حقيقية تحارب هذه الأفكار المتطرفة التي لا تعي نعمة أن تكون في وطنك آمناً على دينك ونفسك ومالك وعرضك، فترة دائماً أن سفك الدماء البريئة يأتي من هناك.