الرأي

الشرطي الأمريكي يحمل مسدساً!

الشرطي الأمريكي يحمل مسدساً!



كيف تسمح القوانين الدولية والقوانين الأمريكية أن يحمل الشرطي «مسدساً»؟ أليس هذا قوة مفرطة وسلاح فتاك تستخدمه الشرطة؟ ثم لماذا الشرطة الأمريكية تقتل دائماً السود؟ أليس هذا اضطهاد وعنصرية وانتهاك لحقوق الإنسان؟ ثم أين المنظمات التي تطالب بفتح مكتب دائم في البحرين كي تحمي وترعى العصابات المسلحة التي تفتك برجال الأمن؟ وأين آشتون وفنيش وبيلاي وباكي مون وخوان منديز عما يجري من جرائم ضد السود؟ أم أن شطارتهم وطول لسانهم على البحرين فقط؟
إن قتل الفتى الأمريكي الأسود على يد شرطي أبيض هي جريمة ضد البشرية، وذلك حين قتل ليس لأنه قطع طريقاً أو هاجم شرطياً بسلاح، بل لأنه يمثل جزءاً من العقيدة الأمنية، هكذا هي العسكرية الأمريكية منذ أن استأصلت الشعب الأصلي وأبادته، هذه أمريكا التي تعج بمن حكم عليهم بالسجن المؤبد وأغلبيتهم من السود، ليس لأنهم ارتكبوا جريمة قتل أو اشتركوا في انقلاب أو تخابروا مع دول أفريقية؛ بل فقط لمجرد ارتكابهم جريمة سرقة بنزين من شاحنة أو صندوق أدوات زراعية من حديقة، وها هو تيموثي جاكسون يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة لسرقته معطفاً من متجر، حيث كتب جاكسون رسالة للاتحاد الأمريكي للحرية المدنية قائلاً «أعرف أنني استحق السجن لوقت، لكن ليس أن أسجن مدى الحياة لأجل سرقة معطف»، وعلقت أخته على القضية بقولها «لا أفهم ماذا يجري، يمكن أن تقتل شخصاً وتقضي عقوبة السجن مدة 15 سنة، أخذ أخي معطفاً قيمته 159 دولاراً وسيبقى في السجن للأبد، أخي لم يقتل المعطف».
والقضية ليست قضية أمريكا وجرائمها ضد شعبها وشعوب العالم، إنما الديمقراطية التي تريد أن تبسطها في البحرين بعد العراق، حيث نشاهد طائراتها مع طائرات الحكومة العراقية تدك الشعب العراقي بدعوى محاربة الإرهاب والقضاء على الإرهابيين، وها هي الطائرات العراقية تقتل 31 شخصاً وتصيب 65 بجروح نتيجة استهدافها أحد الأحياء السكنية في قضاء الحويجة. إنها الديمقراطية الأمريكية التي تسمح بدك الشعوب بالطائرات، وديمقراطية أمريكية أخرى لا تسمح أن يهش الإرهابيون حتى «بعصا»، وهذا ما تمارسه أمريكا ضد البحرين عندما تشغل آلتها الإعلامية وخارجيتها ومنظماتها لتكتب ما يدين البحرين، وتساند الإرهابيين والمحرضين وتدعمهم بالضغط على الدولة لتسليمهم السلطة.
لنجري مقارنة بسيطة بين النظام في البحرين والنظام الأمريكي، سنرى كيف تعامل النظام البحريني مع مؤامرة انقلابية؛ حيث نكس الأعلام وأعلن الحداد لسقوط قتيل كان يواجه رجال الأمن بسلاح، وقدمت الحلول ودعت إلى الحوار دون شروط ولا حدود، ثم جاءت بلجنة تقصي حقائق لتدينها، فقبلن الإدانة ونفذت التوصيات، ومازال رجال الأمن يواجهون الإرهابيين المسلحين بمسيل الدموع لتفريقهم ولصد هجماتهم، وهذه الهجمات التي تحصد أرواحهم وتقطعهم أشلاءً، فتصوروا لو حدث هذا للشرطة الأمريكية، هل تظنون أنها ستواجههم بالمسدس الذي قتل به الفتى الأسود، أم برشاشات ودبابات وطائرات كما تفعل في اليمن وأفغانستان والعراق.
واليوم تتفق أمريكا وأستراليا على إحالة قضية الجهاديين الأجانب الذين يقاتلون في سوريا والعراق إلى الأمم المتحدة لتأخذهم بعدها إلى غوانتنامو، أما جرائمها ضد الشعوب التي أبادت منهم الملايين فلا يمكن للأمم المتحدة أن تحاسبها أو تحاكمها، لذلك الشرطي الأمريكي يقتل فتى أسود لمجرد اشتباه، ويسجن جاكسون لسرقة معطف، لأنه لا يمكن أن تتجرأ بيلاي ولا فنيش ولا خوان منديز بطلب زيارة السجون الأمريكية، ولا يطالبون فتح مكتب مفوضية لمراقبة الانتهاكات العنصرية ضد السود، وهكذا تستمر طائراتها في قصف المدنين وتحيل الجهاديين إلى الأمم المتحدة، إذ لو قارنا الضحايا الذين سقطوا على يد أمريكا وحلفاؤها والحكومة العراقية والإيرانية لوجدنا الفارق الرقمي بين ضحايا بالملايين وبين ضحايا بالمئات، هو فارق تستحق أن تكون أمريكا راعية الإرهاب الأولى في العالم.