الرأي

توجيهات الملك حول الوثيقة الأمريكية

أبيض وأسود



لم تكن هذه الفضيحة الأمريكية التي يتفاعل صداها اليوم أمراً عادياً، نعرف أن للدولة خياراتها وسياستها، لا أحد منا يملي على الدولة ما يجب أن تفعله، إنما كل الذي نملكه هو أن نطرح رأياً قد يكون صائباً وقد لا نوفق فيه، إلا أن هذا ما نملكه في الصحافة الوطنية، وهذا ما يمليه علينا الواجب الوطني.
إن كانت هناك علاقة متميزة بين البحرين وأمريكا، أو ما يقال عنه أفضل حليف خارج الناتو، فإن هذا يدعونا لأن نسأل الدولة هل تعني هذه العلاقة أن تتآمر علينا أمريكا من أجل أن تدرب أناساً بعينهم وجماعات بعينها دون غيرها، من أجل ما يسمى لعبة الفوضى والتغيير، التي تسميها أمريكا التمكين الديمقراطي (ولا أعرف أي ديمقراطية ستجدها أمريكا عند دكتاتورية الولي الفقيه، فهو وهم كبير).
من بعد العام 2005 حين تم الترخيص لمعاهد أمريكية في البحرين، أذكر أننا كتبنا كثيراً في صحيفة الوطن والصحافة الوطنية عن هذا المعهد، وكيف تم الترخيص له، ومن أعطاه الترخيص، ولماذا تفتح له البحرين الأبواب بينما أوصدت في وجهه الأبواب في دول عدة، ومن هم الذين يدربهم هذا المعهد؟
كل هذه الأمور طرحناها هنا، ولم يكن هناك من يستمع، ولم يكن أحد من المسؤولين يتوقع أن يحدث ما يسمى بالخريف العربي، لكن ذلك حدث، وجاء الدور على البحرين التي كانت تضعها أمريكا كبوابة للدخول إلى السعودية كون الأرضية مهيأة بالبحرين بسبب خناجر الخاصرة، لكن الله قدر وأفشل المشروع الأمريكي.
والحمد لله أن رب العباد ألهم قادة البلاد في عمق الأزمة في 2011 بأن يتخذوا قرارات حكيمة وصائبة جنبتنا ما كانت تحيكه أمريكا لنا، وجنبتنا ما كان يراد له من تلاقي المؤامرة الأمريكية بالمؤامرة الصفوية، وربما أهم تلك القرارات السيادية هو حين قررت البحرين الاستعانة بقوات درع الجزيرة بالاتفاق مع الشقيقة السعودية، دون أن تأخذ البحرين إذناً من أمريكا، وهذا القرار كان مهماً جداً وكشفته وزيرة الخارجية السابقة في مذكراتها.
لكن اليوم الصورة اتضحت ووضحت للعامة، وهي واضحة لقادة البلاد، فبالأمس وجه جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه الجهات المسؤولة بالدولة لاتخاذ كل الإجراءات حيال ما تم، وحيال ما يخالف القوانين والأنظمة البحرينية، ونحن بدورنا نشكر جلالة الملك على هذا التوجيه، ونتمنى أن نضع علاقة أمريكا معنا كحليف في الميزان، وأن نقوم باتخاذ كل ما يلزم لحفظ أمننا من خلال ممارسة سيادتنا كدولة على أراضينا.
كما وجه صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء حفظه الله ورعاه كل الجهات والوزارات المعنية لتنفيذ إرادة وتوجيهات جلالة الملك، ونتمنى أن تأتي النتائج سريعة، فكل المعلومات متوفرة، وهناك معلومات يعرفها رجل الشارع البسيط، ولا نريد أن تحل البيروقراطية في هذا التوجيه من قبل بعض الوزارات.
جزء كبير من التوجه نحو المستقبل، هو أن ندرس كل ما جرى لنا دراسة عميقة، على أن يقوم بالدراسة ذوو الاختصاص من الرجال والنساء الوطنيين من أجل أن يضعوا للدولة كل التصورات التي يمكن للبحرين أن تتجنب ذلك مستقبلاً.
كما يجب أن نستخلص الدروس مما حدث، هناك (وهذه حقيقة) من لا يستحق الديمقراطية في البحرين، ويجعل منها حصان طروادة للدخول على الدولة منها ومن بوابة حقوق الإنسان.
نحتاج إلى أن نستخلص العبر، نعم الأزمة ذهبت وفشلت المؤامرة الأمريكية الصفوية، لكنها ما زالت قائمة، وأدواتها موجودة وتمويلها موجود.
لا نريد من أمريكا أن تعلمنا الديمقراطية، لا نريد ديمقراطية سجن أبو غريب بالعراق، ولا نريد ديمقراطية احتلال العراق، ولا نريد ديمقراطية إلقاء القنابل الذرية على الدول، ولا نريد ديمقراطية العنصرية بين السود والبيض، ولا نريد ديمقراطية سجن غوانتناموا، هذه الديمقراطية لتوفرها أمريكا على نفسها.
نريد ديمقراطيتنا نحن، من ثوابتنا ومن عروبتنا وعقيدتنا الإسلامية ومن نهج الشورى الإسلامي، وليست ديمقراطية تدريب الشيرازيين الانقلابيين والمتطرفين من أجل ساعة الانقلاب.
في اعتقادي أن إجراءات الدولة لا ينبغي أن تتوقف عند من تمولهم وتدربهم أمريكا الشيطان الأكبر (كذابين ودجالين، هاهم يسبحون بحمد الشيطان الأكبر في البحرين والعراق) بل أن الإجراءات يجب أن تتخذ ضد التوظيف الطائفي في السفارات، وتسخير موظفي السفارات بالبحرين من أجل ممارسة عمل خارج السفارة وخارج القانون الدبلوماسي والأعراف الدبلوماسية.
لكن ماذا عن الصحافيين الذين دربتهم أمريكا للتغيير في البحرين، ورؤساء التحرير الذين تمنحهم أمريكا الجوائز، هل عرفتم اليوم حقيقة هذه الجوائز الأمريكية، كلها لعبة كبيرة ومترابطة ومتشابكة.
نتمنى من الدولة أن تقوم بتصحيح المسيرة، نتمنى أن نقف وقفة وقوية مع كل ما يهدد مستقبل البحرين، هؤلاء ليسوا دعاة ديمقراطية، وكان من الخطأ السماح لهم بالتجمهر وتعطيل البلد في العاصمة في 2011، هؤلاء حين يتجمعون تسمع لهم صوتاً، وحين يتفرقون يصبحون (مثل لرويد البايت)..!
الغريب في الأمر أن مع كل هذه المؤامرات علينا في الداخل والخارج، إلا أننا نبقى نتفرج، من يتآمر على الوطن نجعل المؤامرات تلف عليه حتى عنقه، هكذا يحدث في دول كثيرة ديمقراطية، أو أنها على شاكلة ديمقراطية أمريكا الوهمية.
** تعقيباً على رد وزارة التربية والتعليم
لم أستغرب رد وزارة التربية والتعليم على موضوع الطفلة عائشة، دائماً هكذا تأتي ردود وزارة التربية التي تريد أن (تميع) و(تضيع) الموضوع، أو أنها تريد أن تقول للرأي العام وللمسؤولين بالدولة أن ليس لديها مدرسون ومدرسات يتعاملون بشكل استفزازي مع الطلبة، كل ذلك بسبب ما وصلت إليه الوزارة من توظيف من لا يستحق أن يكون معلماً أو معلمة في وزارة مهنة من أعظم وأشرف المهن.
نشرت موضوع الطالبة عائشة يوم الأربعاء الماضي، وفي يوم الخميس (اليوم التالي) جاءني اتصال من الوزارة يقول لماذا لم تنشروا الرد على موضوع الطالبة عائشة؟
فقلت للأخت التي اتصلت لم يصلني رد، ومن ثم الرد يذهب لإدارة الجريدة فهناك نظام لدى الصحيفة لنشر الردود، لكني قالت للأخت التي اتصلت كيف ترسلون رداً وأنتم مازلتم تحققون في الموضوع؟
قالت كيف؟
قلت لها إنه تم الاتصال بولية أمر الطالبة للحضور للمدرسة لأن هناك وفداً من وزارة التربية يريد أن يقابلها ويقابل الطالبة عائشة.
فقالت بالحرف الواحد ليس لدي علم، من ثم قالت سوف أرى الموضوع وأعود إليك لأشرح لك، وذهبت ولم تعد.
السؤال هنا كيف ترسل وزارة التربية رداً للصحيفة قبل أن يتم التحقيق بشكل كامل في القضية، ومازالت الوزارة تأخذ أقوال الطالبة ووالدتها؟
أعود لنقطة أخرى في الرد، نفترض أن المدرسة كانت ترتدي حذاء (قماش) ودخل دبوس في حذائها (هذي مدرسة ولا مشغل خياطة، إذاً أين شركات التنظيف؟) ألا يفترض من المدرسة أن تزيل بنفسها الدبوس وتضع ما بيدها على الأرض أو تقول للطالبة التي جنبها لو سمحتي امسكي هذا عني، وتنزل هي لإزالة الدبوس.
لماذا تجعل طالبة تنحني لحذائها وتزيل الدبوس، على افتراض أن الاسم ليس له علاقة كما تدعي الوزارة..؟
لو أن هذا الأمر حدث للمدرسة بالشارع ولم يجنبها أحد، هل سيبقى الدبوس برجلها إلى أن يأتيها أحد، أم ستزيله هي بنفسها من حذائها؟
حاولت أن أقلب رد وزارة التربية الممجوج وحاولت أن أتقبله بالعقل وبكل ما ذكرته من تسلسل للأحداث فوجدت أن هذه الوزارة دائماً ما تبرر الأخطاء ولا تعالجها، لذلك لا تتوقف مثل هذه الحوادث في مدارسها.
ناهيك عن الحوادث التي لا تصل للصحافة من بعد تخويف المدرسين والمدرسات والطالبة في حال اتصالهم بالصحافة.
أزمة وزارة التربية هي أزمة توظيف لمن لا يستحق أن يكون معلماً أو معلمة في أشرف مهنة، هذه الحقيقة، ليس كل من حمل شهادة من جامعة البحرين أو غيرها يستحق أن يكون معلماً.