الرأي

ماذا يجري في مستشفياتنا؟!

أبيض وأسود



رغم أن الدولة تخصص مبالغ كبيرة جداً من أجل تقديم خدمات طبية متميزة للمواطنين، وهي تشكر على ذلك، ورغم أن هناك بعض الأمور الجيدة تستحق التقدير في بعض المستشفيات والمراكز؛ إلا أن ما تنفقه الدولة من ملايين الدنانير من أجل تقديم خدمات طبية تحقق الهدف المرجو منها وهو تقديم العلاج بكفاءة وسرعة للمواطن والمقيم محل نظر، لا يساوي ما تنفقه الدولة.
إذا ما أبعدنا ملف أزمة الطائفية المتوغلة والمترسخة في أكبر مستشفياتنا ومراكزنا الصحية «فهذا موضوع يحتاج إلى مجلد» فإن ما يعانيه الناس من تأخير في المواعيد، أو ما يعانيه المرضى من أخطاء تشخيص، وأخطاء علاج، يحتاج إلى لجان تحقيق طبية تأتي من الخارج لتقيم الأوضاع هنا وتكتب تقاريرها عن مستوى الخدمات والعلاج.
خبر فصل طبيبة من الطب النفسي تسببت بوفاة مريض يبلغ من العمر 36 عاماً كان جيداً، لكن هل من يقتل مريضاً يفصل من عمله فقط؟
يبدو أن مستشفى الطب النفسي به كوارث كثيرة، وهذا يجعلني أعود إلى ميزانية المستشفى، التي قال عنها الوزير إنها تبلغ 10 ملايين دينار «يا كبرها عند الله.. 10 ملايين كم مركزاً صحياً تبني كل عام؟»..!
فقبل فترة أيضاً نشرت الصحافة أخباراً عن تلاعب طواقم طبية وأطباء بالساعات الإضافية واكتشاف الكثير من الأمور التي تظهر أن هناك سوء إدارة في المستشفى، وإن كان بعض الأطباء يتلاعبون بالساعات الإضافية بمستشفى الطب النفسي، إلا أن بعضهم يحتاج علاجاً نفسياً..!
بين وقت وآخر تنتشر أخبار عن انتشار فيروسات بالمستشفيات الكبيرة «السلمانية والعسكري» فيدخل المريض لعلاج أمر بسيط فينقل إليه الفيروس من داخل المستشفى، «وعينك ما تشوف إلا النور» فيخرج إلى المقبرة لأن المستشفى نقل له الفيروس، ولو بقي المريض على مرضه البسيط في بيته لربما شفي، لكن ذهب للتطبب فخرج إلى المقبرة.
ألا تضع وزارة الصحة حلاً لموضوع الفيروسات المستوطنة بالمستشفيات؟
في مستشفى آخر وهو المستشفى العسكري هناك أيضاً أمور كثيرة تحتاج لتصحيح، وتحتاج إلى من يأتي ويراجع ويحاسب، فحتى وإن كان المستشفى بوضع خاص فإن هذا لا يعني ألا سلطة عليه، بل إن هذا المستشفى بجب أن يحظى بأفضل إدارة كونه مستشفى أزمات، والأزمة حين تأتي لا تستأذن الدخول حتى نصحح أوضاعنا، فلم نتعلم مما حدث في 2011 خاصة في المستشفى العسكري.
ذهبت ذات مرة إلى بنك الدم بالمستشفى العسكري، وهو مرفق مهم للغاية، فحين تذهب إلى هناك تشاهد الازدحام الكبير، فتجد من أتى وترك عمله جاء ليقدم خدمة إنسانية تطوعاً منه.
وأنا جالس أنتظر دوري في إحدى ليالي شهر رمضان الماضي ازدحم المكان، ثم أخذ الناس يتذمرون وملوا وخرجوا، حتى تناقص العدد.
كنت قد وصلت إلى بنك الدم في الثامنة والنصف تقريباً، وجلست أنتظر دوري حتى جاء قبل الساعة الثانية عشرة من منتصف الليل بقليل..!
حين سألت العاملين ببنك الدم لماذا هذا التأخير، فلم يجيبوا علي ربما خوفاً من المحاسبة، فسألت أحد الكوادر الطبية المارين ببنك الدم فقال: هل تشاهد عدد العاملين ببنك الدم؟ قلت: هل هؤلاء هم فقط كل العاملين، قال: نعم.
العدد لا يزيد عن أربعة إلى خمسة عاملين بما فيهم الكاتبة، وعدد ساعات عمل بنك الدم محدودة، رغم أن هذا المرفق ينقذ حياة المرضى.
هل يعقل ما يحدث؟.. لماذا لا يطور العمل ببنك الدم بالمستشفى العسكري؟
هل بنك الدم بوضعه الحالي يستطيع التعامل مع أي أزمة قد تحدث والمستشفى «مستشفى عسكري»..؟
إن كان هناك نقص كوادر فليوظف عدداً كافياً من الممرضين والممرضات يفي بحاجة المستشفى، أعتقد أن بنك الدم بالمستشفى العسكري يحتاج إلى تطوير كبير جداً.
أعود إلى وزارة الصحة؛ فقد قالت الدكتورة مريم الجلاهمة: «إن وزارة الصحة تعتزم بناء مستشفى للولادة بقرية عالي يضم 120 سريراً، وهذا من الدعم الخليجي».
التوسع في إنشاء المستشفيات أمر ممتاز ومطلوب، لكن ألا توجد رؤية لدى الدولة والحكومة ووزارة الصحة في اختيار أماكن إقامة المستشفيات؟
إذا كان القصد هو أن يخدم المستشفى المحافظة الوسطى فيجب أن يكون المستشفى في وسط المحافظة حتى يسهل على الجميع الوصول إليه، كما إن هناك أمراً مهماً جداً، وهو: لا ينبغي أن يقام مستشفى في منطقة تحرق فيها الشوارع صباح مساء.
فكيف يصل المرضى إلى المستشفى بسرعة، وكيف يتحرك الإسعاف في شوارع مكتظة بالزحام جراء حرق الإطارات؟
ألا يوجد من يفكر؟
شوارع منطقة عالي بها أخاديد بسبب حرق الإطارات، ألا تمرون على تلك الشوارع؟
هل تريدون مواليد يخرجون إلى الحياة على وقع انفجارات «السلندرات»؟
قليل من التفكير فقط، بالإمكان جعل المستشفى قريباً من الجميع بما فيها قرية عالي ولكن باختيار منطقة لا تحرق فيها الشوارع، ولا يتعطل فيها الإسعاف بسبب حرق الشوارع، ولا يسمع فيها المواليد صوت انفجار «السلندرات» بين حين وآخر.
يمكن اختيار مدينة عيسى أو ضواحي مدينة عيسى كون عدد السكان فيها كبيراً وهي منطقة مختلطة، ولا توجد عوائق في الوصول للمستشفى بشوارعها.
من الواضح جداً ألا رؤية صحيحة لدى الدولة، ووزارة الصحة، فهذه الوزارة تحتاج هي الأخرى إلى زلزال يضرب كل كانتونات الطائفية فيها، فقد عجز كل الوزراء عن حل هذه الأزمة.
تخبطات في كل شيء وكأن هذه البلدة تضع نفسها في مهب الريح.
الدولة تنفق الكثير من الأموال على الصحة، غير أن الخدمات الصحية دون المستوى، فالداخل للمستشفيات مفقود والخارج مولود، ومن يدخل بوعكة صحية يخرج إلى المقابر، قبل أن يصبح حقل تجارب لمن هب ودب، ويأتي للتطبب به العارف والجاهل.
أقترح على الدولة أن تخصص مبالغ من هذه الملايين، من ضمن ميزانية الصحة «خذوا مليونين بس من الطب النفسي على الأقل» واجلبوا لنا خبراء من ألمانيا يراجعون أسلوب إدارة المستشفيات، هناك خلل كبير في إدارة المستشفيات.
نريد جلب أطباء ألمان أو أمريكان لتقييم أداء وعمل وأسلوب العلاج المتبع في المستشفيات البحرينية، فما يحصل للناس من بعض الأطباء هو مأساة، كثير من الناس يذهبون للعلاج بالخارج بعد أن يخضعوا لتجارب الأطباء البحرينيين، فيقول لهم الأطباء الألمان مثلاً «من فعل بكم هذا؟.. أنتم من أي دولة أفريقية، أسلوب العلاج الذي اتبعوه معكم كان يستخدم في الحرب العالمية الثانية»..!
هذا الكلام قيل حقيقة إلى أحد الإخوة وليس تهكماً على مستشفياتنا.
أتمنى من الحكومة الموقرة -وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان دائماً ما يشدد على ألا شيء أغلى من الصحة والاهتمام بصحة المواطنين- أن تنفق بعض المخصصات المالية من أجل انتداب خبراء ألمان أو أمريكان أو إنجليز لتقييم إدارة المستشفيات لدينا.
ولتقييم الأطباء وأسلوب العلاج المتبع هنا، وتقييم الطاقم الطبي برمته من ممرضين وغيرهم.
** رذاذ
كنت أقول دائماً لماذا لا نأتي بأطباء من الدول المذكورة سلفاً ولو لعامين أو ثلاثة لتدريب وتوجيه وتعليم الأطباء لدينا على آخر ما توصل إليه الطب الحديث، هل هذا مستحيل؟
والله ما يحدث في مستشفياتنا يتفطر له القلب، فتذهب هذه الملايين التي تنفقها الحكومة وتخصصها من أجل صحة المواطنين أدراج الرياح، بل إن المواطن يخرج من مستشفياتنا ويأخذ قروضاً من أجل أن يعالج الأخطاء الطبية التي حدثت له، هذه كارثة حقيقة.
أرجو بحث فكرة جلب أطباء خبراء من الخارج، وفكرة جلب خبراء في إدارة المستشفيات والطواقم الطبية، هذا سيقلل الحاجة إلى إرسال المواطنين للعلاج بالخارج، وسيوفر ملايين الدنانير على الدولة.
مستشفياتنا هي كوارث حقيقية، وما خفي كان أعظم بكثير، وتحتاج إلى إنقاذ، وإلى اتخاذ قرارات بشأنها، فقد أصبحت الثقة معدومة في كوادرنا الطبية إلا ما ندر جداً من بعض الأطباء الجيدين والمحترمين، وغالباً ما يخرجون من المستشفيات الحكومية إلى مستشفيات خاصة أو عيادات خاصة.
** مستشفى حكومي أجرى خلال رمضان ست عمليات لستة أشخاص، وقد انتقلت إليهم فيروسات من داخل المستشفى، وساءت حالتهم، وما كان من الوزارة إلا أن قامت بإرسالهم إلى الخارج للعلاج خوفاً من الفضيحة.. هذه المعلومات بحسب المصدر!