الرأي

الجزيرة.. وما بعدها (2)

ورق أبيض











من الواضح انعكاس السياسة القطرية الخارجية وتحالفاتها على مهنية قناة الجزيرة، وتمثل هذا الانعكاس في الترويج لما كان يعرف بـ «محور المقاومة»؛ إيران، سوريا، حزب الله، وبعض القوى القومية واليسارية، وهو ما كان يمثل عداء، غير مباشر، لدول الخليج العربية ومصر تمثل في فتح ملفات حساسة ودعم مباشر لقوى المعارضة فيها، خصوصاً الجماعات الإسلامية الراديكالية.
في البحرين، تحديداً، كان الوضع أكثر خطورة، لاسيما وأن الدعم للقوى الراديكالية كان مباشراً؛ عبر التغطية المنحازة في أزمة 2011 التي مارست خلالها الجزيرة ما كان يعاب على الإعلام العربي الرسمي بالتوجيه المباشر للخبر وحرفه تجاه مصالح قطر / السلطة.
أدركت قطر مبكراً حاجتها لإيجاد أذرع إعلامية مساندة للجزيرة، وإن بمسميات مختلفة، وفي كل مرة كان هناك في كواليس إدارة المشروع القطري من يضع العصا في العجلة تبعاً لمصالحه الخاصة، وبناء على توازنات داخلية ورغبة في احتكار الإنجاز، وعليه فقد بقيت خطة توفير خطوط بديلة أو حتى مساندة مشاريع مؤجلة، إلى أن حدث الانقلاب في المزاج الشعبي العربي كرد فعل على التغطية اللامهنية لما سمي بـ «الثورات العربية»، والتي تحولت خلالها الجزيرة لطرف في النزاعات بين القوى المختلفة له مؤيدوه وخصومه، وخرجت عن كونها وسيلة إعلامية لتصبح جزءاً من الصراع لها مصالح تنحاز لها وتدافع عنها.
وبعد أن كانت الأنظمة وحدها من تطرد الجزيرة؛ أصبحت شرائح واسعة من متابعيها السابقين، أفراداً وشخصيات عامة، طاردين لها، ومتخصصين في فضح ممارساتها، واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي ورسامي الكاركتير والكتاب والصحافيين والسياسيين بالنوادر المتهكمة على سياساتها، لتطال العاملين فيها الذين ساهموا بدورهم في إذكاء حالة النفور من القناة وانجروا للمواجهة مع خصوم القناة على وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبحوا خصوم ألداء لقطاع من المشاهدين؛ بل لدول وشعوب عربية ليزيدوا الخناق حول عنق الجزيرة، وتصبح الأذرع البديلة والمساندة ضرورة تحتمها الحاجة لوجود واجهة للمشروع القطري في المنطقة.
وكانت العاصمة البريطانية، لندن، التي احتضنت النواة الأساسية لتشكيل الجزيرة هي المكان الأكثر ملاءمة لانطلاق مشروع أساسي جديد ومشاريع رديفة تضمن الاستمرار بكفاءة.
وبهدوء انطلقت قناة (العربي الجديد) لتمثل انتصاراً لمحتكر الإنجاز، صاحب العصا التي منعت لردح من الزمن انطلاق مشاريع مساندة ليحقق رؤيته التي وهنت الجزيرة عن حملها.
.. وللحديث بقية