الرأي

إعلاميون من يفهمنا ويسمعنا (9) سياسة «مب وقته» وهيكل إعلامي بالمخشوش!

إعلاميون من يفهمنا ويسمعنا (9) سياسة «مب وقته» وهيكل إعلامي بالمخشوش!



الإعلامي البحريني اليوم يجد نفسه بين مطرقة تردي وضعه الوظيفي وسندان الهجرة، التحدي الذي يواجهه الإعلاميون اليوم التطلع لإنهاء جزء من سياسة سيناريو «صبر أيوب واللهم طولج يا روح!» والحصول على قطرة واحدة على الأقل من غيث أحلامهم.
بالمقابل هناك أطراف تتعامل مع الإعلاميين بقناعة بأن توقيت مطالبهم خاطئ وبسياسة «كلامكم ليس وقته، ولا وقت عندنا للاستماع لكم»، وبأن الوطن يمر بمرحلة تتطلب التكاتف والتركيز على القضية الأم «الأمن والاستقرار» لا نبش القضايا الفردية وإثارتها، وأن عليهم الاستمرار في العمل دون الالتفات إلى حقوقهم الوظيفية خلال هذه الفترة، بالمناسبة الفترة هذه كانت من 1994، ولا نعلم أي وقت هو مناسب بالضبط حتى يتكلموا ويطالبوا بشيء هو حق مقدر لهم أمام سياسة «مب وقته»، خاصة وأن هناك يبدو من كان لديه الوقت لإيجاد هيكل وظيفي يقر لمجرد الإقرار وكديكور إعلامي بعيد عن مراعاة ظروف العمل الإعلامي.
وللعلم أيضاً ارتفاع أصواتهم للمطالبة بحقوقهم الوظيفية بالأصل «هاذي حزتها» والوقت المناسب لها، فالإعلام هو الوجه الآخر للاقتصاد والاستقرار ومن يريد إخراج البلد من أزمة أمنية تحيط به عليه أن يضع يده على مفاتيح التسويق الإعلامي لقضيتنا الوطنية، خاصة خارجياً، وعليه أن يعمل لأجل تنظيم حملات إعلامية مكثفة تكشف الحقائق وتوجد صورة إيجابية ومشرقة عن البحرين على المستوى الإقليمي والدولي، وبالمناسبة هذا لن يكون إلا عن طريق بوابة الإعلام وبسواعد الإعلاميين أنفسهم.
الإعلام البحريني الذي يحتاج اليوم أكثر من أي وقت سابق إلى النهوض به وإصلاحه وتعديل أوضاع العاملين فيه حتى يتمكنوا من العمل، هل من الممكن أن تقوم ببناء مشروع كبير وقوي بدون عمال بناء؟ وهل يمكن أن تأتي بعمال بناء وتدفعهم للعمل دون توفير حقوقهم الوظيفية أو منحهم على الأقل أدوات البناء؟ الركيزة اليوم للوطن والتنمية هو الإعلام ومن ورائه الإعلاميون وبدونهم لا يمكن مهما فعلت أن تنجح في معادلة تنمية الوطن وأن تحافظ على اقتصاده وتتصدي للإرهاب وتحارب أعداءه وتكشف أجندتهم وتجذب رؤوس الأموال الخارجية. بصدق كيف تطالبون الإعلامي اليوم بالبناء وتلقون باللوم عليه ويده تخلو من أدوات البناء الإعلامية؟ وبيئته الإعلامية لا توفر له أدنى حقوقه بل تهضمها وتدعوه للعمل في الهواء و«بالبركة»، إن كان «مب وقته» أن يطالب الإعلامي بتوفير أدوات البناء الإعلامية له ليؤدي دوره الوطني المهم، خاصة مع ما يواجهه الوطن من حروب إعلامية، فمتى وقته سيكون بالضبط؟
الضجة التي أثارها الإعلاميون على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» عبر هشتاغ «إعلاميون من يقدرنا»، والتي أساء البعض فهمها وحرفها إلى مفهوم التقدير المادي المتجسد في المكافآت والعطايا، في حين حاول البعض الآخر قولبتها إلى استهداف شخصيات معنية ومحاربتها لم تخرج لتطالب بحقوق «زيادة» أو بطموحات تعمل على زيادة المزايا الوظيفية للإعلامي، رغم أنهم إن فعلوا ذلك منطقياً هو من حقهم إنما جاءت بعد وصول تسريبات لهم عن الهيكل الإعلامي الجديد، والذي وضع دون الرجوع لهم و»بالمخشوش»، ومن ورائهم وكان يمهد لمفاجأتهم به وإقراره دون تشاور أو تباحث أو على الأقل إطلاعهم عليه.
سؤال؛ أليس من حق الموظف في أي مؤسسة عندما تقر له هيكلاً وظيفياً جديداً أن تجتمع به وتطلعه على حقوقه الوظيفية كون هذه الحقوق تحدد له خارطة مستقبله وتمس حياته وحياة عائلته معه؟ وتوضح له كيف سيسير في عمله خلال السنوات القادمة له أو طيلة فترة سنوات خدمته؟ أليس من حقهم عرض الهيكل الوظيفي والكادر الإعلامي عليهم وشرح المميزات التي سيحصدونها من ورائه قبل إقراره، وبالمناسبة الكادر الإعلامي الجديد لا مميزات فيه، وتلك هي الصدمة، فهو لم يرفع السقف الوظيفي للمذيع أو المعد إلا درجة واحدة، بمعنى معظم المذيعين والمعدين الحاليين الذين قد يعملون لأكثر من 15 أو 20 سنة قادمة عليهم بانتظار درجة واحدة فقط للترقية الوظيفية ومن ثم التقيد بهذه الدرجة إلى حين تقاعدهم، تلك أبسط حقوقهم التي تمس مستقبلهم وحياتهم، خاصة وأنه منهم من الجيل القديم من انتظر منذ عام 1994، أي من عشرين سنة، واكتشف بالنهاية أنه سيجمد وظيفياً على درجة واحدة فقط وحقه في الدرجات التي حرم منها طيلة تلك السنين ضاع، كما إنه يعني أن أي مذيع أو معد عمل من كم سنة بعد أربع سنوات سيحصل على درجة واحدة فقط ويتجمد في مكانه إلى أن يتقاعد وهو لايزال في مقتبل عمره.
هل أحد انتبه أنه لا يمكنك أن تعد هيكلاً وظيفياً لسنتين أو ثلاث سنوات قادمة إنما يجب أن توجد هيكلاً وظيفياً لسنوات طويلة ممتدة يراعى فيه أيضاً تغير نمط الحياة وتكاليفها ومعيشتها أسوة بكافة القطاعات الأخرى؟ هيكل لا يغفل جانب التحفيز والتشجيع والحق الوظيفي لكل موظف سيعمل لأكثر من عشرين سنة متواصلة؟ ثم هل انتبه أحد ما أهمية أن يأتي بموظف من ديوان الخدمة المدنية ويجتمع مع كل موظفي قسم وإدارة على حدة ويطلعهم على تفاصيل الهيكل الوظيفي الجديد بدلاً من إقراره بديكتاتورية وفرضه عليهم دون علمهم عنه حتى.
خلاصة القول إن التسريبات التي وصلت للإعلاميين عن الهيكل أوصلت معها رسالة مفادها؛ بعد انتظاركم لأكثر من عشرين سنة الهيكل وضع على أساس سياسة التقشف والبخل ودون تقدير لعملكم وحجم مهماتكم ومسؤولياتكم وعلى يد أطراف يبدو أنهم لا يدركون ويفهمون أهمية الإعلام ودوره التنموي وظروف العمل الإعلامي، بل كل ما أرادوا الظهور فيه أمام الآخرين أنهم نجحوا في السير على سياسة التوفير، وبالمناسبة لا تناقشونا في ما فعلنا لأنه «مب وقته».