الرأي

الجنرال الذي أصبح إماماً

الجنرال الذي أصبح إماماً





كان المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، في بدايات تكوين الحرس الثوري بعد انتصار الثورة على الشاه، يظهر في العديد من المناسبات مرتدياً الزي الرسمي للحرس الثوري، وهو يتفاخر بانضمامه لهذه الميليشيات المسلحة القمعية، وقد زار مرات عديدة جبهات الحرب على العراق «1980-1988» مرتدياً زي الحرس الثوري، ومازال يتفاخر بانتمائه لها وهو يضع على متنه القطعة التي يلف عناصر الحرس أعناقهم بها والتي أصبحت شعاراً لهذه الميليشيات.
إن المرشد خامنئي، الذي يطلق عليه أتباعه لقب الإمام، يتشدق باستمرار بأنه يمثل رأس السائرين على خطى وفكر إمامه الخميني، ولكنه يتناسى أن الخميني كان دائماً يكرر مخالفته لتولي قادة الحرس الثوري المناصب السياسية، غير أن ما هو واقع أن خامنئي الذي خالف رأي سيده الخميني في هذا الأمر، لم يكتفِ بتسليم قادة الحرس الثوري المناصب السياسية وحسب؛ بل عمل على عسكرة الحياة الإيرانية بأكملها، وذلك من خلال عسكرة المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، بما فيها المؤسسات الدينية والعلمية والفكرية أيضاً، حيث قام بتأسيس حوزات دينية وجامعات ومراكز فكرية وثقافية خاصة بالحرس الثوري لتخريج خطباء ورجال دين وأستاذة جامعات عسكريين، وبهدف عسكرة ما تبقى من الحياة في إيران.
لقد اصبح الحرس الثوري بسبب الدعم الذي ناله من الولي الفقيه المرشد الاعلى للنظام والدولة، الإمام الجنرال خامنئي، الآمر الناهي والمهيمن المطلق على النظام وكل ما يمت للحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والاجتماعية الإيرانية.
لكن ما هو الدافع وراء قيام الإمام الجنرال خامنئي بعسكرة المجتمع الإيراني؟ هل هو بسبب انتمائه للحرس الثوري أم بسبب ضعفه وعدم قدرته على مواجهة الحرس الثوري؟ أم أنه يعمل هذا من أجل تحقيق رؤية إمامه الخميني الذي كان يسعى لتأسيس جيش العشرين مليون مقاتل؟ أم ضمانة لبقائه على رأس مؤسسة الولي الفقيه؟ أم لضمانة توريث ابنه «مجتبى» منصب ولاية الفقيه؟.
يعتقد بعض المراقبين للشأن الإيراني أن سياسة عسكرة الحياة الإيرانية كانت جزءاً من مخطط مشروع الخميني الذي أمر بتشكيل جيش العشرين مليون مقاتل، والذي أوصى البرلمان بتخصيص ميزانية سنوية لهذا الجيش تزداد عاماً بعد عام، لقد كان الخميني رغم مخالفته الصورية لتقلد الحرس الثوري المناصب السياسية إلا أنه عمل على جعل سلطة الحرس الثوري فوق كل السلطات بعد أن قام بتسليمه القضاء والأمن والإعلام، وجاء خليفته الجنرال خامنئي ليكمل تسليم الحرس الثوري ما تبقى من السلطات والمؤسسات وصولاً لعسكرة الحياة في إيران.
ولا يخفى على أحد في إيران أن الصراع على خلافة الإمام الجنرال خامنئي بدأ يشهد تصاعداً وحدة بين المؤيدين لتولي نجل المرشد الملا «مجتبى خامنئي» ولاية عهد أبيه، وبين أنصار الملا «حسن أحمد الخميني» الساعي لاستعادة عرش جده روح الله الخميني.
ومن هنا فإن الإمام الجنرال خامنئي، من وجهة نظر هؤلاء المراقبين، بات مقتنعاً أن العسكر هم الضمانة الوحيدة لاستمراره على عرش ولاية الفقيه، هذا من ناحية، وهم الضامن لتربع نجله مجتبى على عرش هذه الولاية من بعده من ناحية ثانية