الرأي

أمير الكويت.. لا للحرية!

قطرة وقت


كلمة أمير دولة الكويت الشقيقة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، والتي ألقاها الأربعاء الماضي، وتركزت على بعض التطورات المحلية في الكويت، هذه الكلمة احتوت على بعض التعابير التي علينا اعتبارها جرس تنبيه كي نراجع أنفسنا ونعرف موقع أقدامنا كي لا نندم حين لا ينفع الندم.
من تلك التعابير قول سموه «لا خير في حرية تهدد الأمن والسلامة وتمس احترام القضاء أو تشيع الفتنة والتعصب»، وقوله «لا خير في حرية تجلب الدمار والخراب»، وقوله «لا خير في حرية ترفض تعاليم ديننا وشريعتنا أو تهدم القيم والمبادئ والأخلاق أو تتجاوز القانون»، وهو ما يعني أن سموه يؤمن بالحرية ولكن الحرية المسؤولة التي تنفع لا التي تضر، الحرية التي لا تتجاوز الأساسات التي تميز دولنا الخليجية والتي لا تؤثر سلباً على الدين والشريعة.
هذا الفكر النير وهذه القناعة العملية الواقعية الجميلة هي ذاتها التي يعبر عنها أصحاب الجلالة والسمو قادة دول التعاون في مختلف المناسبات، ويعبر عنها المسؤولون في هذه الدول ويدعون شعوب مجلس التعاون إلى التمسك بها كي لا ينخدعوا بشعارات فارغة لا تجلب سوى البؤس والشقاء وتسيء إلى الوطن والدين وإلى العادات والتقاليد والأخلاق والقيم والأعراف.
هنا في البحرين وقبل أيام قليلة تناول رئيس الوزراء صاحب السمو الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة الموضوع نفسه، وقال لضيوف مجلسه إن أبناءنا للأسف ينخدعون بتلك الشعارات التي ترفع على شكل عناوين جميلة براقة تغريهم بترديدها ولكن من دون أن ينتبهوا إلى ما يريده رافعوها من وراء ذلك.
ما ينبغي أن يعرفه العالم «الحر» هو أن مجتمعات دول التعاون لها خصوصيتها وظروفها، وأن يعرف أن قادة هذه الدول وشعوبها جميعهم يؤمنون بالحريات شرط ألا تتجاوز تلك الأساسات، فلا خير في حرية تسيء إلى الدين أو الوطن أو الأخلاق أو القيم أو تنشر الفوضى وتربك الحياة وتؤثر سلباً على المجتمع وتكون مصدر قلق، ولا خير في حرية لا تراعي حرية الآخرين ولا تعرف حدودها وتتسبب في الأذى.
الحرية غاية يسعى الجميع إليها، لكن ليس كل حرية يمكن القبول بها في دولنا الخليجية، الحرية المقبولة هنا هي تلك الحرية المشروطة التي تتناسب مع حالتنا، فلا يمكن مثلاً القبول بالحرية كما هي في الغرب والتي تتجاوز كل القيم والأخلاق ولا تعني لها الشريعة والدين شيئاً، ولا يمكن القبول بالحرية التي تطلق العقال لكل شيء حتى يضج منها الجميع ويتخذ من هذه المفردة موقفاً.
لا أحد هنا، في دول التعاون، يتخذ موقفاً من الحرية، فهي جزء أساس من ديننا الإسلامي، وهي «سلك» مجتمعاتنا الخليجية منذ نشأتها، ولكن ليس كل حرية يمكن اعتبارها حرية، وليس كل حرية يمكن القبول بها ورفع لافتاتها باطمئنان، حيث الحرية التي لا تؤدي إلى كل ذلك الذي يشير إليه قادة التعاون والتي تكون دولنا الخليجية ومجتمعاتنا في مأمن من أذاها هي فقط التي يمكن أن تجد لها القبول والمكانة.
من حقك أن تناقش الآخر، هذه حرية، ولكن ليس مقبولاً أن تشتمه وإن كانت الشتيمة تدخل في خانة الأقوال. من حقك أن تطالب، هذه حرية، ولكن ليس مقبولاً أن تتطاول على الأعراف والعادات والتقاليد. من حقك أن تفعل كل ما تعينك عليه قدراتك العقلية والجسدية ولكن لا يمكن القبول بذلك إن كان يهدد الأمن والسلامة أو يمس احترام القضاء أو يشيع الفتنة أو يجلب الفوضى والدمار والتعصب أو يخالف القانون والدين والشريعة أو يهدم القيم والمبادئ والأخلاق.