الرأي

لماذا ترتجفون من أحداث العراق..؟

أبيض وأسود



لا يمكن بأي حال من الأحوال فصل ما يجري في العراق عما يحدث في سوريا ودول الجوار، كل الذي يجري اليوم هو بالتأكيد خارج حسابات التحالف الصليبي الصفوي في المنطقة (التحالف الصليبي الصفوي إنما يستهدف أمة التوحيد في كل مكان).
فهناك الكثير من المؤشرات التي تقول إن بداية فشل المشروع الأمريكي (الذي يهدف إلى تقسيم المنطقة من جديد) هو بدأ من البحرين في 2011 هذه الدولة الصغيرة في الخليج.
وأحسب أن ذلك صحيحاً، غير أن ما يحدث في العراق اليوم من ثورة العشائر إنما هو أيضاً لم يكن في حسبان أمريكا ولا إيران.
من أين بدأت هزيمة نوري المالكي في العراق؟
إنها بدأت من هزيمته في حربه على الفلوجة، حين أعلن الاستنفار لإخضاع العشائر هناك من بعد اعتصامهم الطويل الذي كان يطالب بمطالب وطنية تشمل كل العراقيين مسلمين سنة وشيعة ومسيحيين ويهود، غير أن المالكي أراد أن يشن حرب تصفية على العشائر وحشد جيشه، وظن أن الفلوجة ستكون مستباحة أمام قوة جيشه، إلا أن ذلك لم يحدث، وانتفضت الفلوجة وانتفضت قوات العشائر حتى تمت هزيمة جيش المالكي هناك.
من هنا بدأت هزيمة المالكي، وليس فقط حين بدأت قوات العشائر في دحر جيش المالكي في الموصل (الذين تركون أسلحتهم ولباسهم العسكري وفروا هاربين، بعضهم هرب في ملابس نساء، وكأن المشهد كما الذي يحدث عندنا هنا.. سبحانك يارب)..!
ما فعله نوري المالكي رئيس وزراء العراق الذي استولى على السلطة هو تقديم أكبر خدمة للفصائل والعشائر وبقايا الجيش العراقي السابق من جهة، ومقاتلي الفصائل الإسلامية من جهة. فقد كانت هناك حروب بين العشائر والفصائل الإسلامية (داعش) إلا أن المالكي حين استهدف الجميع بحربه جعل هذه الفصائل تتجمع وتتكتل وتنسى ما بينها من خلافات، لتشكل ما يشبه الحلف ضد الجيش العراقي الذي يبيد أهل السنة بالعراق بشكل طائفي.
إلى من ينتمي نوري المالكي؟
إنه ينتمي إلى حزب الدعوة العراقي، وجمعية الوفاق البحرينية هي فرع حزب الدعوة بالبحرين، فلا نستغرب هذه الحرب من الوفاق على أهل البحرين، ذلك أن حزب الدعوة العراقي حين وصل إلى السلطة في العراق، أباد أهل السنة وشردهم واستحل أعراضهم.
أتوقف قليلاً لأبين للقارئ البسيط من هم جماعة (داعش)، ولماذا يريد المالكي أن يلصق صفة الإرهاب بثورة العشائر؟
كلمة (داعش) هي اختصار لمسمى (الدولة الإسلامية بالعراق والشام)، وقد أسس هذا الفصيل في البداية أبو مصعب الزرقاوي في العام 2004، وفي ذلك الوقت كانت هناك حروب بين أبناء العشائر والتنظيم، إلا أن استهداف حكومة المالكي والأمريكان للعشائر وللتنظيم ربما جعلهم يضعون خلافاتهم والدماء التي بينهم خلف ظهورهم لمواجهة العدو الحقيقي.
خروج عزة الدوري إلى واجهة الأحداث بخطاب ألقاه قبل أيام يؤكد أن ما يحدث في العراق ليس عملية إرهاب كما يريد المالكي تصويرها من أجل أن يحصل على دعم عالمي وأمريكي، إنما هي ثورة عشائر وثورة شعب تم قتله بأسلحة الجيش العراقي طوال 11 عاماً.
لا يمكن أيضاً إغفال أن هناك تنظيماً يدعى (النقشبندية) هو أيضاً على ما يبدو انضم إلى كل التحالف الذي يقاتل الجيش العراقي، ومن الاسم يبدو أنها حركة تصوفية.
إن ما يجري بالعراق أخذ يلقي بظلاله على المنطقة، إيران أول المرتجفين والخائفين، وقد أرسلت ثلاثة ألوية لمناصرة المالكي خوفاً من استيلاء ثوار العراق على بغداد وما بعد بغداد.
حالة الهلع والخوف اتضحت من موقف إبراهيم الجعفري، رئيس التحالف الشيعي، حين ذهب إلى بيت إياد علاوي خائفاً بسبب تسارع الأحداث ووصول الثوار إلى مشارف بغداد.
كما أن الموقف الأمريكي أيضاً لم يكن يتمناه المالكي، كان المالكي يستجدي تدخلاً أمريكياً لينقذه، إلا أن هذا لم يحدث له، رغم أنه يصور أن ما يحدث إنما هو استيلاء الارهابيين على الموصل وبقية المدن.
الرئيس الإيراني روحاني قال أنه مستعد للتعاون مع الأمريكان في العراق، وهذا التعاون القديم الجديد يظهر الحرب الصليبية الصفوي على أمة التوحيد خوفاً من هذه الأمة. هذه الأمة هي أمة الجهاد، وأمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأمة عمر بن الخطاب، وأمة صلاح الدين الأيوبي هذان الاخيران هما اللذان فتحا القدس وحرراها، من مثل هؤلاء يأتي الخوف، وليس من غيرهم.
حزب الدعوة العراقي الذي ينتمي إليه المالكي، هو والوفاق البحرينية صنوان، هم يحجون إليه طلبا للدعم والمشورة، وهو الذين يناصرونه ببياناتهم، ويقدمون له التهنئة بفوزه، رغم أن المالكي هو الذي يقمع الثوار ويقصفهم بالأباتشي، وهو الذي يشن حرب إبادة وتهجير على أهل السنة والجماعة في العراق، حتى أن التيار الصدري يقف ضده.
لكن لماذا ارتجفت أرجل كثيرة في البحرين، ولماذا تتخبط إيران وتخاف، وتتدخل في العراق كما تتدخل في سوريا؟
إيران أصبح لديها ان العراق اكثر أولوية، فالنار عند بابها، وهذا مقلق أكثر من مما يجري في سوريا، وربما كل ذلك انما هو استنزاف كبير للمال والجيش الايراني.
في البحرين ترتجف أيادي وأرجل لم يكن في حسبانهم أن يحدث هذا، ظنوا أن اللعب على الوقت في صالحهم فهم من لعبوا على الوقت في كل دعوات الحوار، اليوم هم في صدمة تشابة صدمة إبراهيم الجعفري الذي ذهب خائفاً إلى بيت علاوي.
سبحان الله، كانوا يظنون أنهم سيلعبون على مسألة الوقت على طاولة الحوار انتظاراً لتحولات إقليمية في صالهحم، لكن كل الوقت الذي مر ويمر هو بتقدير من الله سبحانه، ليس في صالحهم البتة.
اليوم هم لن يطلبوا وثيقة المنامة، اليوم أحسبهم يريدون أن يعودوا إلى ما قبل 2011، ويريدون العودة إلى البرلمان، فما يجري ليس معهم تماما، بل ان الخوف من القادم كبير عندهم.
كل تسلسل الأحداث الذي يقدره رب العباد من عنده سبحانه هو ضد الوفاق في البحرين، من هنا نقول للدولة ان الذي كان يلعب على الوقت استكبارا واستنجادا بالخارج هو اليوم في الحضيض، وأياكم أن تلقوا إليهم بطوق نجاه.
من كان ينسحب من الحوار، ويرواح ويعطل جلسات الحوار (التي كانت بالإمكان أن تخرج توصياته بأمور في صالحهم) عليه أن يسدد فاتورة هذه المماطلة إنتظارا للتحولات الأقليمية، او التحولات الامريكية، فالامريكان هم اصل المؤامرة على البحرين.
ما يحدث في مصر ضد مخططات الوفاق وتمنياتها، ما يحدث في العراق اليوم (وقد تحقق انتصارات أكبر باذن الله) هو ضد تمنيات الوفاق، بل أنهم أخذوا يخافون من أن ذلك سيجعلهم يقبلون بأي شيء من دون حتى حوار.
نقول للدولة أياكم أن تلقوا طوق النجاة لمن غدر بالبحرين، إياكم أن تقدموا لهم أي تنازلات، هؤلاء الذين لعبوا على الوقت، اليوم الوقت هو الذي يخنقهم، فلا تقدموا لهم مشاريع حوار، ولا مشاريع صفقات، اتركوهم يذهبون لبيت (العراب) الذي يطبخ لهم الصفقات، كما ذهب الجعفري لبيت علاوي، لكن طبخاته مسمومة ومن الحنضل.
عليكم اليوم تدور الدوائر يا أيها الانقلابيون، أنتم في أقسى مراحل الفشل، وعلى الدولة أن تجعل من غدر بالبحرين أن يدفع ثمناً باهظاً، مكلفاً، لأن أن تقدم له صفقات، او تنازلات، ان حدث ذلك، فهذا اكبر فشل سياسي للبحرين.
التحولات التي تحدث تتطلب أن يخرج الاتحاد الخليجي إلى السطح، وأن تتضح معالم التحالف والمحور الخليجي المصري الأردني بقوة.
غير أني أعود وأقول إن الانقلابيين في البحرين انقلبت عليهم اللعبة الدولية، انقلبت عليهم التحولات الإقليمية، هو اليوم يتلقون صفقعات تلو أخرى، هم اليوم يعضون بنان الندم على استكبارهم حين رفضوا مبادرة الحوار والمبادئ السبعة التي قدمت لهم إبان أحداث 2011، سبحان الله رب العباد أطبق على بصيرتكم، وها أنتم ترون حالكم وانهزامكم وتدهوركم، والتراشق فيما بينكم.
أحداث العراق أصابتكم في مقتل، وفي رعب كبير، فقد يأتي الانتصار في سوريا من جهة العراق بعد أن يتحرر، كما أن الانتصار في البحرين ليس بعيداً بإذن الله..!