الرأي

النجمة المتألقة أوبرا وينفري

بنادر

هناك دائماً ثمة حكمة في ما يحدث لنا في الفترة الزمنية التي نقضيها على هذه الأرض، حتى الابتلاء بأسوأ الأمراض المستعصية، وحتى الخسائر والهزائم التي نحصل عليها، تمتلك حكمتها الخاصة من أجل رقينا الروحي وسمونا على كل ما يحدث.
وأنا واحد من الذين تابعوا تألق النجمة الأمريكية أوبرا وينفري بعد ما وصلت لنا عبر القنوات الفضائية الأمريكية، أوبرا استطاعت أن تحول الجرح إلى وسام، والفقر إلى ثراء، والإنسانة غير المرئية إلى واحدة من أهم نجمات القرن الذي نعيشه، فمن هي هذه الأبنوسة التي علمت الملايين كيفية تحويل الجراح إلى أفراح والفشل إلى نجاح؟
تقول لنا القراءات العديدة التي تابعت شيئاً من سيرتها الحياتية والفنية؛ أنها ولدت في 29-1-1954، وعاشت طفولة فقيرة، والدها كان حلاقاً بالإضافة إلى عمله ببعض الأعمال التجارية الصغيرة، والدتها كانت تعمل في خدمة البيوت، عاشت عند جدتها في حي فقير بعد انفصال والديها إلى أن بلغت السادسة من عمرها.
وبدأت حياتها مراسلة لأحد قنوات الراديو وهي في 19 من عمرها، وأكملت تعليمها الجامعي في ولاية تينيسي من خلال منحة تعليمية حصلت عليها، حيث كانت من أوائل الطلاب الأمريكيين من أصل أفريقي في الجامعة، مما سبب لها صعوبات عديدة، انتقلت إلى بالتيمور عام 1976 وبدأت تعمل في برنامج «أحدث كتاب»، كما إنها تمتلك أستوديوهات هارب وتصدر مؤسستها مجلة أوبرا.
وحسب المتابعين فإن ثروتها بلغت عام 2003 مليار دولار، مما وضعها في المرتبة 427 في اللائحة التي تضم 476 مليارديرا. وحسب تصنيف مجلة فوربس لعام 2005، احتلت أوبرا المرتبة التاسعة في أول 20 شخصية من النساء الأكثر نفوذاً على صعيد وسائل الإعلام والسلطة الاقتصادية. كما احتلت المركز الثاني حسب تصنيف مجلة فوربس لعام 2005 في قائمة أكثر الشخصيات تأثيراً في العالم الذي ضم 100 شخصية، وصعدت وينفري لتحل محل ميل جيبسون من حيث الثروة، فقد بلغ دخلها السنوي 225 مليون دولار.
استضافت شخصيات عالمية، ومن أبرزها مايكل جاكسون عام 1993، حينما قدمت البرنامج من داخل مزرعته نيفرلاند ببث مباشر، والتي بلغت مشاهدة هذه الحلقة أكثر من 100 مليون مشاهد حول العالم، محققةً أعلى نسبة مشاهدة لحلقة في برنامجها، مما زاد من شهرتها عالمياً، في أوائل التسعينات أيضاً استضافت شخصيات سياسية اجتماعية بارزة مثل بيل كلينتون، هيلاري كلينتون، كوندوليزا رايس.
كما عرف عنها إرادتها القوية؛ فقد خسرت من وزنها الكثير بعد أن عاشت سنوات بهذا الوزن، وشاركت بماراثون في واشنطن خسرت 90 باوند من أصل 150 باوند.
ونحن إذ نتكلم عن أوبرا وينفري، فإننا نتكلم عن قصة نجاح عشناها وشاهدناها، قصة نجاح امرأة سوداء في مجتمع قائم على التفرقة العنصرية، وكيف تخطت كل الحواجز التي وضعت أمامها واستطاعت أن تتداوى من جراح الماضي والتي لا يمكن أن يشفى منها غير الإنسان الجسور صاحب الثقة التامة بنفسه، المعتمد على رغبته الحقيقية في تحقيق ما يحلم.
فليس هناك قسوة أكثر من شابة في الثالثة عشرة تعرضت للعديد من محاولات التحرش الجنسي، كان منها محاولة تحرش من قبل عمها وأخرى من قبل صديق أمها، إلى أن جاء ابن عمها وقام باغتصابها بالقوة والعنف.
تقول أوبرا: «إن الأشياء التي تخاف منها لا سيطرة لها عليك، بل خوفك»، وفي مكان آخر تقول: «أنا لا أؤمن بالفشل.. إن استمتعت وأنت تحاول فاعلم أنك لم تفشل».
إن التجربة الحياتية والفنية للنجمة الأسطورة في عالمنا الذي نحياه، يقول لنا، كما تؤكد كل الديانات والمذاهب الإنسانية؛ إن فكر الإنسان الفرد هو ما يقوده إلى تحقيق كل شيء، رغم كل الظروف السيئة التي عاشها أو التي تحيط به، احلم بما تريد أن تكون عليه، وسر في طريق تحقيقه ستحصل على حلمك.