الرأي

تسوية المنازعات الخليجية

نقطة نظام

طالعنا البيت الأبيض أمس بمؤتمر صحافي أعلن فيه إلغاء جولة للرئيس الأمريكي باراك أوباما لـ «حلفائه» من دول الخليج، وذلك بسبب حالة الخلاف التي تدور بين الدول الأعضاء، مؤكداً أن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقات جيدة مع كل الدول، ولكن كلاً «على حدة»، وأن أوباما سيكتفي بجولة إلى الرياض فقط.
وهذا الإعلان بحد ذاته يعد إعلاناً دولياً مفاده أن دول الخليج لم تعد متحدة كما كانت، وأن الأمور على صعيد السياسة الدولية قد تغيرت، وأن هناك خلافات أدت إلى عدم القدرة للجلوس على طاولة واحدة، وهو مؤشر سلبي لدول مجلس التعاون بكل تأكيد.
وإن الإعلان الأمريكي عن الإلغاء بحد ذاته يعد رسالة لها مضامينها ولها أهدافها ولم يأتِ اعتباطاً أو عبثاً، ولكنه جاء إعلاناً توصيفياً عن الوضع الذي يمر به الخليج، وهو أن القادة على مستوى من الخلاف، بحيث أنهم لا يستطيعون الجلوس مع بعضهم البعض.
ورغم أننا تحدثنا في وقت سابق، أن الاتحاد الخليجي موجود أساساً في مضامين دول مجلس التعاون، وأنه لا داعي للإعلان عن اتحاد هو موجود أصلاً، النظام الأساسي لدول مجلس التعاون ينص على أنه في حالة نشوب خلاف بين الدول الأعضاء، تشكل هيئة لتسوية المنازعات تتبع المجلس الأعلى، وهذا التزام قانوني على الدول الست، وأعتقد أنه لا يوجد داعٍ أكثر من الوضع الذي تمر فيه دول مجلس التعاون الخليجي لتشكيل مثل هذه الهيئة مثل هذا الوقت.
بل وفي خطوة متقدمة تؤكد أن دول مجلس التعاون تقوم على أسس اتحادية عميقة، كان النظام الأساسي الذي وضع منذ 4 عقود تقريباً أن تشكل هذه الهيئة حسب الحالة التي يمر بها هذا الخلاف، وتصدر هذه الهيئة فتواها وتوصيتها التي ترفع إلى المجلس الأعلى.
لذلك فإن هناك التزاماً قانونياً، يقع على حكام الدول الست، في اللجوء إلى هذه المادة القانونية، في سبيل الحفاظ على الكيان القائم، والوصول إلى نقطة توافق.
وحتى لو كانت هذه الخلافات، أكبر من أنها تكتب على الورق، فلا يوجد ما يمنع، أن يشارك في هذه الهيئة، أولياء العهد في جميع الدول، وأن يكون الحل الأمثل هو الوصول إلى توافق ما بالإجماع.
في كل الأحوال، هذه الجهود لا بد أن تبذل، حيث إن هناك جهوداً مضادة ستبذل من أجل تغذية هذا الصراع الخليجي، وإطالة أمده، إلى أن يصبح واقعاً معاشاً، أو يؤدي إلى نتائج عكسية لا ترغب بها الشعوب الخليجية.
إن إعلان البيت الأبيض إلغاء القمة «الأمريكية - الخليجية» بسبب خلافات القادة، هو إعلان خطير لا يجب أن يمر مرور الكرام، هذا الإعلان بمثابة نفخ في الفوهة الصغيرة الموجودة في درع مجلس التعاون، لزيادة الضغط والسخونة، وتثبيت حالة قائمة على الصعيد الدولي.
إن الجهود لا بد أن تبذل في هذا الوقت بالذات، لتصحيح مسار دول مجلس التعاون، وإيجاد خط سير مستقبلي جامع، إذ إن هذه الفترة تحتاج لزيارات مكوكية بين الوسطاء، وتكثيف الاتصالات الثنائية بين الأطراف، وطرح عدة خيارات ممكن أن تكون حلاً، لا الوقوف وانتظار ردة الفعل من الآخر فقط.