الرأي

%20 زيادة كيف ولماذا؟

على خفيف








موافقة مجلس النواب على مشروع قانون بشأن تعديل جدول الدرجات والرواتب والذي يقر زيادة بنسبة 20% على رواتب موظفي الحكومة، هذه الموافقة تصب في إطار الحلول الترقيعية والسهلة والسريعة التي ينتهجها مجلس النواب في أيام المجلس الحالي الأخيرة والتطلع إلى الانتخابات القادمة، وفي إطار عجز هذا المجلس عن وضع حل مدروس ومؤسسي لمشكلة التفاوت بين الأجور في القطاعين العام والخاص من ناحية وتزايد أعباء وتكاليف المعيشة من ناحية ثانية.
فالمشكلة ليست هي في قول وزير المجلسين من أنه لا يجوز إقرار زيادة الرواتب في ظل وجود دين عام يتنامى بسبب الاقتراض ووصل حتى الآن إلى 6 مليارات دينار، أي أن الحكومة إذا ما نفذت قرار مجلس النواب فإنها ستقوم ولا شك باستدانة المبلغ المطلوب لتلبيته وربما تنتهز الفرصة لاستدانة مبلغ إضافي عليه لتغطية حاجة أخرى في مكان آخر.
ولكن المشكلة هي أن المجلس تطغى على كل تحركاته السياسية والاقتصادية العاطفة الممزوجة في أغلب الأحيان بمصالحهم الشخصية ومصالحهم الانتخابية بعيداً عن المصلحة العامة التي تقتضي إعداد الدراسات أولاً ومعرفة الممكن وغير الممكن ومتى، وإلزام الحكومة بتقديم كافة المعلومات والأرقام اللازمة والداعمة لاتخاذ القرار سواء كان بالموافقة أو بالرفض.
فما يحدث في بلدنا وفي مجلس نوابنا وفي حكومتنا لا مثيل له في دولة يفترض أنها دولة مؤسسات وقانون ودولة ديمقراطية وشفافية ونزاهة، فلا مجلس النواب يوظف المبالغ التي تدفع للأعضاء نظير مصروفات المكاتب من أجل تكليف جهات مختصة بإعداد دراسات علمية واقتصادية تتضمن توصيات تناقشها اللجان المختصة ثم يناقشها المجلس ويتخذ بشأنها القرار الصحيح والمنبثق من الدراسة.
ولا الحكومة تعتمد مبدأ الشفافية في كل ما تقدمه من معلومات وأرقام بشأن إيراداتها النفطية والعامة، ولا حتى مصروفاتها التي تبقى غامضة من ناحية ومفتوحة من ناحية أخرى قبل وبعد مناقشة الميزانية العامة للدولة.
ونتيجة هذا الوضع الهلامي لا يمكن إلا أن تكون كما نحن بصدده من صرف غير معلوم ولا محسوب ومن تحذيرات متكررة من صندوق النقد الدولي وغيره من المنظمات، ومن إهدار مستمر في المال العام ومن فساد متزايد في وزارات الدولة والحبل على الجرار.