الرأي

السفارة الأمريكية مرة أخرى

نقطة نظام

ما ذكره الموظف البحريني في السفارة الأمريكية ليس بالشيء الجديد أو غير المتوقع؛ لكنه يمثل شاهداً حياً على ما كان العديد من المراقبين يتحدثون عنه منذ ما قبل تسريبات «ويكيليكس».
ورغم العديد من علامات الاستفهام التي تتوارد إلى الذهن بعد قراءة هذا التصريح، إلا أنه ليس من المجدي طرحها بقدر ما هو مجدٍ التحدث عن مضمون هذه التصريحات ودلالاتها، كما لا أخفي سراً إن قلت أن التغيير في السفارة أصبح وشيكاً.
يبدو أن هناك إعادة ترتيب للعلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والخليج، بعد الفترة السيئة التي مرت بها تلك العلاقة مع أحداث «الربيع العربي» وأن هناك أمراً يجري تنفيذه من أجل إعادة رسم هذه العلاقة.
وأما عن تصريحات الموظف بالسفارة الأمريكي، فمهما كانت العمليات التي تجري داخل أسوار السفارة، ومهما كانت تلك التقارير التي تصدر من السفارة إلى الإدارة الأمريكية، فإنه من السذاجة أن نقول إن اللوم يقع على السفارة أو إن الإشكالية تكمن في سياسة السفير الشخصية تجاه المملكة.
ما السفير -سفير أي دولة- إلا منفذ لسياسات بلده وأهدافها، وبكل تأكيد هو يتسلم تعليمات واضحة ودقيقة، ويضع تقارير واضحة ودقيقة، وكان لويكيليكس في تلك الفترة الماضية خير دليل على ذلك.
إن تصريحات الموظف البحريني في السفارة لا أريد أنا كمواطن بحريني سماعها، فأنا أعرفها وأعيها جيداً منذ مدة، وأتحدث عنها وأحاول أن أسمع العالم عنها، ولكن لم يكن هناك من يصغي إلي.. هذه التصريحات يجب أن تذهب إلى جميع السفارات المعنية في المملكة، ويجب الحديث عنها عند كل لقاء دبلوماسي أو أهلي على المستوى الخارجي.
مع مثل هذه التصريحات، تجري التسريبات الصحافية أن التسويات التي يجري طبخها تعقد بمعية السفير الأمريكي، وأن السفير يكون حاضراً للعديد من الاجتماعات، والسؤال الذي نعيد طرحه مراراً وتكراراً.. ماذا ننتظر من السفارة الأمريكية من مواقف تجاه المملكة إذا كانت هذه هي سياستها التي تمارسها؟.
لماذا لم نر تفاعلاً رسمياً مع تصريحات الموظف الخطيرة؟! لم يجر في أي دولة في العالم أن صرح موظف في سفارة ما أن السفارة التي يعمل بها كانت تعمل ضد بلده.. لماذا يتم الصمت عن هذه التصريحات وكأن شيئاً لم يكن؟.. لماذا لا يستدعى السفير الأمريكي.. أو أنه فوق مستوى الاستدعاء؟.
لماذا تحضر السفارة الأمريكية في كل مكان.. في تجمع أو تجمهر أو حدث رسمي أو شعبي؟ نحن كمواطنين يطلب منا دائماً في أي محفل أن نعرف عن أنفسنا أو أحياناً يتطلب الأمر تصريحاً مسبقاً لحضور فعالية ما؟ إلا السفارة الأمريكية فلديها تصريح دخول كل مكان في أي وقت تشاء!.
أتذكر جيداً أن السفير الأمريكي عندما أجرى لقاءً مع إحدى الصحف المحلية وتم توجيه سؤال مباشر إليه حول تدخله في شؤون مملكة البحرين والعمل مع أجندات لا تخدم المصلحة الوطنية، ثار غضبه ورد أنه كيف يمكن أن يتم اتهامه بهذا الاتهام الشنيع!!! والآن عرفنا أن السفراء يدرسون التمثيل أيضاً باحترافية.